يصادف كل من يصل إلى قضاء الصويرة، الواقع في طريق بغداد- واسط، عشرات البائعين بجوار البساتين لعرض الحمضيات الطازجة التي تقطف وتعرض لتباع في اليوم ذاته.
حسين جليل (45 عاما) يمر عبر هذا الطريق أسبوعيا عبر رحلة عمله في العاصمة، اعتاد أن يشتري من هؤلاء البائعين ما يكفي لأسبوع من البرتقال وبقية الحمضيات.
ويقول جليل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الطعم هنا مختلف جذريا، فالبرتقال والليمون والنارنج المزروع في الصويرة، لا يمكن أن يقارن بالمستورد مطلقا”.
ويضيف الرجل الأربعيني، أنه يقف بشكل مستمر عند وصوله إلى هذه المنطقة لشراء كميات تكفي لعدة أيام، لافتا إلى أن “سعر البرتقال هنا هو 3 آلاف للكيلوغرام الواحد، والنارنج بـ1500 دينار، إلا أن الليمون يباع بـ6 آلاف دينار، لكن هذا الليمون يستحق سعره”، كما يقول.
يأتي ذلك في وقت يعاني المنتج المحلي من تردٍ كبير وعدم إقبال، مقارنةً بالمستورد الذي يدخل العراق بشكل اعتيادي رغم قرارات منع الاستيراد، وفي تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، اتهمت وزارة الزراعة إقليم كردستان بفتح منافذه لدخول مختلف أنواع المنتجات، لكن الجمعيات الفلاحية أرجعت ذلك إلى غياب الدعم الحكومي للمزارعين.
المياه العذبة التي تأتي من نهر دجلة، والبساتين ذات الأرض الخصبة، هي موارد طبيعية منحت قضاء الصويرة شمالي محافظة واسط، فرصة لإنتاج 53 ألف طن من الحمضيات لهذا الموسم حتى الآن، وهو إنتاج عكس على تقاسيم وجه منعم الجبوري، صاحب أحد البساتين فيها، فرحة كبيرة.
وعن قابلية المحافظة لتغطية الاستهلاك المحلي من الحمضيات، يؤكد الجبوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الكميات المنتجة تكفي لاستهلاك 4 أشهر، إلا أن تحقيق الأرباح وتجنب الخسائر، مرهون بمدى التوازن في تواجد النظير المستورد”.
وتعد واسط هي المحافظة الثانية في إنتاج الحمضيات، بينما تتصدر محافظة ديالى المرتبة الأولى بين المحافظات، لكن الأخيرة تعاني منذ من شح المياه، الأمر الذي أدى إلى جفاف عدد من البساتين، وألقى بظلاله على إنتاجية أشجار الحمضيات في مناطق خرنابات والهويدر وبهرز والعديد من القرى والمناطق المحاذية لنهر ديالى.
إلى ذلك، يقول مدير زراعة واسط أركان مريوش خلال حديثه لـ”العالم الجديد”، إن “16 ألف دونم، مزروعة بمليون و600 ألف شجرة من الحمضيات في الصويرة، وهي أرقام تعد ثروة زراعية مميزة، لا سيما وأن هذه الأشجار من البرتقال والليمون والنارنج تستظل بظلال 99 ألف نخلة، زرعت في البساتين ذاتها”.
ويضيف مريوش أن “أشجار البرتقال تصدرت أعداد الحمضيات بواقع 700 ألف شجرة، فيما توجد 600 ألف شجرة من النارنج، و300 ألف من أشجار الليمون”.
وعن الدعم الحكومي المقدم لأصحاب البساتين، يؤكد مدير زراعة واسط، أن “الخطة الزراعية تضمنت تجهيز المزارعين بالأسمدة والمبيدات، الأمر الذي تم بوتيرة مقاربة لما خطط له، عكس السنوات الماضية التي شهدت تلكؤا في التجهيز”.
ويتابع أن “مكافحة الآفات الزراعية التي تصيب هذه البساتين، كانت لها الأثر الواضح في تحسين الإنتاج، وتقليل الخسائر، لا سيما بعد التعاقد مع وزارة الدفاع لإشراك الطائرات المناسبة للرش، في عمليات المكافحة”.
يذكر أن مدير زراعة واسط، انتقد في أيلول سبتمبر الماضي، خفض الخطة الزراعية للمحافظة، متوقعاً تسببها بتأثير مباشر على الكميات المنتجة وعلى مصالح الفلاحين، فيما أشار إلى أن الأنواء الجوية بشّرت بهطول أمطار وتحسن الوضع المائي.
وعلى الرغم من الإنتاج الوفير في محافظتي واسط وديالى من الحمضيات، إلا أن العراق يعد ثالث أكبر مستورد من تركيا، لهذه الفواكه، إذ أعلنت رابطة مصدري الفواكه والخضر التركية، في آب أغسطس من العام الماضي أن روسيا احتلت المرتبة الأولى في صادرات تركيا من الحمضيات بـ 429 مليون دولار، تليها ثانيا أوكرانيا بـ 84 مليون دولار، ثم العراق ثالثا بـ 68 مليون دولار، بينما جاءت بولندا رابعاً بـ 46 مليون دولار، ورومانيا خامسا بـ 42 مليون دولار.
وتعد الحمضيات بأنواعها إحدى أهم الفواكه الصحية، حيث تشير دراسة إلى أنها تساعد في تقليل خطر الإصابة بالخرف بنسبة 23 بالمئة، إذ تم التوصل إلى هذه الاستنتاجات بعد دراسة بيانات أكثر من 13 ألف شخص، ووجد الباحثون أن أولئك الذين تناولوا ثمار الحمضيات كل يوم كانوا أقل عرضة بشكل ملحوظ للإصابة بالخرف في السنوات الست التالية.