فشل مهند جميل، وهو مهندس معماري، في مغادرة شعوره باللاجدوى إزاء جميع التحركات المدنية الرامية الى الضغط على مؤسسات الدولة بغية تحقيق مطلب ما، لكنه بالرغم من ذلك أدرج اسمه وعنوانه الوظيفي في تعليق تحت منشور (بوست) لصديق له على \”فيسبوك\” هو عبارة عن بيان يحمل عنوان \”إنها بغداد\”.
والبيان هو المنشور الرسمي لحركة اطلقتها مجموعة تضم مختصين بشؤون العمران، اضافة الى مثقفين وناشطين وفنانين وإعلاميين، وتهدف الى \”تغيير واقع بغداد المزري وإزالة ما اصابها من تشوهات واستباحات لمعالمها وهويتها ومبانيها التراثية\”، بحسب البيان.
وابرز مطالب الحملة تشريع قانون يحمي الإرث العمراني والحضاري لمدينة بغداد، وتفعيل القوانين العراقية التي تمنع إزالة أو إضافة أو ترميم عشوائي يتداعى إلى تشويه الأبنية التراثية، ومنع تمليك الأراضي على طول ضفتي نهر دجلة.
ويقول جميل (38 عاما) لـ\”العالم الجديد\” إنه يشعر بحزن بالغ عندما يتجول بسيارته في شوارع العاصمة وينظر إلى مشاهد الخراب المنتشرة فيها.
ويضيف جميل \”أتفادى الخروج في بغداد قدر المستطاع حتى لا يؤلمني الشعور بخيبة الامل\”.
ويوجه مطلقو الحملة النداء عبر بيانهم الى رئيس جمهورية العراق، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ومحافظ بغداد، ورئيس مجلس محافظة بغداد، وأمين بغداد، ورئيس ديوان الوقف الشيعي، ورئيس ديوان الوقف السني، ورئيس ديوان اوقاف الطوائف المسيحية واليزيدية والصابئة المندائية في العراق، والمسؤولين في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
ويبلغ عدد الموقعين على البيان الذي أخذ ينتشر في صفحات فيسبوك 112 موقعا، بينهم أكاديميون وفنانون وإعلاميون وناشطون مدنيون وأطباء ومهندسون وتدريسيون ورجال أعمال، وغير ذلك.
وهذا العدد غير نهائي، اذ انه بدأ بالارتفاع بعد إنضمام عشرات الأعضاء في فيسبوك الى الحملة عبر ادراج اسمائهم وعناوينهم الوظيفية ضمن قائمة الموقعين على البيان.
ويقول جميل \”لا اعتقد ان ما نفعله سيثمر عن شيء (…) لا احد يريد الاستماع، ولكن مع ذلك علينا ان لا نتوقف عن المحاولة، هذا رأيي في الموضوع\”.
ويعتزم مطلقو الحملة عقد مؤتمر صحفي الاسبوع الحالي لـ\”إطلاق هذا النداء\” مع مجموعة من الفعاليات المختلفة، كما ورد في البيان.
ويطالب البيان الجهات الموجه اليها بـ\”العمل جديا لإيقاف الأعمال والاجراءات الارتجالية، التي شوهت وما زالت تشوه معالم هذه المدينة المنكوبة المنكسرة (بغداد)، بعدما حولتها الانتهاكات إلى خرائب مشوهة لا تنتمي إلى عصرها وتاريخها، ولا تمت بصلة إلى لحظتنا المدنية التي يجب أن تنتمي إلى روح عصرية يسودها الجمال وخصوصية الهوية الثقافية، بما يضيف إلى بغداد ويحسب لها، ولاسيما في مناطق مركزها الصغير الباقي من اصلها، والذي يشكل 1\\300 من مساحتها المبنية، مما يستوجب الحفاظ عليه قبل ضياعه بشكل كامل\”.
ويركز أيضا في \”منع تمليك الأراضي على طول ضفتي نهر دجلة، حيث انها من محرمات النهر التي يجب أن تبقى ملكا خاصا ببغداد وحدها وليس لاشخاص مهما كانت مناصبهم\”.
ويضيف ان \”بغداد فقدت صلتها المشيمية بجبهة الماء، ودرست شرائعها، وهو ما يخالف سجيتها حينما وجدت كهبة للنهر متطلعة إليه\”، مؤكدا انه \”لا يوجد نهر في مدائن العالم قد ادبر جبهة الماء وألغى إطلالة المدينة على شاطئه بهذه الطريقة التي تدعوا (تدعو) للأسى، بما تداعى أن ينقطع الوصل بين بغداد وشريانها الدجلوي، بعدما كانت تنفتح وظيفيا وجماليا وبيئيا عليه\”.
وينتقد البيان \”تغيّر ملامح المدينة وخريطتها لصالح منشآت إرتجالية وعمارات سمجة مغلفة بالاكوبوند القبيح\”، ويؤكد انه \”بات من غير المستغرب أن نجد شوارع المدينة وساحاتها وحدائقها العامة وقد غدت مراعي للماشية ومكبات للقمامة والأنقاض والازبال وآسن المستنقعات ومياه المجاري الثقيلة، وهو الأمر الذي يكرس خيبة الأمل، ويزيد فينا الألم والحسرة على مدينتنا وعاصمتنا بغداد المسكينة\”.
ويقول احد المعلقين على البيان في فيسبوك ان \”هذا البيان وما فيه من كلمات جميلة اشبه بالاسطورة التي لن تتحقق حتى بعد 100 سنة.. ما يجري هو ثأر من بغداد.. ننتظر ان تنتهي دورة الثأر حتى يتحقق الحلم.. آسف لن اوقع الآن.. عذرا بغداد، لم نعد نملك سوى امنيات\”.
ويشدد البيان على \”دور مجلس النواب بشكل خاص ليتحمل، وفق الصلاحيات الدستورية التي يملكها كجهة تشريعية ورقابية، مسؤوليته الكاملة تجاه عاصمة جمهورية العراق الاتحادية\”.