خبراء لرويترز: الترسانة السورية مثار قلق حتى في غياب الكيماوي والنظام يحقق مكاسب بسبب عنف الإسلاميين

يوم الاحد الموافق 29 ايلول أعلن الرئيس السوري بشار الاسد للعالم في مقابلة أذاعها التلفزيون الايطالي اعتزامه التخلص من الاسلحة الكيماوية بعد قبوله اتفاقا تم التوصل اليه بوساطة روسيا لإثناء الولايات المتحدة عن اتخاذ إجراء عقابي.

وفي صباح ذلك اليوم أسقطت قواته فيما يبدو بعضا من أقوى الاسلحة التقليدية التي استخدمت حتى الان في الحرب الاهلية في بلدة الرقة. وبفحص الادلة التي عثر عليها في مكان الهجوم وبعد شهادات الشهود خلصت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان الى ان القتلى البالغ عددهم 14 شخصا كثيرون منهم أطفال لاقوا حتفهم نتيجة استخدام \”قنابل فراغية\”.

ورغم أن الحكومة السورية تعمل مع مفتشي الامم المتحدة لتدمير اسلحتها الكيماوية يشير حجم الترسانة المتبقية وتعثر وصول الامدادات لخصوم الأسد الى انه ليس هناك ما يدعوه لان يخشى من التخلي عن قذائف الغاز السام من النوع الذي قتل مئات في مناطق تسيطر عليها المعارضة قبل شهرين ودفع واشنطن إلى التلويح بالعقوبات.

والقوة المسلحة النسبية يصعب تقديرها وهي مجرد عامل من عدة عوامل يمكن ان تحسم نتيجة الحرب التي قسمت سورية على اسس طائفية وجرت إليها قوى خارجية متنافسة. لكن استخدام الاسد مثل هذه الأسلحة القوية في وقت يتركز الاهتمام الدولي فيه على تفكيك اسلحته الكيماوية يؤكد المصاعب التي تواجهها المعارضة وحلفاؤها الغربيون الذين يريدون اجباره على التنحي.

وتشير بيانات الحركة الجوية الى ان قطر ربما أوقفت شحن أسلحة الى معارضي الاسد كما أن هناك دلائل اخرى على تعثر وصول الامدادات الى المعارضة رغم تعهد الولايات المتحدة بالمساعدة وهو ما قد يفسر المكاسب الحكومية في الاونة الاخيرة. وتزداد جهود تسليح جماعات المعارضة الاخرى تعقيدا وسط مخاوف الغرب من وجود اسلاميين في صفوف المعارضة.

قال ديفيد هارتويل المحلل بمؤسسة آي.إتش.إس جينز \”في الوقت الذي يزداد فيه القلق من النفوذ الاسلامي يبدو الصراع بين المعارضين أكبر مما يحصلون عليه من امدادات\”.

القنابل الفراغية

القنابل الفراغية جزء صغير لكنه مخيف في الاسلحة التقليدية التي تستخدمها المدفعية والدبابات والطائرات والتي طورتها القوات السورية منذ نشوب القتال عقب احتجاجات بالشوارع في عام 2011.

ويعتقد خبراء ان القنابل التي أسقطت على الرقة روسية الصنع مثلها مثل كثير من معدات الاسد. وهي تفجر سحابة من البخار فوق الارض مع انفجار هائل يمتص الاكسجين من منطقة واسعة. ويتسبب هذا في إزهاق الأرواح بطرق مختلفة منها تمزق الرئة.

استخدمت القوات الروسية هذه القنابل في الشيشان واستخدمها الاميركيون مع طالبان في أفغانستان ويرجح البعض ان تتسبب في قتل مدنيين إذا استخدمت في ميادين المعارك بالمناطق الحضرية في سورية.

ويقول ناشطون من المعارضة ومراقبون مستقلون يتابعون تسجيلات الفيديو على الإنترنت وروايات عن القتال في سورية إن هذا لم يردع قوات الاسد عن استخدام القنابل الفراغية.

وظهرت في الاونة الاخيرة دلائل على ان القوات السورية تسقط \”قنابل برميلية\” بدائية وغيرها من المتفجرات المحلية الصنع مما دفع بعض المحللين الى التساؤل عما ان كان هناك نقص في الامدادات العادية. لكن من غير المرجح نفاد واحدة من أكبر الترسانات في المنطقة قريبا.

وتشير تقديرات خدمات الابحاث بالكونغرس الاميركي الى ان سورية اتفقت في السنوات الثلاث السابقة على اندلاع القتال على مشتريات اسلحة قيمتها خمسة مليارات دولار معظمهما من روسيا. ويعتقد كثير من الخبراء ان روسيا وايران قدمتا مزيدا من الاسلحة منها قطع غيار لكي يستمر عمل أجهزة الرادار والطائرات والنظم الاخرى.

