نسمع كثيرا عن موضوع دعم السينما العراقية، هنالك دعوات حريصة لتطوير فن الفلم العراقي، وهنالك مشاريع حقيقية ودراسات مهمة غالبا ما تكون دراسات مقارنة مع ما قامت به بعض الدول لتطوير ودعم فن الفلم السينمائي، لان هذ الدول تدرك أهمية السينما، كونها فنا مهما وذاكرة وطنية كبيرة تنقل الى الأجيال القادمة حال المجتمعات التي صنعت فيها هذه الأفلام، بل لعل الامر يتعدى الفن والتوثيق فتصبح السينما أداة تغير ودعاية كما حصل في الاتحاد السوفيتي سابقا، حيث تجربة الروسي الشهير سيركي ازنتشاين، وكما يحصل اليوم في هوليوود في نقل صورة الحلم الأمريكي الى العالم.
كانت تجربة بغداد عاصمة الثقافة العربية فرصة جيدة لتطوير فن الفلم، حتى الان لم نرَ النتائج لنحكم عليها، البعض متفائل والبعض الاخر متشائم، اعرف ان الامر جرى على عجالة وبدون سابق خطة لها ملامح محددة تقلل حجم الخسائر.
كنت اتمنى ان تقوم دائرة السينما والمسرح – كمشروع من مشاريع بغداد عاصمة الثقافة العربية – باستقدام مخرج اوربي وإيراني وتركي وسوري ومصري، ومن الأسماء المهمة في هذه الصنعة، وتخصص كاتب سيناريو عراقي مع كل مخرج، وتقوم باختيار خمس روايات من تاريخ الادب الروائي العراقي لتحويلها الى أفلام مقتبسة، ويوظف مع كل مخرج فريق انتاج عراقي من دائرة السينما والمسرح، إضافة الى فريق الإنتاج المحترف الذي سيطلبه المخرج، ويتم إقامة ورشة فلمية لكل فلم، منذ مراحل الكتابة والاقتباس، مرورا بمراحل الانتاج العملية، وصولا الى لحظة التصوير، حتى المراحل النهائية لصناعة الفلم. قد يكون هذا اشبه بخطة خمسية لتطوير السينما العراقية والتي ستقدم لنا خمسة أفلام عراقية عالية المستوى مقتبسة من الرواية العراقية، وبالتالي سننقل الادب الروائي العراقي الى العالم، وايصال صوت السينما العراقية الى المحافل العالمية عن طريق المشاركة بهذه الأفلام الخمسة في مهرجانات السينما الكبيرة، كمهرجان كان وفينيسيا وغير ذلك من هذه المهرجانات. وأيضا، ولادة خمس فرق عمل فنية عراقية خاضت تجربة عملية متقدمة، وان تكن واحدة، إلا انها ستكون غنية بالتأكيد، وبالتاكيد، تحريك دائرة السينما والمسرح نحو طريق الاحتراف في العمل السينمائي، كون كل تاريخها السابق كان مرتبطا بصناعة أفلام دعائية للسلطة، وأخرى كوميدية هابطة لا معنى لها، اذا ما استثنينا بعض التجارب المهمة لمخرجين كبار اكثرهم غادروا العراق.
اليوم، صار الفن يعتمد مبدأ الورشة، فالكل يتعلم من الكل، انقطاع الفنان العراقي السينمائي عن العالم الخارجي لاكثر من ثلاثين سنة، وانحسار العملية الانتاجية ببضعة أسماء تكررت في تجارب سينمائية لم تستطع ان تتجاوز المحلية، كل هذا جعل السينما العراقية تسير الى الوراء. شباب السينما اليوم خاضوا تجارب بسيطة بإمكانات ذاتية وحققوا نجاحات طيبة، لكن هذه التجارب في النهاية لا نستطيع ان نعتبرها تجاربا عراقية كون راس المال اجنبي، فاغلب مخرجينا الشباب يعتمدون في تموين افلامهم على دعم المراكز الثقافية الاوربية والمهرجانات العالمية، وكون المخرج عراقي، فهذا لا يعطي للفلم هوية عراقية، ان الذي يمنح الفلم هويته هو راس المال المنتج، فاذا استقدمنا مخرجين أجانب لتدريب كوادرنا الفنية عن طريق انتاج أفلام سينمائية عراقية التموين والموضوع فان هذه الأفلام ستسجل باسم العراق، وستقدم السينما العراقية عدة خطوات الى أمام.
خطة خمسية نحو سينما عراقية عالمية
2013-09-24 - منوعات