جوناثان ليذم: هكذا أكتب

جوناثان ليذم (1964) روائي وكاتب قصص قصيرة ومقالات أمريكي. روايته الأولى كانت في 1994 Gun, with Occasional Music, وهي تجمع بين الخيال العلمي والجريمة. حصل على جائزة مجموعة النقاد الوطنية, وحصل في 2005 على منحة مالك آرثر للعبقرية (المترجمة)

                ************************

 

مؤلف الرواية الجديدة Dissident Gardens (حدائق المُنشق) يتحدث عن منحة مك آرثر \”للعبقرية\”, وعن إعجابه بفريق ميتس, والعمل في مقصورة متحركة. 

 

•    صف لنا روتينك اليومي؟

 

نعم, روتيني اليومي. حسناً, حياتي مليئة تماماً بولديّ الصغيرين الرائعين. لدي ولدان, 6 سنوات و3 سنوات. هما مجنونان بالاستيقاظ من النوم باكراً, الأمر الذي فرض علي التفوق عليهما. عندما كتبت \”حدائق المنشق\”, حيث كانت آخر مخطوطة جيدة أنجزتها, عندما كنت في قبضتها الكاملة واحتجت الى العمل باستمرار عليها كل يوم, كنت أستيقظ من الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً. أصنع لنفسي كوب قهوة من آلة النسبريسو, أجلس في الظلام في المطبخ حتى يستيقظ ولداي. ثم أعد لهما الفطور, وأجهز غداءهما للمدرسة, وأحياناً أعود للعمل في وقت لاحق. ولكن إذا كان لدي ساعتان أو ثلاثة في وقت مبكر جداً, فهذا لا يهم. لذا يومي عادة ينتهي قبل أن يبدأ بالعمل أي شخص آخر.

 

•    هل لديك أي عادات مميزة أو مبالغ فيها تتعلق بالكتابة؟

 

ربما أفعل, لكنها عميقة جداً في داخلي لدرجة أني لا أعرفها. أستمع الى الموسيقى, هذا أول شيء. لن يتفاجأ الناس من ذلك, ولكن سيتفاجؤون عندما أخبرهم بأني أستمع أيضاً الى مباراة البيسبول على الراديو. إذا لعب فريق ميتس, سأتابع اللعبة. لدي مسار مزدوج, وأحتاج لملئ أحد المسارين بشيء يشغلني, نوع من الثرثرة. لدي رعب من الهدوء التام.

 

•    أنت عبقري رسمياً, بعد أن حصلت على منحة ماك آرثر للعبقرية, عام 2005. شيء جميل جداً يضاف الى سيرتك الذاتية. كيف كان حفل توزيع الجوائز؟

 

حسناً, أحد الأشياء التي جعلت نظامهم ملحوظاً, هو كرمهم, هم كرماء بحيث أنهم لم يقيموا حفلاً. هم يصرون على أن ليس هناك واجب عليهم للاستعراض, لادخال لقبهم في كتبك, لترتدي شعارهم على قميصك. أنهم يرفضون تقريباً أن تشكرهم. فقط يخبرونك بأن الجائزة قادمة لك, وأنت مدين لهم بلا شيء. يظلون غامضين للمستفيد كأن الجائزة كانت لجمهور أكبر, أو هكذا يبدو لي قبل أن أحصل على الجائزة. اتصلوا بي وقالوا لي بأني فزت وكنت حينها في غسيل السيارات, تحت الفرش والشعيرات, لذلك كان من الصعب أن تسمع ماذا قالوا. ثم بعد ذلك غطوا رهني العقاري.

 

•    كيف تغيرت حياتك بعد المنحة؟

 

أعطتني وقتا. من الصعب حقاً ترك الروتين المتعب والذهاب في رحلة طويلة. تحتاج الى حظ, والفرص مقدسة. عندما فاز كتابي Motherless Brooklyn (بروكلاين بلا أم) بجائزة مجموعة النقاد للكتاب الوطني, شعرت أن بامكاني الزفير, بعد عمل محموم. فجأة اضطررت لتأخير الفرصة, وقدمت روايتي The Fortress of Solitude (معقل العزلة) بطريقة مباشرة, أصبح حظ ماك آرثر مع The Ecstasy of Influence (نشوة التأثير) ـــ مجرد مقال, لكن واحد من أكثر الأشياء المرهقة التي فعلتها في حياتي. ومن ثم كانت رواية  Chronic City (المدينة القديمة), الرواية التي أفتخر بها.

