يوفر الحديث المستمر في العراق بشأن نزع سلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي الذي تضغط إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحوه تحقيقه، مادة دسمة للجدل بين القوى والشخصيات السياسية، التي تحاول استغلاله لدعمها انتخابيا.
إلا أنه وفي تطور جديد، أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي، اليوم السبت، ان الحكومة لم تبلغ رسميا بحل الحشد الشعبي او أي مؤسسة امنية أخرى، فيما أشار الى عدم وجود اية ضغوطات حول الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو”، الأمر الذي يكشف حجم الضغوط والصراعات داخل البلاد.
وقال العوادي في تصريح نشرته الوكالة الرسمية وتابعته “العالم الجديد”، إنه “لا توجد عقوبات أو ضغوطات تسلط على العراق بخصوص الفصائل أو الدولار أو شركة النفط “سومو” ولكن هناك نقاشات وتداولات وتبادل وجهات النظر، وأيضا الحديث بمستويات مختلفة مثل وزارة الخارجية أو السفارة أو الوفود وتطرح من قبلهم هكذا أمور لزيادة تحصين الوضع الأمني العراقي فقط”.
وأضاف أن “العراق لم يبلغ رسمياً بحل الحشد الشعبي ولا أي مؤسسة أمنية”، لافتا الى ان “الحشد الشعبي، مؤسسة رسمية وطنية أسست وفق قرار رقم 40 عام 2017 ولن يسمح العراق لأي طرف إقليمي أو دولي بالتدخل بهذه المؤسسة الأمنية، ولم يطالب أي بلد من الحكومة العراقية بأي شيء يتعلق بمنظومة الحشد الشعبي”.
وتابع ان “مجلس الوزراء صوت قبل أسبوعين على قانون جديد للحشد الشعبي شامل ومفصل بعمل هذه المؤسسة الأمنية وهو هيكلة متكاملة لهذه المؤسسة يحدد جميع التفاصيل التي تتعلق بالحشد ومن ضمنها منح الرتب العسكرية”، موضحا أن “الحديث الحكومي مع الفصائل المسلحة مستمر وموقف جميع الأطراف حتى في الأحداث السورية كان موقفاً عقلانياً متوازناً واستطعنا من خلاله تدارك الأزمة”.
وذكر أن “موضوع سحب سلاح الفصائل لم يطرح على العراق كما يوصف الان بالإعلام ولم تتلق الحكومة طلباً رسمياً بهذا الشأن وإنما برسائل خاصة معبرة عن وجهات نظر وكان الطلب باتجاه ضبط السلاح وليس سحبه والحكومة العراقية ماضية بهذا الاتجاه وهي قادرة”.
وحول التواجد الأجنبي، أكد العوادي “عدم وجود قوات عسكرية أجنبية من خارج العراق”، موضحا أن “القوات الموجودة بطلب من الحكومة العراقية وفي معسكرات عراقية تخضع للإشراف العراقي بالكامل ولدينا اتفاق وجدول زمني حتى شهر أيلول عام 2025 المرحلة الأولى ثم أيلول 2026 المرحلة الثانية”.
وتابع ان “الحكومة تسير بالاتجاه الصحيح الذي يضمن السيادة ولم يحصل أي تغيير على الجدول الزمني الذي وضعته اللجنة العسكرية العليا بين العراق والولايات المتحدة لانسحاب قوات التحالف من العراق، ولم تطلب الحكومة العراقية من التحالف الدولي أي تغيير”، لافتا الى انه “في حال حصل حدث كبير في المنطقة يجب على القيادة العراقية أن تدرس هذا الموضوع وأن تتخذ القرار المناسب بشأن التحالف الدولي”.
وكان السياسي عزت الشابندر أكد في 6 آذار مارس الجاري، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجه أوامر للعراق وليست نصائح كما يروج لها”، مبينا أن “ذلك جاء عن طريق إتصال هاتفي لوزير خارجيته بالسوداني، حيث تركزت الأوامر على قطع الغاز الإيراني، ونزع سـلاح الفصائل، وحل الحشد الشعبي عبر دمجه بالمؤسسات الرسمية، بحيث يتم توزيع أفراده على قطاعات مختلفة مثل المرور، الإطفاء، أو حتى كـ”نواطير”، حسب تعبيره.
وأضاف أن “الحديث جاء بالنص :”هذه أوامرنا ويجب أن تنفذوها”، مستطردا بالقول: “إذا لم نستجب لأوامر ترامب فإننا سوف نعاني، لذا يجب على الحكام العراقيين أن يصارحوا شعبهم بهذه الحقيقة لكي يقفوا معهم”.
وفي 25 شباط فبراير الماضي، أجرى وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو، اتصالا هاتفيا مع مع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ناقشا خلاله عددا من المواضيع بينها النفوذ الإيراني في المنطقة، وضرورة استقلال العراق في مجال الطاقة، والاستثمارات التجارية الأمريكية”، بحسب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس
وأضافت أن الجانبين اتفقا “على ضرورة أن يصبح العراق مستقلا في مجال الطاقة، واستئناف تشغيل خط الأنابيب العراقي التركي سريعا والالتزام بشروط تعاقد الشركات الامريكية العاملة في العراق لجذب استثمارات إضافية”.
