بعد 7 سنوات على فرضها، تتجه وزارة الاتصالات وبدعم نيابي إلى إلغاء الضريبة المفروضة على كارتات شحن الهواتف النقالة وإعادتها لسعرها الأساسي، وفيما أرجعت الوزارة قرارها إلى انتفاء الحاجة للضريبة وتحسن الوضع الاقتصادي للبلد، أكد خبير قانوني أن هذا الأمر يجب أن يدرج بالموازنة، مؤكدا أن استمرار الضريبة طيلة هذه السنوات غير دستوري.الجديد
ويقول مصدر مسؤول في وزارة الاتصالات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الوزارة تعمل وتسعى حاليا إلى خفض أسعار كارتات الهاتف النقال، وليس تسعيرة الاتصالات والرسائل، فهي تريد فقط إلغاء الضريبة التي فرضت على كارتات الشحن في سنة 2015، بسبب الوضع الاقتصادي الذي كان يمر به العراق في وقتها”.
ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “قضية إلغاء الضريبة التي فرضت على كارتات الهاتف النقال من صلاحيات الحكومة وليس لشركات الاتصال أي علاقة بذلك، وبهذا الإلغاء سيكون سعر الرصيد كما مكتوب على كارت الشحن، أي كارت الـ(5) سيكون بـ(5000) دينار فقط وهذا التوجه سيشمل جميع الفئات”.
وكانت وزيرة الاتصالات هيام الياسري، وجهت كتابا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، طلبت فيه إدراج رفع الضريبة المفروضة على كارتات شحن الهواتف النقالة، بأقرب جلسة لمجلس الوزراء لغرض بحثها وإدراجها بقانون الموازنة.
يذكر أن النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، اعتبر قبل يومين الضريبة المفروضة على بطاقات شحن الهاتف أنها “أثقلت كاهل المواطنين خصوصا أصحاب الدخل المحدود”.
وفي هذا الصدد، يوضح الخبير في الشأن القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة العراقية لا تمتلك صلاحية إلغاء الضريبة التي فرضت على كارتات الهاتف النقال، وليس لشركات الاتصال أي قرار بهذا الشأن، فهذا الأمر سوف يثبت ضمن قانون الموازنة، وهو سيكون ملزما لكافة الجهات، فهو سوف يشرع بقانون، كما شرع فرضها بقانون خلال موازنة سنة 2015”.
ويبين التميمي أن “استمرار فرض الضرائب على كارتات الهاتف النقال يعد مخالفة دستورية، فهذه الضرائب تخالف نص المادة 30 من الدستور العراقي والتي ألزمت الدولة بتوفير العيش الكريم للمواطنين، كما أن فرض هذه الضرائب كان لظرف خاص مرت به البلاد وهذا الظرف تم تجاوزه من خلال ارتفاع أسعار النفط وتحسين وضع العراقي المالي والاقتصادي”.
ويشير الخبير القانوني إلى أن “شركات الاتصال لا يمكن لها الاعتراض على إلغاء الضريبة، فهذا الأمر يخص الدولة العراقية، والمفترض أن الزيادة في أسعار كارتات الهاتف النقال تذهب إلى خزينة الدولة العراقية، لكن بصراحة جميع الشركات لا تسدد ما في ذمتها من أموال، وهذا الأمر يعد مخالفة قانونية وتحاسب عليها الشركات”.
وكان رئيس الحكومة الأسبق حيدر العبادي، وخلال الأزمة المالية التي عصفت بالبلد عام 2015، وضمن جملة الإجراءات التي اتخذها بهدف “التقشف”، رفع قيمة الضرائب على كارتات شحن الهواتف النقالة 20 بالمئة.
يذكر أن رئيس هيئة الإعلام والاتصالات علي المؤيد، صرح العام الماضي، بأن إلغاء الضريبة على كارتات الشحن يؤثر على إيرادات الشركات والنسبة المستحصلة من الهيئة بالإضافة الى أنه يؤثر على الخزينة العامة للدولة.