واستمر قصف بطاريات المدفعية السورية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة لأيام. وفي اغسطس اب قالت المعارضة ان الجيش السوري أطلق مواد فوسفورية ومواد مماثلة احرقت بشرة المدنيين الذين تعرضوا لها ذلك إلى جانب هجمات الغاز السام قرب دمشق التي أنحت الحكومة بالمسؤولية فيها على المعارضة.

ويقول خبراء يتابعون الصراع ان الجيش استخدم أيضا قنابل فراغية من قبل. وقالت هيومن رايتس ووتش ان الهجوم على الرقة شمل على الارجح ذخائر أو.دي.إيه.بي الروسية الصنع.

وقالت بريانكا موتابارثي الباحثة بمنظمة هيومن رايتس ووتش \”بينما يسعى العالم للسيطرة على الاسلحة الكيماوية السورية تقتل القوات الحكومية المدنيين بأسلحة أخرى بالغة القوة\”.

وقالت منظمة مكافحة العنف المسلح في الشهر الماضي ان ذخائر أو.دي.إيه.بي-500 بي.إم ضمن الأسلحة \”القذرة\” لدى سورية وهي المتفجرات البالغة القوة أو غير الدقيقة التي يجب عدم استخدامها في مناطق مأهولة بالسكان.

كما أشارت الى الدبابة تي-72 التي تستخدم قذيفة إم240 -وهي أكبر قذيفة مورتر في العالم- وصواريخ جراد. ومعظم هذه الذخائر استخدمتها قوات الاسد -وان كان المعارضون استولوا على بعضها وأطلقوها- كما تم استخدام أساليب حرب العصابات مثل الشاحنات الملغومة.

مشاكل المعارضة

وتظهر قوات الاسد في وضع دفاعي في اجزاء من البلاد خاصة الشرق. ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان المؤيد للمعارضة ان 47 الف جندي ومقاتل من الميليشيات الموالية للاسد قتلوا منذ عام 2011 وهو ما يمثل 40 في المئة من اجمالي عدد الذين قتلوا في الحرب.

لكن الحكومة حققت مكاسب مهمة وخاصة في مناطق حول دمشق.

وقال العديد من قادة المعارضة لرويترز ان السعي للحصول على السلاح يمثل تحديا مكلفا يوفر تجارة مربحة للمهربين الذين يعملون من لبنان وليبيا.

ويقول مسؤولون اميريكون ان واشنطن بدأت تنفذ تعهدا قدمته في حزيران بتسليح المعارضة. لكن الشحنات تقتصر حتى الان بدرجة كبيرة على الاسلحة الصغيرة مثل البنادق. وقدمت بعض الحكومات الغربية معدات عسكرية \”غير فتاكة\” لجماعات المعارضة مثل أنظمة اللاسلكي والسترات الواقية.

وقدمت دول خليجية وخاصة السعودية وقطر مزيدا من السلاح بما في ذلك صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ مضادة للطائرات.

لكن الانقسامات بين جماعات المعارضة واقتتالها عرقل عملها. ومع تشديد تركيا والاردن القيود على الحدود حذرا من الجماعات الاسلامية التي انتشرت داخل سورية بات وصول الشحنات أكثر صعوبة.

وفي الشهور القليلة الاولى من هذا العام أظهرت بيانات الحركة الجوية التي حصل عليها معهد ستوكهولم الدولي لابحاث السلام واطلعت عليها رويترز تنظيم عدة رحلات جوية لتركيا اسبوعيا بطائرات نقل من طراز سي-17 تابعة للقوات الجوية القطرية.

لكن المعهد قال انه كانت هناك ثلاث رحلات فقط منذ بداية اب. ويعتقد المعهد ان الطائرات كانت تحمل اسلحة ربما كان بينها صواريخ إف.إن-6 الصينية الصنع المضادة للطائرات وصواريخ إتش.جيه-8 المضادة للدبابات والتي ظهرت في سورية في ذلك الوقت.

وفي الشهور الاخيرة تصدرت السعودية مساعي تنظيم القوة العسكرية للمعارضة السورية متقدمة على قطر التي يقول البعض انها ساعدت في تسليح جماعات اسلامية معادية للغرب وللاسرة الحاكمة في السعودية.

ويقول خبراء ان الكثير من الاسلحة التي تصل الان تأتي فيما يبدو من أثرياء خليجيين يقومون بتهريب كميات صغيرة غالبا من ليبيا ويقولون إنها تذهب الى جماعات اسلامية متشددة صغيرة.

وأدى اتفاق الامم المتحدة بشأن الاسلحة الكيماوية لدى سورية -والذي كان بمثابة اتفاق نادر بين موسكو وواشنطن بخصوص الصراع- الى جهود جديدة للتفاوض على السلام في جنيف. لكن لا يبدو هناك احتمال يذكر لان توقف الاطراف المتحاربة على الفور استخدام كل الاسلحة المتاحة لها بحيث تكون لها اليد العليا.

إقرأ أيضا