صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

“حركات تشرين”.. بين ضرورة التنظيم والسقوط في فخ الأحزاب

أثار إعلان تحالف “حركات تشرين” السياسية، انقساما حادا في صفوف الناشطين بتظاهرات تشرين 2019 بين مؤيدين ومعارضين للفكرة، انطلاقا من بروز “ضغط جماهيري” باتجاه “التنظيم”، وبين احتمال سقوط تلك الحركات في فخ “أحزاب السلطة” أو الانجراف نحو رغباتها.

أثار إعلان تحالف “حركات تشرين” السياسية، انقساما حادا في صفوف الناشطين بتظاهرات تشرين 2019 بين مؤيدين ومعارضين للفكرة، انطلاقا من بروز “ضغط جماهيري” باتجاه “التنظيم”، وبين احتمال سقوط تلك الحركات في فخ “أحزاب السلطة” أو الانجراف نحو رغباتها.

ويقول الناشط المقرب من حركة البيت الوطني نجم الغزي في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الكيانات في التحالف المعلن لم تقرر لغاية الان المشاركة في الانتخابات، وحددوا فترة شهر قبل الانتخابات لاصدار القرار بناء على ما هو موجود على الارض من ضمانات واجراءات، وطالبوا الامم المتحدة بان يكون لها موقف وتقدم تقريرا بذلك”.

ويضيف الغزي “ربما هناك حركات في التحالف تريد الدخول في الانتخابات تحت أي ظرف، لكن التحالف بالمجمل هو خطوة متقدمة نحو التنظيم وانهاء حالة التشظي التي حدثت في الفترة الماضية”، مبينا ان “هذا الامر جاء بضغط جماهير تشرين، خاصة وانه لو تم خوض الانتخابات بشكل مفرد فستكون الاصوات مشتتة”.

ويلفت الى انه “حدث الان تقارب بين حركتي امتداد والبيت الوطني، والامور تسير نحو التنظيم وتوزيع المقاعد والمرشحين، وذلك بالتنسيق مع اغلب الكيانات الجديدة، فانه حسب ما طرح فان الحركات ستخوض الانتخابات بتحالف واحد، في حال قررت المشاركة فيها”.

وحول توسعة التحالف عبر ضم قوى سياسية حالية، يبين الغزي، ان “هناك طرحا بان تنضم للتحالف حركات مثل الوفاء النجفي بزعامة عدنان الزرفي وحركة فائق الشيخ علي او التيار المدني، بهدف ان يكون تحالف اوسع، فيما ذهب البعض الى المطالبة بالتحالف مع رئيس الحكومة الاسبق حيدر العبادي، لكون جميع هذه القوى هي ضد السلاح المنفلت”.

وبشأن الاتهامات التي وجهت الى حركات التحالف، رد الغزي بان “النقطة الاساسية، ان شباب تشرين لا توجد لديهم مرجعيات سياسية او دينية، او هناك مقاول كبير يسيطر عليهم عبر الدعم، فالجميع يعتقد ان له دورا، وعندما يغيب شخص عن اجتماع او لا يتم التواصل معه، يعتقد ان الاخرين يرونه ضد الموضوع، بالتالي فانه يخرج ببيان رافض، والان في ظل وسائل التواصل اصبح من البسيط نشر اي بيان”.

ويؤكد ان “الجزء الاكبر من تشرين هم من المطالبين بهذا التنظيم، شريطة ان يكون شفافا ويبج ان لا يكرر ما فعلته الأحزاب الحالية، إضافة الى ضخ دماء شابة تتناسب مع عمر الشباب المتظاهر”.

 

ويوم امس الاول، أصدرت 8 حركات سياسية أسسها ناشطو تظاهرات تشرين، عن تحالفها معا برعاية حركة امتداد التي يتزعمها علاء الركابي، وأبرز ما تضمنه بيانهم: ان العملية الانتخابية القادمة لن تكون ديمقراطية ونزيهة ما لم يتم توفير العدالة بين جميع القوى السياسية المتنافسة في الانتخابات، وعلى الحكومة ان تكون جادة في تهيئة بيئة انتخابية عادلة ونزيهة باشراف الامم المتحدة، وان تفي بتعهداتها المتضَمَّنة في برنامجها الحكومي، منها محاسبة قتلة متظاهري تشرين والكشف عن مصير المغيبين والمعتقلين ظلما وكذلك حصر السلاح بيد الدولة.