هذا ولم يذكر البيان الصادر عن المكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي تلك التفاصيل التي أوردتها الخارجية الامريكية في بيانها عن الاتصال الهاتفي بين روبيو والسوداني.
وجاء في بيان مكتب السوداني، أن “الاتصال شهد مناقشة مجالات التنسيق بين العراق والإدارة الأمريكية الجديدة، وأطر التعاون في سياق الاتفاقات الثنائية”، كما جرى استعراض التقدم الحاصل في العمل المشترك في مختلف المجالات، والاتفاق على تكثيف التواصل وتعميق التعاون”.
ويأتي ذلك وسط أنباء عن زيارة مرتقبة للسوداني إلى واشنطن، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما تشير مصادر إعلامية.
وكانت مصادر مطلعة أفادت، مؤخرا، لـ”العالم الجديد”، بأن “موعد الزيارة المرتقب غير محدد حتى الآن لأسباب مجهولة”، مرجحا “حدوث الزيارة التي تأتي لتلبية دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في آذار مارس أو نيسان أبريل المقبلين”.
وتحدث مقربون من ترامب، في وسائل إعلام مختلفة، مؤخرا، أن الأخير سيعمل على عدة أهداف في العراق، أبرزها منع النفوذ الإيراني بمختلف أشكاله، كما سيعمل على منع أي من الفصائل العراقية من مهاجمة إسرائيل بأي شكل من الأشكال، وتحت أي حجة وذريعة كانت.
وتشهد الساحة السياسية في العراق جدلا واسعا حول مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بتسليم السلاح أو الانضمام للقوات الأمنية، لا سيما بعد النكسات التي تعرض لها “محور المقاومة”، وتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم.
وكان رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أكد في 21 كانون الثاني يناير الماضي، أن حكومته تعمل على دمج الفصائل ضمن الأطر القانونية والمؤسساتية، لافتاً إلى أن “الحكومة عازمة على بناء عراق جديد يستند إلى إرثه الحضاري العرب”.
وتداولت وسائل إعلام وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلا صوتيا لرئيس الوزراء العراقي، خلال زيارته للندن أواسط كانون الثاني يناير الماضي، تحدث فيه عمّا يصفه بـ”الرعب”، من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بسبب سياسته المرتقبة، معتبرا في الوقت ذاته، أن ترامب سيركز على شؤون ومشاكل الولايات المتحدة الداخلية.
وأظهر التسجيل الصوتي للسوداني، خلال اجتماع له مع صحافيين وباحثين من الجاليات العربية المقيمة في لندن، وجاء في معرض حديثه عن تطورات المنطقة عموماً والعراق على وجه التحديد، قائلاً: “أكو (هناك) جو رعب من إدارة ترامب مسيطر على العالم كله”، مستدركاً بالقول إن “كل إدارة راح تجي (ستأتي) تتخذ القرارات،ترامب جاء بملف داخلي ومحتار بمشاكله الداخلية، والدول لها مكانتها المستقلة”.
الجدير بالذكر أن مصادر سياسية مطلعة في العراق كشفت، في 18 ديسمبر كانون الأول 2024، عن تلقي الحكومة العراقية رسالة أمريكية محرجة تطالبها بحل الحشد الشعبي ومكافحة السلاح المتفلت وإبعاد تأثيرات دول الجوار على قرارها السيادي، مقابل استمرار الدعم للنظام السياسي القائم، فيما ربطها سياسيون بـ”مؤامرات داخلية” تستهدف إضعاف المكون “الأقوى”، وخلخلة الاستقرار الأمني في البلاد.
يذكر أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أجرى جولة في المنطقة العربية، وقد هبط في العراق بشكل مفاجئ، في 13 كانون الأول ديسمبر 2024، والتقى السوداني، وشدد خلال اللقاء، وفقا لما نقلت وكالة “رويترز” على “التزام الولايات المتحدة بالشراكة الاستراتيجية الأمريكية العراقية وبأمن العراق واستقراره وسيادته”.
ونقلت وسائل إعلام عن “مصادر سياسية”، نقل بلينكن رسائل “تهديد” مباشرة إلى السوداني، بشأن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران في العراق، ومستقبل تلك الفصائل وتحركاتها”.
يذكر أن “العالم الجديد”، ناقشت في تقرير موسع انهيار ما يسمى بـ”محور المقاومة”، عقب سقوط نظام بشار الأسد، في سوريا، وقطع الطريق على تسليح حزب الله اللبناني، وإسقاط نظرية “الهلال الشيعي” على نحو سريع ومفاجئ، وبحسب باحثين ومراقبين، فإن عملية طوفان الأقصى كانت بداية النهاية لهذا المحور الذي حمل إيران كلفة اقتصادية وبشرية هائلة، فيما شككوا بقدرة إيران “التوسعية” مستقبلا بعد موت “وحدة الساحات” ونشاط الداخل الإيراني “المعارض”.