 

•    حدثني عن نهجك الخاص عندما تتصور كتاب جديد, لكن قبل أن تبدأ في الكتابة؟

 

عادة أعيش مع فكرة الكتاب لسنوات, قبل أن أعرف فعلاً ماذا لدي. في لعبة الشطرنج, أقضي الكثير من الوقت في تصور نهاية اللعبة. إنها في رأسي, هذا الشعور العملي لما أريده أن يحدث.  لكن أنا من النوع المتحسس من الملاحظات, والرسوم البيانية, لا أضع كل شيء على الورق. لذا إذا كنت سأموت في منتصف العمل, فان العمل سيكون مثل \”سر أدوين دروود الغامض\”* ـــ لن تكون لديك فكرة عما كان من المفترض أن يحدث لاحقاً. 

 

•    هل لديك هدف يجب ان تحققه في الكتابة كل يوم؟ عدد الكلمات التي تهدف لكتابتها؟

 

أسلوبي في إرضاء نفسي بسيط جداً. أحاول أن لا أحسب أي شيء, الكلمات, الصفحات, الساعات أثناء العمل. لأنها تختلف بشكل كبير مع مرور الوقت, على أي حال. بالتأكيد, إذا كتبت ثلاث صفحات بدلاً من صفحة, ألاحظ ذلك, وأنا متحمس جداً. لكني أعمل كل يوم. إذا فعلت ذلك, كل الحسابات الأخرى, كل الاعتبارات الأخرى, تتلاشى بعيداً. فقط أحرص على إجراء اتصال مع الكتاب كل يوم. وهذا هو ما يحدث.

 

•    هل هناك شيء مميز أو غير عادي في مكان عملك؟ الى جانب ما هو واضح, ما الذي تضعه دائماً على مكتبك؟ أي مشهد يطل عليه مكان عملك المفضل؟

 

حسناً, مساحة عملي الخاصة هي نوع من المقصورة, المقصورة المتحركة. أعتقد بأني عملت على كلا النقيضين, مشاهد كبيرة وجحور صغيرة, مثل مرفأ كافكا. لهذا ربما لا يهم بالنسبة لي, لكني أحتاج الى أن تكون المساحة غريبة وهادفة. يبدو أني نجحت إما في المشهد الكبير أو نقيضه.

جوناثان ليذم: هكذا أكتب

 

 

 

•    أي وجبة خفيفة تفضلها أثناء الكتابة؟

 

أتناول الكثير من زيت الدماغ, السردين أو الأفوكادو مع كعك الرز.  

 

•    أنت تكتب قصصا قصيرة, روايات ومقالات. هل تجد سهولة في كتابة نوع على آخر, وهل يختلف نهجك, إعتماداً على نوع الكتابة؟

 

أشعر اصلاً بأني روائي. أحب الأندفاع في هذا الماراثون الطويل. أحب أن أشعر بهذه الطريقة, بأني في خضم طريق طويل, الى الأبد. أستمتع بكتابة الأنواع الأخرى, التي تمتلك ميزة بسيطة: أنها ستنتهي. يمكنك تجربة دغدغة الانتهاء من شيء ما أكثر من مرة كل ثلاث الى أربع سنوات. تميل هذه الأنواع الى أن تكون مثل سباقات السرعة, متقطعة الى حد بعيد. عندما تلقي نظرة على خط النهاية للعمل الذي تقوم به, فسوف تنتعش, لكني لا أريد التخلي عنه من أجل إرضاء أبطأ.

 

•    عملت عدة سنوات كبائع في المكتبات المستعملة. لقد وجدت نفسي أفكر بخلفية كوينتين تارانتينو, كبائع في متجر للفيديو, قبل كتاباته وتوجهه الوظيفي, أمتص فئة مهمة من الأفلام الكلاسيكية بفضل أيام عمله المملة. على ماذا حصلت, ككاتب, من الفترة التي عملت بها في المكتبات المستعملة؟

 

تلك الفترة تعني لي الكثير. أعني, إذا ما ربطتها بقصة تارانتينو, أعلم أن هناك الكثير من تلك الفترة. أصبحت قارئا لكتب منفية. في المكتبات المستعملة, أنت تقرأ لأناس لا يمكنك إبعادهم. أنا أهتم بشكل كبير بالزوايا المظلمة والشقوق في الرف, خيول الظلام. لدي قدر من التعاطف مع هذه الكتب كما أفعل مع مواجهة المواد الكنسية.

 

•    إذا أحب قارئ قراءة كتبك, لكنه لا يعرف أعمالك, مع أي كتاب تنصحه أن يبدأ؟

 

كتبي مختلفة بشكل جنوني, كل واحد من كتبي. إذا سنحت لي الفرصة, سأقوم بمقابلة القارئ المفترض, واسأله أي الكتب يحب ومن ثم أختار القرب الى ذوقه. سوف أقول رواية \”بروكلاين بلا أم\”, لأنها من أكثر أعمالي جاذبية, حركية ودفئاً. إنها على الأرجح الأفضل للبدء بقراءتي. 

