بعد سلسلة من القرارات التي أثارت استهجانا شعبيا ورسميا، يعود مجلس محافظة بغداد، بكتاب جديد يتمثل بإيفاد أعضاء المجلس إلى خمس وجهات “سياحية” عالمية بذريعة “تنمية المهارات المطلوبة للعمل”، بينها عواصم أوروبية، بالإضافة إلى شرم الشيخ في مصر، ودبي بالإمارات، الأمر الذي عدته لجنة النزاهة النيابية هدرا للمال العام، وتوعدت بمتابعة الملف في ظل توجيهات صارمة بخصوصه، فيما اعتبره مراقب سياسي، سببا للرفض الشعبي لمجالس المحافظات.
وحصلت “العالم الجديد”، على وثيقة صادرة من مكتب رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، تفيد بحصول بموافقته على إيفاد أعضاء المجلس إلى فيينا في النمسا وجنيف في سويسرا وأمستردام في هولندا، وشرم الشيخ في مصر، ودبي في الإمارات، لغرض “تنمية المهارات المطلوبة في العمل”.
وحول هذا الأمر، يقول عضو لجنة النزاهة البرلمانية مختار الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اللجان المختصة في مجلس النواب سوف تتابع بعض القرارات التي صدرت من مجلس محافظة بغداد، بما يخص الإيفادات وغيرها، وسوف نوجه كتبا رسمية لمتابعة تلك القرارات للجهات الرقابية التنفيذية وعلى رأسها هيئة النزاهة”.
ويضيف الموسوي، “لا يمكن السماح بالتلاعب بالمال العام من أجل إيفادات وسفر بعض المسؤولين في الحكومات المحلية ومجالس المحافظات، دون وجود أمر ضروري يتطلب ذلك فعلا، فهناك الكثير من الدورات يمكن لأعضاء مجالس المحافظات اخذها داخل العراق عبر مؤسسات حكومية متخصصة، وكذلك مراكز أهلية مختصة بجوانب مختلفة”.
ويتابع أن “هناك توجيه حكومي صدر سابقا بأن الايفادات يجب أن تكون للضرورة القصوى ويكون الوفد من أعضاء محددين وهذا بهدف تقليل النفقات وهدر المال، ولهذا نحن سوف نتابع هذا الملف وسيكون لنا موقف تجاه من يحاول هدر المال العام بشكل متعمد أو غير متعمد”.
ومنذ تشكيل حكومته المحلية في شباط فبراير الماضي، ما زال مجلس محافظة بغداد عمله، يثير الكثير من الشبهات حول ممارسته، كان آخرها في أيلول سبتمبر الماضي، حيث كشفت “العالم الجديد”، النقاب عن وثائق تثبت قيام رئيس مجلس محافظة بغداد بالسعي لمنح عائلته المكونة من زوجته “ربة البيت” وأبنائه الطلاب، جوازات سفر دبلوماسية.
من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مجالس المحافظات تعتبر حلقة زائدة في الدولة العراقية، وهذه الحلقة دائما ما تكون سببا لهدر المال العام، وسببا للكثير من حالات الابتزاز وغيرها من القضايا التي تنطوي على ملفات فساد مالي وإداري”.
ويلفت الحكيم، إلى أن “رفض مجالس المحافظات من أطراف شعبية مختلفة وكذلك جهات سياسية ومقاطعة حتى انتخابات تلك المجالس، كان لهذا السبب، فهناك هدر للمال من قبل تلك المجالس”، لافتا إلى أن “قضية الإيفادات إلى مدن سياحية أمر غريب، ويجب أن يكون له توضيحات رسمية، إذ لا يمكن أن يكون المال العام مفتوحا كالسبيل لسفر وسياحة أي مسؤول في الدولة”.
ويطالب “هيئة النزاهة ومجلس النواب بمتابعة قرارات مجالس المحافظات وحكوماتها المحلية، حتى لا تكون هناك أية فرصة لهدر المال العام، فهذا الأمر تسبب بضياع المليارات من خزينة الدولة العراقية طيلة السنوات الماضية”.
يذكر أن “العالم الجديد”، فجرت في آيار مايو الماضي، فضيحة كبيرة، تمثلت بسعي مجلس محافظة بغداد الجديد للحصول على قطع أراض “مميزة” داخل العاصمة، والتي تراجع عنها المجلس بسبب ضغط الرأي العام، فضلا عن نشر الصحيفة مقطع فيديو لقيام المجلس بتغيير جميع الأثاث في مكاتب أعضاء المجلس، على الرغم من صلاحية الأثاث القديم وعدم تلفه.
وقام المجلس بعد فوزه بالانتخابات المحلية، بتشكيل لجنة خاصة بمتابعة منح الأعضاء قطع أراض سكنية، حيث نصت الوثيقة، الأمر الذي ووجه برفض شعبي ورسمي، حيث ظهرت انتقادات واسعة من قبل الكتل السياسية لتلك الخطوة، حتى أنها وصلت لإعلان البراءة منها، وكانت بينها كتلة حزب تقدم، التي ينتمي إليها رئيس المجلس، عمار القيسي، حيث نفت في حينها وقوفها أو علمها بالأمر.
وعقب كشف الوثائق، أعلن رئيس لجنة النزاهة في مجلس محافظة بغداد رائد حميد الهماش، انسحابه من اللجنة المشكلة بأمر رئيس المجلس عمار القيسي، واضطر الهماش للتوضيح بأن “المقترح (كان) من الأخوة الأعضاء حول تخصيص قطع أراض لموظفي مجلس محافظة بغداد بعد مطالبة الموظفين بها إكمالا لإجراءات سابقة تم العمل فيها بدورة مجلس محافظة بغداد لسنة 2014″، في محاولة للتهرب من المسؤولية.