ويحتل ملف فساد شركات الهاتف النقال، حيزا كبيرا من أجندة الدولة العراقية، كونها ومنذ سنوات طويلة تماطل بتسديد ما بذمتها للدولة على الرغم من الأرباح الكبيرة التي تحققها، أي أن هذه الشركات لم تسدد النسب المتفق عليها للخزينة ولا نسبة الضرائب، في ظل أزمة اقتصادية كبيرة يمر بها العراق.
ويعد ملف إيرادات شركات الهواتف النقالة، من الملفات الشائكة والمثيرة للجدل، إذ أقدم رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي على تجديد رخص شركات الهاتف النقال في 8 تموز يوليو 2020، وسط شبهات فساد، إذ جرى التجديد لمدة 5 سنوات من دون أن توفي الشركات ما بذمتها من أموال لخزينة الدولة.
وقد سلطت “العالم الجديد” الضوء على تفاصيل هذا التجديد عبر سلسلة تقارير عديدة، ومن أبرز سلبيات قرار التجديد لهذه الشركات هو تمكينها (الشركات الرئيسية الثلاث) من السيطرة على كافة حزم الاتصال، أي احتكرتها بالكامل، وحصولها على حزم إضافية كان من المفترض أن تكون مخصصة لشركة اتصال رابعة، الأمر الذي يمنع أي فرصة جديدة لمنافسة الشركات الثلاث، والتي كان من المفترض أن تذهب لشركة وطنية.
بدوره يفيد عضو لجنة الاتصالات في البرلمان العراقي عقيل الفتلاوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “مجلس النواب داعم لخطوات وزارة الاتصالات لخفض أسعار كارتات الهاتف النقال من خلال إلغاء الضريبة التي فرضت عليها سنة 2015، بسبب الوضع الاقتصادي الذي مر به العراق بسبب انخفاض أسعار النفط وحربه ضد تنظيم داعش الإرهابي”.
ويتابع الفتلاوي أن “لجنة الاتصالات البرلمانية داعمة لهذه الخطوة، كما ستعمل على مناقشة قضية تخفيض أسعار المكالمات في شركات الاتصالات، إضافة إلى تحسين خدمات هذه الشركات بالاتصال أو الإنترنت، فهناك شكاوى عديدة ضد الشركات”.
ويلفت إلى أن “وضع العراق المالي والاقتصادي جيد جدا والعراق تجاوز أزمته، ولا يوجد أي مبرر لبقاء فرض هذه الضرائب على المواطنين، خصوصا مع ارتفاع نسبة الفقر والبطالة، ولهذا سنعمل على تخفيف العبء على كاهل المواطن من خلال تخفيض أسعار كارتات الهاتف النقال، مع السعي لتخفيض أسعار المكالمات وكذلك الإنترنت”.
وتعد خدمات الاتصالات والإنترنت في العراق من الأسوأ في بلدان المنطقة والأعلى تكلفة أيضا، فبطاقات التعبئة أسعارها مرتفعة مقارنة بالخدمات المقدمة، إذ أن البطاقة الواحدة تستخدم لإجراء المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وتبلغ أقل قيمة لها 5 دولارات، وتحتسب المكالمة فيها بالدقائق وليس بالثواني.
كما يعاني المواطن من ضعف جودة الاتصالات داخل المدن، بالإضافة إلى عدم وصول أغلب الرسائل النصية، ما يحتم عليه تكرار إرسالها ودفع أجرة جديدة لقاء ذلك.
وأثار قرار تجديد تراخيص شركات الاتصال، موجة استياء ورفض من قبل اللجان النيابية والمتخصصين، ومن بينها لجنة النزاهة النيابية السابقة، إذ خاطبت اللجنة، مكتب رئيس الوزراء بكتاب رسمي، تضمن رفضها للقرار، وطالبت بإدخال تعديلات أساسية ضمن شروط العقد، تتضمن رفع نسبة المشاركة في الأرباح المتحققة لهذه الشركات لصالح وزارة المالية العراقية لتصل لما لا يقل عن 75 بالمئة وإشراك ديوان الرقابة المالية في احتساب الأرباح، واستحصال جميع الديون المثبتة على شركات الهاتف النقال بما فيها الغرامات التأخيرية والفوائد المترتبة عليها لدعم خزينة الدولة وسد العجز الهائل في الموازنة.