وأصدروا توصيات وهي: اولا: العمل على تعديل الدستور وفقا للمادة 126 منه وان يكون ضمن برامج القوى السياسية لمستقبل العراق، ثانيا: الاتفاق على التفاهمات الانتخابية، ثالثا: ندعو الشعب العراقي الى الاستعداد للمشاركة الفاعلة والواسعة في الانتخابات القادمة من اجل دعم القوى الوطنية المخلصة لتحقيق مطالب الشعب العراقي الوطنية والقطاعية والخدمية.

وحمل البيان توقيع كل من: البيت الوطني، تجمع الفاو زاخو، الاتحاد العراقي للعمل والحقوق، حركة نازل اخذ حقي الديمقراطية، التيار الاجتماعي الديمقراطي، جبهة تشرين، تيار المد العراقي وحركة امتداد. 

وبدأت هذه الحركات بالتأسيس في الذكرى الاولى لتظاهرات تشرين، التي جرت في تشرين الاول اكتوبر الماضي، لتمثل الحراك الشعبي سياسيا، في خطوة لاحداث تغيير سياسي، خاصة وانها ضمت ناشطين بارزين في التظاهرات التي انطلقت في الاول من اكتوبر 2019.

الى ذلك، شن عضو اللجنة المركزية لتظاهرات العراق ايهم النعيمي هجوما على هذه الحركات والتحالف، قائلا إن “المتظاهرين يرفضون ان تتحدث هذه الكيانات باسم تشرين، ورافضين مشاركتها بالانتخابات تحت هذه المسمى”.

ويبين في حديثه لـ”العالم الجديد” أن “اللجنة المركزية ستعقد اجتماعا وتصدر بيانا ترفض فيه هذا التحالف بين الحركات ومشاركتهم في الانتخابات، فانه غير مسموح لهم التحدث باسم المتظاهرين”، متابعا “هذه الحركات لا تمثل التظاهرات، كما ولا توجد اي حركة سياسية تمثلها، وهذه الحركات يمثلها شخوصها فقط”.

ويلفت النعيمي، الى ان “اللجنة المركزية التي تضم 8 محافظات، أكدت في اجتماع جرى بمحافظة واسط، على عدم السماح لاي كيان التحدث باسم تشرين”، متابعا ان “بعض هذه الحركات مدعومة من احزاب السلطة، وهي عبارة عن غطاء سياسي لها”.

وكانت تظاهرات تشرين، اكبر موجة احتجاجية شعبية شهدها العراق بعد 2003، وتحولت فيما بعد الى اعتصام مفتوح في 10 محافظات، ومنذ الايام الاولى للتظاهرات واجهت القوات الامنية المتظاهرين بالرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الدخانية، ما أوقع قرابة الـ600 قتيل و25 الف جريح. 

من وجهة نظر مختلفة، يؤكد الناشط ابراهيم تركي في حديث لـ”العالم الجديد”، على أن “الاجتماع عقد بمبادرة من حركة امتداد للخروج برؤية تجاه الفترة المقبلة، وتم استثناء قوى معينة من الدعوة للاجتماع، ومنها تيار المرحلة والحزب الشيوعي وحركة وعي اضافة الى استثناء الحركة المرتبطة بطلال الحريري بسبب موقفها من إسرائيل ولم يطرح باب الانفتاح عليهم اطلاقا”.

ويوضح تركي “قبل الاجتماع كان موقف بعض القوى واضحا بعدم المشاركة في الانتخابات بظل انتشار السلاح وعدم الجدية في المراقبة الأممية وعدم الوضوح والشفافية من قبل المفوضية في ظل عجز الحكومة المركزية باتخاذ قرارات حقيقية في تأمين الانتخابات”، متابعا ان “البيان الذي صدر لا يمكن تسميته بيان مشاركة او مقاطعة للانتخابات، بل وضع نقاط معينة وفي حال توفرها فمن الممكن ان تشارك قوى معينة بالانتخابات سواء بشكل مباشر او عن طريق دعم مستقلين”.

