صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

خفايا إنزال “العيث”.. كيف وقعت نخبة القوات العراقية والفرنسية في المصيدة؟

أوقع “خطأ عسكري كبير” نخبة من القوات القتالية في العراق وفرنسا في مصيدة لداعش بمنطقة “العيث” شرقي صلاح الدين، إذ وصف مصدر عسكري خطة الإنزال التي نفذتها هذه القوات بـ”المكشوفة”، وفيما أفصح عن تفاصيل هذه العملية، أكد أن هناك خسائر في صفوف القوات العراقية جرى التكتم عليها، في وقت عد خبير أمني ما حصل “انتكاسة” للعمل الاستخباري.

أوقع “خطأ عسكري كبير” نخبة من القوات القتالية في العراق وفرنسا في مصيدة لداعش بمنطقة “العيث” شرقي صلاح الدين، إذ وصف مصدر عسكري خطة الإنزال التي نفذتها هذه القوات بـ”المكشوفة”، وفيما أفصح عن تفاصيل هذه العملية، أكد أن هناك خسائر في صفوف القوات العراقية جرى التكتم عليها، في وقت عد خبير أمني ما حصل “انتكاسة” للعمل الاستخباري.

ويقول مصدر عسكري مطلع، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “خطة جهاز مكافحة الإرهاب في تنفيذ عملية الإنزال كانت مكشوفة لدى تنظيم داعش، فبعد أي عملية قصف جوي يُجري الجهاز إنزالاً لمعرفة عدد القتلى والكشف عن هوياتهم، ويبدو أن هذه الضربات الجوية لم تسفر عن قتل عناصر داعش، لهذا نصب الأخير كمينا للقوة التي نفذت الإنزال، إذ كانوا على علم مسبق بها”.

ويكشف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “عدد عناصر تنظيم داعش، الذين شنوا هجوما على منفذي الإنزال برفقة القوة الخاصة الفرنسية، يصل إلى ما يقارب (100) عنصر واستخدموا أسلحة مختلفة بعضها متطورة في الاشتباكات وحرب الشوارع”. 

ويضيف أن “القوة التي اشتبكت مع عناصر تنظيم داعش تمت محاصرتها بشكل كامل من كافة المحاور، ولذلك لم تتمكن الجهات الأمنية من إخلاء الجرحى من قوات جهات مكافحة الإرهاب وكذلك القوات الفرنسية إلا بعد ساعات طويلة من الاشتباكات ووصول تعزيزات عسكرية برية وجوية”.

ووفقاً للمصدر، فإنه “بحسب تقييم القيادات العليا، كانت عملية الإنزال بهذه السرعة خطأً عسكرياً، خصوصاً أن هناك خسائر بشرية بصفوف جهاز مكافحة الإرهاب لم يعلن عنهم من قبل الجهات الرسمية وجرى تكتيم على الموضوع”.

وكانت خلية الإعلام الأمني، قالت الاثنين، إنه وفقاً لمعلومات استخبارية دقيقة من جهاز الأمن الوطني وبمتابعة من خلية الاستهداف التابعة لقيادة العمليات المشتركة، استهدفت طائرات F_16 التابعة لقيادة القوة الجوية وكراً للعناصر الإرهابية في منطقة العيث ضمن قاطع عمليات صلاح الدين.

غير أن هذه الأنباء لم تكشف كل القصة، إذ أفادت مصادر بعدها بأن الضربة لم تسفر عن قتل أي عنصر من عناصر داعش المتواجدين داخل المضافة، بعد أن تحصنوا بكمين خارج المضافة، وفي تلك الأثناء نفذت قوات فرنسية بالاشتراك مع جهاز مكافحة الإرهاب في كركوك إنزالا جويا لتفقد حصيلة الضربة، لكنهم فوجئوا بنيران أسلحة متوسطة أسفرت عن إصابة 3 جنود فرنسيين واثنين من مكافحة الإرهاب.

وفي وقت لاحق، أعلنت الرئاسة الفرنسية، مقتل عنصر “مظلي” من القوات الخاصة في الجيش الفرنسي أثناء عملية إسناد لقوات مكافحة الإرهاب، وأصيب آخرون بينهم فرنسيون ومقاتلون في الجهاز.

