في الوقت الذي تواجه فيه الكوادر التربوية قرارات صارمة من قبل وزارة التربية تتمثل بالإعفاء من مناصبهم، إثر استمرار بعض المحافظات بالإضراب عن الدوام، أعلن رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، اليوم الثلاثاء، عن تصويت البرلمان على حزمة قرارات تشريعية تصب في مصلحة الكوادر التربوية، وذلك عقب تظاهرات في عدد من المحافظات طالبت بزيادة الرواتب وإصلاحات إدارية، فيما وجهت وزارة التربية، بتشكيل لجان خاصة من أجل إنشاء أحياء سكنية خاصة بالمعلمين والكادر التربوي التابع للوزارة، في خطوة لاحتواء غضب هذه الشريحة المهمة في البلاد.
وذكر المشهداني، وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي تلقته “العالم الجديد”، “نزف البشرى لكل المعلمين والمعلمات، والمدرسين والإداريين والمحاضرين والعقود، حيث تم إقرار قانون يتضمن امتيازات طال انتظارها، وذلك تأكيداً على دعمنا للمسيرة التربوية وحرصنا على تحسين أوضاع العاملين فيها”.
وتضمن القانون المصوّت عليه الفقرات التالية: رفع المخصصات المهنية للمعلمين والمدرسين من 150 ألف دينار إلى 300 ألف دينار شهرياً، في خطوة تهدف إلى رفع المستوى المعيشي وتقدير الجهد التربوي.
وتابع: “إضافة مادة قانونية تنص على احتساب الخدمة في المناطق الريفية بشكل مضاعف لأغراض التقاعد، بهدف تشجيع الكوادر على العمل في المناطق النائية وتغطية النقص فيها”.
وأضاف: “تثبيت المحاضرين والإداريين من حملة عقود سنة 2020، ما يمثل استقراراً وظيفياً لشريحة كبيرة ممن قدموا خدمات تطوعية أو بعقود مؤقتة في السنوات الماضية”.
كذلك “صرف رواتب عقود سنة 2024 التربوية، لضمان استحقاقهم المالي وتمكينهم من أداء مهامهم دون تأخير أو تهميش”.
وأشار إلى “شمول جميع الكوادر التربوية بمنح قطع الأراضي السكنية، أسوةً ببقية الشرائح المشمولة بالمبادرات الإسكانية الحكومية”.
وبحسب البيان “لاقت هذه القرارات ترحيباً واسعاً من الأوساط التربوية، وسط آمال بأن تسهم في تحسين الواقع التعليمي وتوفير بيئة عمل مشجعة ومستقرة للكفاءات التربوية في عموم العراق”.
ويُنتظر أن تبدأ الجهات المعنية في تنفيذ هذه الفقرات خلال الفترة القليلة المقبلة، وفقاً للآليات والإجراءات التي ستعلن عنها الوزارات ذات العلاقة.
إلى ذلك، وجهت وزارة التربية، اليوم الثلاثاء، بتشكيل لجان خاصة من أجل إنشاء أحياء سكنية خاصة بالمعلمين والكادر التربوي التابع للوزارة، كاستجابة لأحد المطالب الرئاسية للمعلمين والمدرسين والتربويين المضربين عن العمل في المحافظات العراقية.
وبحسب كتاب صادر عن وزارة التربية، حصلت عليه “العالم الجديد”، وجّه وزير التربية إبراهيم نامس لجبوري، المديريات العامة للتربية كافة بـ “تشكيل لجان عليا لإنشاء الاحياء السكنية الخاصة بالملاكات التربوية والتعليمية وموظفي وزارة التربية في بغداد والمحافظات”.
وأوضحت الوزارة أن “ذلك بناء على مخرجات جلسة مجلس الوزراء الثالثة عشرة، التي أصدر فيها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جملة قرارات تتعلق بالتربويين منها إنشاء الأحياء السكنية الخاصة بالملاكات التربوية والتعليمية وموظفي وزارة التربية، “على أن يتم إشراك نقيب المعلمين العراقيين ورئيس فرع النقابة في كل محافظة في اللجنة”.
استنكرت تنسيقيات الكوادر التربوية المستقلة في البصرة، أمس الاثنين، قرار إعفاء عدد من المدراء في مديرية التربية، دون أي مسوغ قانوني واضح أو إجراء إداري منصف، مؤكدة رفضها هذه السياسة، سواء صدرت من وزارة التربية أو من مدير عام تربية البصرة، وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة للطعن بهذه القرارات.
منذ أكثر من إسبوعين، يعاني قطاع التربية والتعليم في العراق من حالة شلل شبه تام بسبب الإضرابات التي يقودها المعلمون والمدرسون، احتجاجًا على تدني الرواتب وسوء الظروف المعيشية، وسط مطالبات مستمرة بإصلاحات حقيقية تضمن حياة كريمة للكادر التربوي.
ورغم تدخل البرلمان ومحاولته تهدئة الأوضاع عبر إصدار قرارات داعمة، إلا أن شريحة المعلمين لا تزال متشككة في جدية التنفيذ.
ويبدو أن طريق إنهاء الإضراب وعودة الكوادر التعليمية إلى المدارس لا يزال طويلًا، إذ لا تزال بعض المدارس مغلقة بالكامل وأخرى تعاني من إضراب داخلي، في ظل تصاعد حالة الإحباط بين المعلمين والمدرسين الذين يرون أن رواتبهم لم تعد تفي حتى بأبسط احتياجات الحياة اليومية.
وشهدت عدد من المحافظات العراقية، من بينها ذي قار وبابل والبصرة وديالى، خلال الأيام الماضية تظاهرات وإضراب للمعلمين للمطالبة بحقوقهم المالية وتحسين ظروف عملهم، إلا أنها تحولت، الثلاثاء الماضي، في ذي قار إلى ساحات صراع بين المتظاهرين وقوات مكافحة الشغب، حيث قامت الأخيرة بالضرب واستخدام القنابل الدخانية لتفريق الحشود، مما أسفر عن إصابات بين المتظاهرين.
وكانت وزارة التربية قد دعت، في 12نيسان أبريل الجاري، الإدارات المدرسية الى الالتزام بالدوام الرسمي ليوم الأحد واكمال المناهج الدراسية والحصص اليومية المقررة في الجدول كما معمول به قبل عطلة عيد الفطر المبارك.
وتضم وزارة التربية حوالي 940 ألف موظف ما يعني أن اية عملية إضافة في المخصصات قد تعتبرها الدولة “ثقيلة” وسط تصاعد النفقات التشغيلية والجارية أساسا، فيما تكلف وزارة التربية لوحدها حوالي أكثر من 10 تريليون دينار سنويًا كموازنة.
وأكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي،في 11 نيسان أبريل الجاري، حرص البرلمان على المطالب المشروعة لشريحة المعلمين والمدرسين”، مبينا أن “مجلس النواب لن يدّخر جهداً في سبيل دعم حقوق الكوادر التربوية، باعتبارها أساس تقدّم المجتمع العراقي وركيزة بناء جيل واعٍ وقادر على قيادة البلد نحو التطور والازدهار”.