ويشير الى أن “النقاط تتعلق بمحاكمة قتلة المتظاهرين والكشف عن ملف المغيبين خاصة ما بعد تشرين وحصر السلاح بيد الدولة والمراقبة الأممية”، منوها إلى ان “القوى التي ناقشت هذه النقاط لديها علامات استفهام على ممثلة الأمم المتحدة بشان موقفها السابق والحالي تجاه القوى السياسية الأخرى المشاركة بالانتخابات”.

وحول الاتهامات التي وجهت للتحالف والحركات التي ضمها، يقل التركي ان “القوى التي أدعت انها تمثل تشرين وليس من حق أحد الاجتماع، فلا يمكن الاجابة عليها، حيث كل شيء ولديه جمهوره ويتكلم باسمه، ولم يدع احد بانه ممثل حصري لتشرين، بل الل يمثلون جزءا منها”. 

وأسفرت التظاهرات، عن تقديم رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي استقالة حكومته، نتيجة للضغط الجماهيري وتدخل المرجعية الدينية العليا في النجف، وبعد سلسلة من المباحثات السياسية وترشيح شخصيتين لتولي منصب رئيس الحكومة، صوت مجلس النواب في ايار مايو 2020 على حكومة مصطفى الكاظمي، وأوكلها مهمة التمهيد لإجراء انتخابات مبكرة.

وحول هذا التحالف الجديد، يقول الناشط زايد العصاد في حديث لـ”العالم الجديد” إنه “منذ لحظة تشكيل هذه الكيانات السياسية، فقد صرح اعضاؤها علنا انهم لا يمثلون تشرين، لكنهم شاركوا فيها، إذ لا يمكن لتشرين ان يمثلها كيان، فهي فكرة عابرة لكل المكونات السياسية”.

 

ويشير الى ان “المؤتمر تمخضت عنه عدة اشتراطات واهمها محاربة السلاح المنفلت ومحاسبة قتلة المتظاهرين، واعقتد هذا الاجتماع الزم نفسه بهذه الشروط، وفي حال عدم توفر اي منها، يجب عدم التوجه الى الانتخابات”، مستدركا “اعتقد ان الجزء الغالب من كيانات التحالف سيذهب الى الانتخابات”.

ويستطرد أن “هذه الانتخابات محرقة كبيرة ورصاصة الرحمة التي ستنهي هذه الحركات السياسية فيما لو قررت الذهاب نحوها، فهي انتخابات محسومة النتائج مسبقا، وظروفها غير امنة والوضع الانتخابي مضطرب وعدم وجود تكافؤ انتخابي”، مضيفا “على القوى التشرينية دراسة الجدوى من الانتخابات، مع مراعاة المناخ وعدم وجود تكافؤ في الفرص، عليهم ان يضعوا هذه الامور قبل خوض الانتخابات”.

ويصف العصاد مشاركة هذه القوى في الانتخابات بـ”الانتحار، وانهم ان ابتلعوا الطعم، فسيتم ابتلاعهم باقرب حركة احتجاجية”.

وحول الوضع التنظيمي داخل هذه الحركات، يبين انه “لا يوجد خلاف على شخوص الاحزاب التشرينية، لكن هناك خلاف حول الرؤية والتوجه السياسي لها، وهذا شكل حجر عثرة في اكمال طريق بعض الناشطين معها”، متابعا “اصبحت صعوبة في التواصل والوصول الى نتائج بخصوص الانتخابات، وكنا معارضين لخوض الانتخابات وكنا نرفض دائما وجود ذات سياقات الاحزاب الحاكمة في هذه الحركات”.

ومن المفترض أن تجري الانتخابات في 10 تشرين الاول اكتوبر المقبل، بحسب قرار مجلس الوزراء، الذي صدر بناء على مقترح من مفوضية الانتخابات التي اكدت انها غير قادرة على اجراء الانتخابات في الموعد الذي حدده المجلس وهو حزيران يونيو المقبل.

وتعد هذه الانتخابات، إحدى مطالب التظاهرات التي انطلقت في تشرين الاول اكتوبر 2019، وأجبرت رئيس الحكومة عادل عبد المهدي على تقديم استقالته، ومن ثم المجيء بحكومة مصطفى الكاظمي، التي كان هدفها الاول هو الاعداد لانتخابات مبكرة، وتكون “حرة ونزيهة”.

إقرأ أيضا