رأى خبراء ستراتيجيون أن التحول في العلاقات العراقية التركية تقف خلفه ضغوطات دولية، اضافة إلى تراجع شعبية حزب اردوغان الذي دفع به إلى اجراء اصلاحات على سياسته الخارجية، ومنها تغيير مسار العلاقة مع بغداد.
وفيما توقع الخبراء تخوفا كرديا من تقارب قد يأتي على حسابهم، لم يستبعد نائب كردستاني بحث حكومة الإقليم عن تطمينات تركية في زيارة يجريها رئيس حكومة الإقليم إلى أنقرة.
وفي حديث مع \”العالم الجديد\” أمس الأربعاء، قال واثق الهاشمي، مدير مركز الدراسات الاستراتجية، إن \”هناك ضغوطا سياسية مورست من أطراف دولية، أدت إلى تغيير مسار العلاقات العراقية التركية\”.
واضاف الهاشمي، أن \”للوضع في سورية علاقة كبيرة في التحول، كما أن الاقتصاد التركي بحاجة لانفتاح في العلاقات وتجاوز الخلافات\”، مشيرا إلى أن \”هناك اكثر من 15 مليار دولار يتم استثمارها من قبل تركيا في العراق\”.
وحول زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان إلى أنقرة، لفت الى أن \”القلق الكردي واضح من التقارب بين الحكومة الاتحادية وحكومة تركيا، حيث أن الأكراد استخدموا كردستان ومشاكلها مع الحكومة الاتحادية كورقة ضغط، وهذا على ما يبدو قد انتهى الان ولم تعد لتركيا حاجة بهذه الورقة الضاغطة وستدير لها ظهرها\”.
وزاد مدير مركز الدراسات الاستراتجية، بالقول إن \”شعبية اردوغان وحزبه في تنازل مستمر في تركيا، وهذا ما جعله يبحث عن حلول جديدة لاستعادة شعبيته، من خلال إجراء اصلاحات على السياسية الخارجية\”.
وكان رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي فولكان بوزكر، قد كشف في 22 تشرين الأول 2013، أنه يحمل دعوة من رئيس حكومته إلى نظيره العراقي نوري المالكي لزيارة أنقرة، مؤكدا أن رئيس البرلمان التركي سيزور العراق قريبا.
من جانبه، بين النائب محمد مهدي جمشيد، عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، أن \”زيارة نجيرفان بارزاني إلى أنقرة، ترتبط بشكل أو بآخر بالدعوة التي وجهها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان إلى نظيره العراقي نوري المالكي\”.
وأوضح النائب جمشيد، لـ\”العالم الجديد\”، امس، أن \”هناك الكثير من المسائل المشتركة التي تربط حكومتي الاقليم والاتحادية مع تركيا، كالمسائل الاقتصادية وعلى وجه الخصوص مسألة تصدير النفط العراقي سواء من حقول كردستان أو بقية الحقول النفطية في العراق\”.
ولم يستبعد عضو لجنة العلاقات الخارجية من أن \”البحث على تطمينات كردية تكمن وراء زيارة رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني\”.
وبخصوص التحول في العلاقات العراقية التركية، التي أسفرت عن دعوة اردوغان للمالكي لزيارة انقرة، رأى جمشيد وهو نائب عن التحالف الكردستاني أيضا، أن \”هذه التحولات مقترنة بتحولات المنطقة وما يدور فيها، إذ أن التوجه نحو حل الأزمة السورية سياسيا من خلال مؤتمر جنيف 2\”.
ولفت إلى ان \”للدور الإيراني والتركي في الأزمة السورية وتأثيرات هاتين الدولتين في العراق، دفع باتجاه تحسين العلاقة، لوجود مشتركات مع العراق تتعلق بالأزمة السورية وما يدور فيها\”.
وأضاف عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، أن \”الدافع الاقتصادي له دور كبير ايضا في هذا التحول، فهناك حاجة مشتركة بين الطرفين في إقامة علاقات اقتصادية قوية، وذلك لحاجة العراق لشركات رصينة. ولا يوجد في دول الجوار من يتوافر على هذه الشركات سوى تركيا، وكذلك حاجة تركيا إلى سوق استثمار وعمل وهذا ما ينطبق على العراق\”.
من طرفه، كتب سامي كوهين، صحفي تركي، في صحيفة \”ميللييت\”، أن أردوغان انغمس بالكامل في الشأن الداخلي العراقي وحمى طارق الهاشمي بعد فراره\”، مؤكدا انه لتصحيح العلاقات فإن \”على أنقرة أن لا تكون طرفاً متدخلاً، بالإضافة إلى ترتيب أمور الطاقة بين العراق وتركيا الذي فيه مصلحة لهما\”.
ورأى الكاتب كوهين، أن دعوة أردوغان المالكي لزيارة أنقرة \”تعكس خطوة تراجع تركية. وهي خطوة إيجابية يمكن أن تشكل نموذجاً يجب تكراره بما يتعلق بالموقف التركي من مصر\”.
بيد أن المحلل الستراتيجي أمير جبار الساعدي، أشار إلى \”التأثير الذي أحدثه التقارب الأميركي الروسي في أزمة المنطقة، متمثلا بالعزوف عن خطوة الضربة العسكرية والتوجه صوب تفكيك وتدمير الاسلحة الكيماوية السورية، والذي بدوره قاد نحو تقارب إيراني أميركي أيضا، وبالتالي حل بعض عقد تشنج سياسة المحاور في المنطقة التي كانت تدار بشكل واضح من قبل تركيا ومن معها وإيران ومن يساندها من جهة أخرى\”.
وتابع القول، في حديث مع \”العالم الجديد\”، امس، إن \”درس التظاهرات التركية المعارضة، ومن ثم رغبة PPK بالتراجع عن اتفاق السلام مع الحكومة التركية كلها أتت أكلها بخطوة ترطيب الاجواء، وانهاء حالة الفتور في العلاقة بين البلدين، بزيارة رئيس البرلمان العراقي اسامة النجيفي الى تركيا الشهر الماضي، ولقائه عبدالله غول واردوغان ووزير الخارجية احمد اوغلو وكذلك رئيس البرلمان التركي، والتباحث معهم حول تطورات الازمة السورية وتداعياتها في المنطقة والعلاقات الثنائية والملفات المشتركة بين البلدين\”.
وحول زيارة نجيرفان بارزاني إلى أنقرة، اشار الساعدي إلى أن \”هناك أكثر من محور يحمل زيارة نجيرفان بارزاني الى تركيا، أولها ليس التخوف من التقارب بين المالكي وأردوغان وحسب، بل عملية تقاسم الاحزاب الكردية السلطة بعد الفوز الكبير الذي حققه الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات الاخيرة\”، لافتا إلى \”زيارة المسؤولين الايرانيين الى الإقليم ومحاولة بحث تدعيم التوافق بين الاتحاد والتغيير\”.
وأضاف أن \”المحور الثاني هو محاولة السيطرة على PPK بترك اتفاق التهدئة مع الحكومة التركية، وكذلك ايجاد سبيل لعدم ضغط تركيا على حزب العمال بعد أن جدد البرلمان التركي تمديد حالة التدخل العسكري مرة أخرى\”.