من جهته، يؤكد الخبير في الشأن الأمني سرمد البياتي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، ان “هناك مضافات خطيرة لتنظيم داعش الإرهابي، بعضها متحركة والبعض الآخر أنشئت حديثا، غير تلك المؤشرة لدى الجهات الأمنية، والتنظيم الإرهابي مازال يعمل بنظام حرب العصابات”.

ويبين البياتي، أن “القوات العراقية نفذت عمليات إنزال على المكان الذي تم قصفه من قبل الطيران الحربي، لكن تنظيم داعش تحرك إلى أماكن بديلة، وحصلت الاشتباكات، وكانت هناك خسائر بصفوف القوات العراقية والفرنسية التي اصطحبتها”.

ويضيف الخبير في الشأن الأمني، أن “الحل والعلاج الوحيد، يكون من خلال الدفاع المتحرك، ونصب الكاميرات الحرارية، وعمليات استطلاع جوي، وهذا الأمر يحتاج إلى تعاون من قبل التحالف الدولي، خصوصاً أن مضافات تنظيم داعش دائما ما تكون في مناطق رخوة ورملية تحتوي على تلال لا يمكن للعجلات والمدرعات التحرك بها، ولهذا نحتاج إلى عمل استخباراتي دقيق جداً وتقني حديث”.

وتعد منطقة العيث إحدى البؤر الساخنة لداعش بسبب امتداداتها الشاسعة والجغرافية، وارتباطها بحدود كركوك وديالى.

وإثر هذه الحادثة كثفت القوات الأمنية من زخم العمليات في جزيرة العيث، إذ أعلنت قيادة العمليات المشتركة، الأربعاء، عن مقتل 3 إرهابيين من داعش وتدمير 4 مضافات، بضربة جوية لطائرات F16.

من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن العسكري مخلد حازم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تنظيم داعش انتهى عسكريا لكنه لم ينته عقائديا، ومازال يمتلك مضافات وعناصر منتشرة في مدن عراقية مختلفة، لكن ليست بحجم الأعداد التي كانت موجودة سابقاً، فالتنظيم حاليا عبارة عن مجموعات وخلايا تنظم نفسها بنفسها من خلال لا مركزية قتالية، وتتواجد في مناطق غير ممسوكة أمنيا، وهذا الأماكن تعتبر وفق الخطط العسكرية مناطق فراغ أمني، خصوصاً بين حدود إقليم كردستان ومناطق حدود كركوك، ومناطق أخرى في محافظة صلاح الدين الجبلية والزراعية”.

ويعد حازم “ما حصل في منطقة العيث بمحافظة صلاح الدين، انتكاسة للعمل الاستخباراتي، على اعتبار أن تلك العناصر استطاعت أن تباغت وتنصب كمائن للقوات المهاجمة وأوقعتها في كمين، كان من المفترض أن يدرس سابقا من قبل القوات المهاجمة، لأن عناصر داعش يستخدم خططا قتالية يفترض أن تكون معروفة، من خلال التفخيخ ونصب الكمائن والقنص وغيرها”.

ويتساءل الخبير الأمني “عن كيفية تنفيذ عملية إنزال جوي دون رصد العناصر الإرهابية وتحركاتهم وكيفية إتمام عملية القصف التي لم تسفر عن أي خسائر لدى داعش”، لافتا إلى أن “هذه العملية يجب أن تكون درسا، وعلى الأجهزة الأمنية أن تدرس ردة الفعل، ونحن بحاجة إلى رؤية ابعد في ملاحقة العناصر الإرهابية، لأنهم يعتمدون على الفكر العقائدي في قتالهم”.

وتتولى فرنسا، إلى جانب مشاركتها ضمن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، مهام تدريب جنود عراقيين على القتال، وأعلنت عن دورة جديدة في تموز يوليو الماضي، خلال زيارة أجراها وزير الجيوش الفرنسية سيباستيان ليكورنو إلى بغداد.

إقرأ أيضا