 

•    العديد من كتبك تتجاوز نوعا أدبيا واحدا (الخيال العلمي والجريمة, على سبيل المثال). عندما يحاول كاتب فعل ذلك, فان الناشر ووكيل الاعلانات يرفضون ذلك, لأنهم يعتقدون بأن هذا تشويش للقرّاء ـــ من المفترض أن تختار نوع أدبي واحد, وتضع نوع محدد للقراءة, وتتشبث به. ما هي تجربتك, من جانب النشر العملي, لتنوعات كتبك المختلفة وتلاقح الأنواع الأدبية؟

 

نعم, أنا استبقت إعطاء رأيي حول هذا الموضوع, لأنني كنت عدوانيا جداً حول هذا الموضوع في البداية, قبل أن أعرف أي شيء عن مجال النشر العملي, وقبل أن يخبرني بذلك أحد من عالم النشر العلمي. غامرت بأني سأكون الرجل الذي سوف يقفز حولها. إما أن تكون جيد, أو لا تكون. لكنهم كانوا عاجزين عن إيقافي.

 

•    كيف بدأت بـالمشاريع غير الشرعية, التي قدمت فيها أعمالك الى منتجي السينما والمسرح والموسيقيين, مقابل دولار واحد فقط, وهل تم الأمر كما تمنيت؟

 

نعم, كان ذلك دافعا لي، وكان بمثابة الوقود الذي يدفعني إلى الأمام. سمعت للتو من مخرج فيلم آخر. كانت مجرد تجربة نسخة قصيرة لــفرقة Sleepy People. يبدو وكأنني قدمت هدية للآخرين, لكن العكس هو الصحيح ــ الهدية حصلت عليها أنا. حصلت على سيل من المنتجين والموسيقيين والمسرحيين الذين جاؤوا لي بردود الفعل هذه على قصصي. أنا محظوظ! عليك أن تتذكر, الحظ دائماً هو من يهتم بعملك فقط. لذا لديك هذه المقايضة, وكانت المعاملة بالمثل رائعة.  

 

•    ما الذي يجعلك تضحك؟

 

أطفالي.

 

•    ما الذي يجعلك تبكي؟

 

الانتصارات الرياضية.

 

•    أنت مشجع لفريق ميتس؟

 

نعم, هذا يجلب دموعاً من نوع آخر.

 

•    هل تؤمن بأي خرافة؟

 

من المحتمل نعم. إنها متكاملة بحيث لا أشعر بأنها خرافية. كنت أظن أني تنكرت لخرافاتي بصفتي ذا سلوك عقلاني.

 

•    إذا كان يمكنك أن تعيد الحياة لشخص متوفي, من سيكون؟

 

كيف يمكنني تفسير أني مهمل لباقي المتوفين؟ سوف أقول أمي.

 

•    ما العبارة التي ترددها كثيراً؟

 

ثلاث سنوات تردد لنفسك فهذا يعني تعلم مئات من العبارات التي تفرط في استخدامها. أقول \”فعلاً\” أكثر من اللازم.

 

•    هل كانت هناك لحظة معينة شعرت فيها بأنك انتهيت ككاتب؟

 

مع كتابي الأول. بالنسبة لي كان الأمر بهذه البساطة. كنت على الرفوف. لست بحاجة الى أكثر من ذلك.

 

•    أروي لنا قصة طريفة حدثت معك أثناء جولة كتاب أو حفل توقيع كتاب؟

 

كان ذلك في الوقت الذي ذهبنا أنا وغراهام جويس الى متجر للكتب في ضواحي شيكاغو, لنجلس سوية لتوقيع كتبنا. كان لدينا حرفياً مشترٍ واحد. وليس لديه كتاب. فقط قطعة من الورق للتوقيع. وكانت ممزقة. حتى لم تكن ورقة كاملة. نسبة الكتّاب الى القرّاء كانت 2 الى و1. ليس هناك كتاب لتوقيعه, والورقة التي تشاركنا في توقيعها ممزقة.

 

•    ماذا تريد أن يكتب على قبرك؟

 

سأسرق هذا من صديق آخر لي. جون كيسيل, هو يريد أن يُقرأ على قبره:

\”لم يكن يعلم, لكن كان لديه شك\”.

 

 

المصدر: The Daily Beast

 

* آخر روايات تشارلز ديكينز, ولم ينهها عند وفاته.

إقرأ أيضا