بعد أيام فقط من انطلاق الحملة الدعائية لانتخابات برلمان إقليم كردستان، تم تسجيل العديد من المشاكل والخروق، تمثل أغلبها باستخدام عجلات الدولة والأجهزة الأمنية، فضلا عن وضع اليافطات الدعائية بشكل “سيئ” يؤثر على المارة والعجلات، فضلا عن حجبها الرؤية في الطرقات الرئيسة وخاصة في السليمانية.
وهذه الحملة الدعائية التي تستمر حتى الـ15 من تشرين الأول أكتوبر المقبل، لاقت انتقادات واسعة من سياسيين ومراقبين كرد، حيث عدوها “غير مجدية”، فضلا عن استغرابهم من استخدام الآليات القديمة للدعاية، رغم أن تجربة الإقليم “الديمقراطية” تعود إلى أكثر من ثلاثة عقود.
ومن المقرر أن تجرى انتخابات برلمان كردستان في الـ20 من شهر تشرين الأول أكتوبر المقبل، وذلك بعد مخاض عسير وسلسلة تأجيلات طالتها، قبل أن يصدر رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني مرسوما إقليميا يتضمن تحديد الموعد الجديد، وستنفذها مفوضية الانتخابات الاتحادية، بعد حل مفوضية انتخابات الإقليم.
ويقول الكاتب والصحفي الكردي، هاوكار عمر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الصور والبوسترات المعلقة في الشوارع، شوهت المنظر العام، وهذا الأسلوب تقليدي، ولم يعد يجدي نفعا في عصر التقدم التكنولوجي والإلكتروني”.
ويضيف عمر، أن “الصور والبوسترات تم تعليقها على الجدران بطريقة خاطئة، ولم تتضمن إجراءات السلامة، كون مدن الإقليم دائما ما تشهد رياحا عالية، وتحديدا في فصل الخريف”، مبينا أن “هذه البوسترات من الممكن أن تسقط على السيارات والمارة في أي لحظة وتسبب الأذى لهم، كما أن طريقة وضعها شوهت الصورة الحضارية لمدن إقليم كردستان”.
ويشدد على “ضرورة إدراك الأحزاب الكردية بأن الصورة النمطية للدعاية الانتخابية لم تعد تجدي نفعا، في ظل التطور التكنولوجي، وأيضا في ظل دوامة الأزمات التي يعيشها المواطن الكردي، وأزمة تتبعها أزمة أخرى، وهو لم يعد يكترث لموضوع الانتخابات”.
ويتابع “في الوقت الذي تواصل الأحزاب الكردية حملاتها الدعائية، فإن المواطن الكردي يعيش سلسلة أزمات متوالية، لعل أهمها تأخر صرف الرواتب، فضلا عن ارتفاع أسعار الوقود، وتزايد معدلات البطالة والفقر والهجرة للشباب”.
وتشهد شوارع السليمانية وأربيل ودهوك، يوميا مسيرات حاشدة لأنصار الأحزاب، وخاصة الحزبين الحاكمين، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، والذين يقومون باستخدام الشوارع العامة، وحمايات من الأجهزة الأمنية وسيارات الدولة، وسط شكاوى من تأثير تلك المسيرات على تعطيل مصالح المواطنين.
وشهد الطريق الرئيس في محافظة السليمانية، وهو شارع سالم، قطوعات امتدت لأكثر من ساعتين، وسط احتفالات لأنصار حزب فيها، حيث نزلوا للشارع ومارسوا فعاليات عديدة بسيارات الدولة، بغرض الترويج لمرشحيهم، وتتكرر هذه الحالة بشكل شبه يومي في السليمانية.
إلى ذلك، تؤكد المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جمانة الغلاي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك لجنة خاصة لرصد المخالفات خلال الدعاية الانتخابية في الإقليم، والمفوضية تتحرك على كل من يخالف قواعد وقوانين الدعاية الانتخابية وتمنع استغلال موارد الدولة”.
وتطالب الغلاي، المرشحين والأحزاب السياسية بـ”إزالة مفردات الدعاية الانتخابية كافة خلال 30 يوما من اليوم التالي للاقتراع، وبعكسه سيتم ازالتها وتحميل الأحزاب كلفة إزالة المخالفات”، مشددة على “منع استخدام أبنية الوزارات ودوائر الاقليم كافة لأي دعاية أو أنشطة انتخابية للمرشحين والأحزاب والتحالفات السياسية، ويعاقب المخالف بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن 6 أشهر وغرامة لا تقل عن مليون ولا تزيد عن 5 ملايين دينار كل من يرتكب هذه المخالفات”.
وتشهد مدن الإقليم وخاصة السليمانية، موجات رياح خلال هذه الأيام، أدت إلى سقوط اليافطات الإعلانية الحديدية على المارة والعجلات، متسببة بأضرار، فضلا عن بقاء أغلبها ساقطة في الطرقات دون رفعها ما أثر على حركة المرور بشكل طبيعي.
من جانبه، يرى السياسي الكردي المستقل، جمعة محمد كريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أساليب الدعاية الانتخابية للأحزاب الكردية، قائمة على استدراج عواطف ومشاعر المواطنين، ولم نجد برنامجا انتخابيا يوفر الحلول لسلسة الأزمات التي يعيشها سكان الإقليم”.
ويلفت كريم، إلى أنه “نفس الأدوات التي تستخدم للأحزاب العراقية في انتخابات البرلمان الاتحادي تستخدمها الأحزاب الكردية، فهناك صراعات وتصريحات متشنجة، وتبادل الاتهامات، والابتزاز السياسي، فضلا عن استخدام المال السياسي، واستخدام موارد الدولة، وهذا الأمر مرفوض رفضا قاطعا، كونه يعطي ميزة لطرف الأحزاب الحاكمة، على حساب أحزاب المعارضة والمستقلين”.
كما تشهد مدن إقليم كردستان، تجمعات كبيرة لرؤساء القوائم والمرشحين، في الملاعب والساحات الرئيسية، ما يسبب بإغلاق الشوارع وتعطيل مصالح المواطنين، والكسبة على وجه الخصوص، وازدحامات كبيرة في الطرقات.
إلى ذلك، يؤكد الباحث في الشأن السياسي لقمان حسن، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “استخدام المال العام والأجهزة الأمنية، هو جريمة انتخابية، ويجب أن يعاقب عليها الحزب والمرشح الذي يقوم بمثل هذا الأمر”.
ويوضح حسن، أن “الأجهزة الأمنية يجب أن تكون محايدة وليست طرفاً في الصراع السياسي، ولا تدعم أي جهة، ولكنها في كردستان لا تبدو كذلك، فهي تشارك في الحملة الدعائية بقوة”.
ويستطرد، أن “أساليب الدعاية الانتخابية متأخرة، ولا تعكس التقدم في المجالات السياسية والإعلامية، وما زال استخدام ذات الأساليب القديمة، من حضور التجمعات في الأسواق والأماكن العامة، وتقديم المساعدات وتقديم الهدايا للمواطن”.
ووفقا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فإن الحملات تتوقف يوم 15 من تشرين الأول أكتوبر المقبل، أي قبل 48 ساعة من إجراء التصويت الخاص لقوى الأمن والشرطة والسجون التي ستجرى في 18 من الشهر نفسه.
ودعا رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، في كلمته بمناسبة بدء الحملة الانتخابية، إلى إجراء حملة انتخابية هادئة وحضارية، وحث الأحزاب المتنافسة على تقديم برامج انتخابية تكون محل ثقة المواطنين في إقليم كردستان.