يستمر القطاع الصحي في العراق بالتدهور، في حين تقف الحكومة عاجزة عن تحسين هذا النظام المتهالك، الأمر الذي يدفع ثمنه العراقيين يوميا جراء تقادم المستشفيات وعدم تأهيلها ونقص العلاج.
وفي هذا الإطار، دقت لجنة الصحة والبيئة النيابية، اليوم الاثنين، ناقوس الخطر بشأن تأخر التخصيصات المالية والتشغيلية، فيما حذرت من عدم تأمين الأدوية والعلاجات الطبية.
ويعاني القطاع الصحي من أزمات كثيرة، وأبرزها نقص العلاج، إذ يعتمد العراق على الاستيراد بشكل شبه تام، وتعد شركة كيمياديا، هي الجهة الأبرز لاستيراد وتوفير العلاج في العراق، وهي تابعة لوزارة الصحة، ومسؤولة عن توفير كافة الأدوية للمستشفيات أو المذاخر الأهلية، ودائما ما يثار لغط حول هذا الملف، وتطرح شبهات فساد كبيرة فيه.
وقال عضو اللجنة باسم الغرابي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، إن “دوائر الصحة في عموم البلاد لم تتسلم تخصيصاتها المالية والتشغيلية لأكثر من ثلاثة أشهر”.
وأضاف أن “الأمر أختصر على الرواتب فقط”، لافتا إلى أن “ناقوس الخطر بدأ يدق في دوائر الصحة، بشكل لا يمكن التغاضي عنها”.
وتابع أن “جميع دوائر الصحة في عموم المحافظات تعاني من خطر كبير بسبب تأخر إرسال التخصيصات المالية”.
وشكى رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، في 24 أيلول سبتمبر الجاري، من قلة التخصيصات المالية لوزارة الصحة في توفير العلاجات.
وأصبح القطاع الصحي المتهالك واحداً من مصادر الفساد في العراق لما يوفره من عقود ومناقصات، فالكثير من الأموال تدخل في جيوب الأحزاب وجهات نافذة في الحكومة، يستثمرون هشاشة النظام الصحي ويساهمون في ديمومته، حتى يضطر المواطن للسفر خارج البلاد وفق اتفاقيات في الغالب معدة سلفاً، ولهم نسب كبيرة من عائداتها، أو هو يلجأ إلى المستشفيات الأهلية التي تعود إليهم.
وكانت المتحدثة باسم وزارة الصناعة والمعادن ضحى الجبوري، أكدت في 13 تموز يوليو الماضي، أن جميع مصانع القطاع الخاص والشركة العامة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية وكل انتاجها لا يغطي أكثر من 15% من احتياج وزارة الصحة والسوق.
وكشف رئيس لجنة الصحة النيابية ماجد شنكالي، في 24 نيسان أبريل الماضي، عن وجود نقص كبير في التخصيصات المالية لتوفير خدمة صحية جيدة، فيما اشار الى صرف الحكومة (200) دولار ضمن الانفاق الحكومي السنوي للفرد بالخدمة الصحية أي 17 دولار شهريا.
وبلغت موازنة 2024 “فوق الانفجارية”، نحو 228 تريليون دينار، وعجز 80 ترليونا بحسب وزير التخطيط محمد تميم.
وأكد أحد الأطباء الاخصائيين في العاصمة بغداد، في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، ان المؤسسة الصحية في العراق لم تتم متابعتها منذ عام 1962 في حين أن المنظومة الصحية في بريطانيا تقوم بعمل متابعة لنظامها كل عامين، وعلى سبيل المثال أن مستشفى القادسية في مدينة الصدر الذي يغطي حوالي أكثر من مليوني نسمة يضم خمسة اطباء اختصاص باطنية فقط، في حين كان لدينا سنة 1989، نحو 13 طبيبا اخصائيا.
وكشف مستشار رئيس الوزراء لشؤون الصناعة وتنمية القطاع الخاص حمودي اللامي، في شباط فبراير الماضي، عن حراك لإنجاز معامل الأدوية في العراق، فيما أشار إلى أن ملف توطين الصناعة الدوائية أثمر عن نتائج تفوق المخطط أكد وجود 56 طلباً لإنشاء مصانع جديدة.
واعلن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في مطلع العام 2023، أن العراق ينفق نحو ثلاثة مليارات دولار سنوياً لاستيراد الأدوية، فيما أشار إلى أن معظم تلك الأدوية المستوردة لا تخضع إلى الفحص، دعا إلى ضرورة توطين وتطوير الصناعة الدوائية في البلاد.
ويملك العراق عشرات مصانع الأدوية في القطاعين العام والخاص، وتتوزع بين المحافظات بهدف محاولة تأمين الأدوية والمستلزمات الطبية للسوق المحلية، إلا أن مجموع ما تنتجه هذه المعامل يتركز على أنواع محددة من الأدوية والأدوات الطبية.
وكانت “العالم الجديد” نشرت تقريرا تحدث عن خسائر متتالية عانتها شركة سامراء العراقية الواقعة في محافظة صلاح الدين، وهي أقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط، إذ عزا خبراء بالاقتصاد وأطباء ذلك إلى الفساد وسيطرة شركتين جديدتين على السوق، والتوجه للاستيراد من أجل “العمولات”، فيما ردّت وزارة الصحة بأن نوع العلاج الذي تنتجه الشركة، لا يغطي كافة الاحتياجات.