من جديد يتكرر مسلسل الحرائق في العراق والذي يعود غالبيتها إلى إهمال إجراءات السلامة، وغياب الإجراءات العقابية بحق المتجاوزين.
حيث نشب، قبل قليل، حريق كبير في مستشفى الزهراء الحكومي للولادة بمحافظة النجف، ليضاف إلى سلسلة حرائق المستشفيات في العراق، مثيرا التساؤلات عما اذا كان عرضي أم مفتعل كسابقيه الديوانية ومستشفى السلام في الموصل.
ويأتي هذا الحريق بعد مرور 48 ساعة على مصرع أربعة عمال يحملون الجنسية السورية جراء حادث الحريق نشب في مخازن تجارية وسط العاصمة بغداد.
إذ قالت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، إن “حريقا اندلع داخل قسم الخدج التابع لمستشفى الزهراء الحكومي للولادة بمحافظة النجف جراء حدوث تماس كهربائي”، مبينة أن “فرق الدفاع المدني هرعت لمكان الحادث”.
وأشارت إلى أن “الكوادر الفنية والعاملين داخل المستشفى تمكنوا من إنقاذ 41 طفلا حديث الولادة، كانوا يتلقون العلاج في قسم الخدج، و العشرات من النساء اللواتي خضعن لعمليات قيصرية”.
وبلغ إجمالي تنبيهات عدد الحرائق أكثر من 18 ألف و700 حريق منذ بداية العام وحتى 15 نيسان أبريل الماضي، فيما كانت نفس الفترة من العام الماضي 2023 عدد الحرائق الاجمالي 15 ألف حريق، بحسب موقع تنبيهات الحرائق العالمي.
وفي السياق ذاته، أعلن مدير مستشفى الزهراء غسان هاتف العكايشي، اليوم الثلاثاء، إيقاف العمل في صالة العمليات والولادة في مستشفى الزهراء وتحويلها الى مستشفى الفرات الاوسط، ومستشفى الحكيم.
وأوضح في تصريح صحفي بثه عبر تسجيل فيديو من موقع الحادث، حصلت عليه “العالم الجديد”، أن “هذا الإجراء جاء لحين تأمين السلامة لصالات الولادة والعمليات داخل مستشفى الزهراء”.
ويسجل العراق سنويا آلاف الحرائق ذهب ضحيتها مئات القتلى وخلفت أعدادا من المصابين، وغالبا ما تعقب مثل هذه الحوادث إجراءات حكومية وتحقيقات، لكنها لم تسفر حتى الآن عن وضع حد لتلك المآسي التي باتت تفتك بالعراقيين.
وكان النائب محمد البلداوي، كشف في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “قضية الحرائق تحتاج إلى جهد أكبر من تشريع قانون، إذ تتطلب دوائر الدفاع المدني الدعم وتعزيز كوادرها بأعداد أكبر، كما يحتاج هؤلاء إلى دورات تدريبية مكثفة وآليات ومعدات، إذ أن المعدات المستخدمة حتى الآن قديمة وبالية وبطيئة الحركة”، مؤكدا أن “عدم وجود إمكانيات متطورة يمكن من خلالها أن توصل رجال الدفاع المدني في وقت سريع لمكان الحريق في حين أن العالم وصل إلى معالجة الحرائق بالطائرات، وهذه الطريقة سريعة وناجعة للسيطرة على مثل هذه الحوادث”، مؤشرا “قصورا واضحا تجاه هذا الجهاز فالحوافز لا تليق بعمل وتضحيات أبناء الدفاع المدني وأن رواتبهم لا تفوق باقي الأجهزة الأمنية، كذلك لا توجد عناية خاصة بهم، فنحن نهتم اليوم بالقوات القتالية ونعطيها أهمية أكبر مما يمنح رجال الدفاع المدني الذين يأخذون على عاتقهم الدفاع بشكل مستميت عن المواطن”.
وفي كانون الثاني وفبراير الماضيين، نشب حريقين في مستشفى النسائية والأطفال بمحافظة الديوانية، أسفر عن وفاة واصابة نحو 36 طفلاً، وحريق في مستشفى السلام جنوب شرقي الموصل، لم يسفر عن خسائر بشرية، إلا أن التحقيقات أثبتت فيما بعد أن الحريقين كانا مفتعلين.
يشار إلى أن النصوص العقابية في قانون الدفاع المدني لا ترقى لأن تكون رادعة للمخالفات التي باتت تشكل أزمة بسبب التراخي في تنفيذ إجراءات السلامة.
ويلجأ العراقيون إلى استخدام السندويش بنل بسبب رخص ثمنه مقارنة بالبناء بالطابوق والاسمنت، حيث انه يمكن بناء مخزن لخزن البضائع او جملون بمبلغ لا يتجاوز المليونين دينار مقابل نحو 15 مليون دينار في حال البناء بالطابوق.
ويعد “ساندويج بنل” من المواد المخالفة لتعليمات السلامة والمحالة إلى القضاء حسب قانون الدفاع المدني المرقم 44 لسنة 2013 لافتقارها إلى متطلبات السلامة من منظومات الإنذار والإطفاء.
وغالبا ما تندلع الحرائق في الأسواق التجارية، وخاصة الشعبية منها، نظرا لتزاحم المحال والمخازن والأسلاك الكهربائية، ومنها أسواق جميلة والشورجة في العاصمة بغداد.
ويتصدر التماس الكهربائي أسباب الحرائق بواقع 13 ألفا و297 حريقا، فيما تلاه 12 سببا آخر، وهي حسب الترتيب من الأعلى بالتسبب بالحرائق: عبث الأطفال، الإهمال، أعقاب السكائر، حوادث حريق العمد بفعل فاعل، حوادث الحريق بسبب شرارة خارجية، حوادث حريق التسرب الغازي، حوادث تسرب الوقود، حوادث حريق بسبب نزاع عشائري، حوادث حريق اصطدام وسائل النقل، حوادث الحريق بسبب احتراق ذاتي، حوادث الحريق بسبب انفجار، إضافة إلى أسباب متفرقة أخرى سجلتها مديرية الدفاع المدني من خلال تقارير الأدلة الجنائية، بحسب بيان للمديرية.