يبدو أن تفاؤل المراقبين للوضع الأمني في بغداد، بانحسار العمليات المنفذة بالسيارات الملغمة بسبب هجمات القوات الأمنية على معسكرات داعش، قد تبدد بعد موجة التفجيرات التي هزت بغداد مساء أمس الاثنين.
وفيما رأى خبير استراتيجي أن الهجمات التي تعرضت لها بغداد بالأمس، تقف وراءها دوافع سياسية، أشار إلى أن القوات الأمنية سخّرت كل جهودها لدعم العمل التعبوي في محافظة الأنبار وأهملت مراقبة الوضع الأمني في العاصمة.
وشهدت مناطق الشعب والشعلة وشارع الخلفاء في بغداد، سلسلة تفجيرات متعاقبة أوقعت العديد من القتلى والجرحى، فيما تخوض القوات الأمنية معارك مع تنظيمات مسلحة في مناطق غرب العراق.
وفي حديث مع \”العالم الجديد\” أمس الاثنين، قال الخبير الأمني أحمد الشريفي، إن \”ما حدث في بغداد أمس هو خرق أمني تقف وراءه دوافع سياسية، معتمدة على خلايا نائمة بعيدة عن قواعد الاشتباك في محافظة الأنبار\”.
وأوضح الشريفي أن \”هناك جهات تستهدف العملية السياسية في العراق، وتحاول إفشال أي جهد أمني تقوم به الحكومة، لذا فأنها حين تقوم بضرب بغداد بسلسلة تفجيرات تحاول إيصال رسالة مفادها أن الحكومة عاجزة عن توفير الأمن في العاصمة\”.
وبين أن \”ما تقوم به القوات الأمنية في غرب العراق بمناطق هي لا تمثل خطرا حقيقيا، حيث يمكن أن تقوم الصحوات والعشائر بسد الثغرات الأمنية هناك، دون الحاجة إلى عمليات انتشار واسعة ترهق القوات العسكرية وتبدد الجهد التعبوي\”، لافتا إلى أن \”الخطر الحقيقي الذي يهدد العراق هو ينطلق من محافظتي ديالى ونينوى\”.
ورأى الشريفي أن \”تفعيل الجهد الاستخباري كفيل بمعالجة الخروقات التي تحدث في بغداد بقية المدن الأخرى، إلا أن هذا الجهد موجه لخدمة العمليات العسكرية مما تسبب بإعطاء الخلايا النائمة فرصة كبيرة للتحرك نحو اهداف منتخبة\”.
وقالت الشرطة العراقية إن سلسلة من التفجيرات باستخدام سيارات ملغومة أدت إلى مقتل 21 شخصا على الأقل في بغداد أمس الاثنين في أعمال عنف تتزامن مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون للعاصمة بغداد.
ووقع أشد هذه التفجيرات دموية في حي الشعب الذي تقطنه أغلبية شيعية في شرق بغداد حيث انفجرت سيارة ملغومة في منطقة تجارية مما أدى الى مقتل 11 شخصا وإصابة 28 آخرين.
وبالرغم من عدم إعلان أي جماعة مسؤوليتها تبدو هذه التفجيرات جزءا من حملة يشنها متشددون على صلة بتنظيم القاعدة لتقويض حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي التي يقودها الشيعة.
إلا أن إحدى صفحات التواصل الاجتماعي تحت مسمى \”أخبار العراق\” وتشيد بـ\”علي حاتم السليمان\” المطلوب للقوات الحكومية والذي يقود جماعة متمردة تقاتل القوات الأمنية في محافظة الأنبار، ذكرت الصفحة أن \”انفجار سيارتين مفخختين قبل قليل في منطقة الشعلة في بغداد على تجمع لمرتزقة كانوا يستعدون للذهاب الى الانبار لقتال اهل السنة هناك\”.
إلا أن مصدرا نفى لـ\”العالم الجديد\” ما نقلته الصفحة، مبينا أن التفجير الذي وقع في مدينة الشعلة كان بالقرب من مقهى شعبي أوقع العديد من الضحايا.
وقالت الشرطة إن مسلحين هاجموا أيضا نقطة تفتيش في جنوب بغداد فقتلوا ثلاثة من رجال الشرطة وأصابوا أربعة بجروح.
وكان العام الماضي هو الأشد دموية في العراق منذ عام 2008 حيث قتل حوالي 9000 شخص وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وقال بان كي مون في مؤتمر صحفي في أعقاب محادثات مع المالكي إنه يشعر بالقلق إزاء تصاعد أعمال العنف وحث الزعماء العراقيين على التصدي للأسباب الكامنة وراءه.
وفي أول كانون الثاني اجتاح متشددون سنة مدينتي الفلوجة والرمادي في غرب البلاد في تحد كبير للحكومة مما أثار انزعاج الولايات المتحدة التي خاضت قواتها معارك عنيفة مع المتمردين في الفلوجة عام 2004.
وقالت مصادر أمنية وطبية إن المتشددين في وسط الفلوجة أطلقوا قذائف مورتر على قاعدة للجيش خارج المدينة امس الاثنين ورد الجنود بإطلاق أربع قذائف مما أدى الى مقتل شخصين وإصابة ثمانية آخرين بجروح. ولم ترد تفاصيل بشأن الضحايا في صفوف الجيش.