منذ سنوات وتردي الخدمات يشكل معاناة إضافية للعائلات العراقية، التي تعاني مسبقا ظروفا معيشية قاسية تحت وطأة الغلاء وغياب فرص العمل، إذ أعلنت لجنة الأقاليم في البرلمان، اليوم الأربعاء، عن سعيها لزيادة أموال تنمية الأقاليم في المحافظات إلى مستوى منصف يُمكّن الحكومات المحلية من تقديم مشاريع جيدة.
وقال النائب الأول لرئيس اللجنة، جواد اليساري في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “الموازنات التي خصصت للمحافظات قليلة ولا تغطي كل مساحة المحافظة، في وقت أن أغلب الحكومات المحلية التي استلمت بعد التغيير، كان مستوى الخدمات في محافظاتها بنسبة صفر بالمائة سواء بقطاع المجاري أو الطرق أو غيرها، فيما كان لبعض المحافظات مستوى أعلى يصل إلى نسبة 15 بالمائة”.
وأوضح اليساري، أن “موازنة تنمية الأقاليم توزع حسب نسبة السكان، لذلك يلاحظ أن مخصصات محافظتي المثنى وكربلاء الأقل بين المحافظات، وهذا غير منصف، حيث إن موازنة كربلاء 63 مليار دينار، وهذه قليلة لا تتناسب مع مساحتها الكبيرة والمشاريع التي فيها، وكذلك السماوة التي خصص لها بحدود 54 مليار دينار”.
وتابع أنه “إلى جانب قلة التخصيصات أدى تغيير المحافظين في الديوانية وبابل لأكثر من مرة بسبب التناحر السياسي إلى قصور في تقديم الخدمات لعدم استمرار الحكومات المحلية في المحافظتين”.
وعن غرق الشوارع في الأمطار الأخيرة، رأى اليساري، أن “في كل دول العالم عند حدوث أمطار غزيرة وفيضانات تحصل حالات غرق لعدم القدرة على استيعاب الكميات الكبيرة من الأمطار، كما أن أغلب الصور التي يتم تداولها وقياس مستوى الخدمات عليها هي في الأساس مناطق ريفية وزراعية”.
وأكد النائب، أن “الحكومات المحلية تعمل وهناك تقدم بمجال الخدمات لكن قلة التخصيصات هي ما تعرقل الأعمال، لذلك سوف نسعى لزيادة أموال تنمية الأقاليم في المحافظات”.
وتابع اليساري، أنه “في الموازنة الثلاثية تمت المطالبة برفع تخصيصات المحافظات من 2.5 تريليون دينار إلى 8 تريليونات دينار بنفس الأموال المخصصة للأمن الغذائي، لكن لم تحصل الموافقة، وكذلك عندما نحاول إضافة فقرات تقوم الحكومة بالطعن فيها عند المحكمة الاتحادية ويصدر أمر ولائي بإيقافها”.
وخلص اليساري في نهاية حديثه إلى القول، إن “تخصيصات المحافظات يجب أن تكون جيدة ومنصفة للحكومات المحلية حتى يمكنها تقديم مشاريع جيدة”.
وفي 5 آذار مارس الجاري، توقعت النائبة عن الإطار ابتسام الهلالي، في حديث لوكالة شفق نيوز، وصول جداول موازنة العام الحالي للبرلمان قبل نهاية الشهر الحالي، فيما بينت أن مبلغها الإجمالي والعجز فيها مقاربان للموازنات السابقة.
وصوت مجلس النواب، في 3 شباط فبراير الماضي، خلال جلسته الرابعة للفصل التشريعي الأول للسنة التشريعية الرابعة برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس، محسن المندلاوي، بحضور 176 نائباً، على مشروع قانون التعديل الأول لقانون الموازنة العامة الاتحادية، جاء ذلك وسط مقاطعة 50 نائبا من نواب الوسط والجنوب أغلبهم من المستقلين.
وأثارت تعديلات الموازنة الاتحادية للعام الحالي لغطاً كبيراً داخل الاروقة السياسية حيث القى بعض النواب اللائمة على الحكومة في رفع سقوف الانفاق بينما ردت الأخيرة وبأكثر من مناسبة بان المسؤولية يتحملها البرلمان لإجرائه تغييرات في بنود الموازنة والتلاعب بجداولها المرسلة الى البرلمان.
وجاء الخلاف بين بغداد وأربيل عندما تم تمرير مقترح جديد غير الذي أقرته اللجنة المالية النيابية وتم الموافقة عليه من قبل الحكومتين، سيما المادة 12 الخاصة باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان.
وتتضمن مسودة تعديل المادة 12 من قانون الموازنة فقرتين، الأولى تتعلق بكلف إنتاج ونقل نفط إقليم كردستان بعد تحديد الكلف التخمينية الحقيقية عبر الهيئة الاستشارية، أما الفقرة الثانية، فتنص على أنه في حال عدم اتفاق الحكومتين الاتحادية والإقليم على كلف الإنتاج والنقل، فإن وزارة النفط تتولى اختيار جهة لتحديد تلك الكلف وعلى إثر ذلك يتم احتساب كلفة استخراج النفط
من الحقول النفطية في الإقليم.
وشكا نواب من محافظات الوسط والجنوب ما أسموه بـ”الحيف والظلم”، الذي تضمنه التصويت على تعديل قانون موازنة 2025، وفيما لفتوا إلى أن هذا التعديل يراعي مصلحة الإقليم، أشاروا إلى أنه أبخس حقوق المحافظات الأخرى.
يشار إلى أن موازنة 2024، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية، ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وكان مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، حذر في تشرين الأول أكتوبر 2024، من أن العراق قد يواجه أزمة مالية في موازنة عام 2025 بسبب الانخفاض المستمر في أسعار النفط، الذي يشكل المصدر الرئيسي لإيرادات البلاد.
وكان عضو اللجنة المالية البرلمانية، النائب جمال كوجر، أكد، في 19 تشرين الثاني نوفمبر 2024، أن التعداد السكاني سيعيد توزيع موازنة كل المحافظات، مشددا على ضرورة أن يتم إعادة وإعداد موازنة كل المحافظات بضمنها محافظات إقليم كردستان على أساس التعداد السكاني من جهة وعلى أساس الموارد من جهة ثانية وعلى أساس حساسية المنطقة من جهة ثالثة”.
يذكر أن مجلس النواب صوت في 12 حزيران يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة، وكذلك عدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليونا و828 مليار دينار، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، أي ما يقارب ثلث الموازنة.
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.
يشار إلى أن الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، وفقا لتقرير سابق لـ”العالم الجديد”، وفيه أكد مختصون أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.