صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

خلافات «الحلفاء» على تقاسم المناصب تعرقل التئام مجلس ديالى

للمرة الثالثة على التوالي يفشل مجلس محافظة ديالى بعقد جلسته الأولى لاختيار رئيسه والمحافظ ونوابهما بسبب عدم اتفاق الكتل الفائزة لغاية الآن على تقاسم المناصب بعد أن أفرزت نتائج انتخابات مجالس المحافظات تقارب كبير بين ما حازته الكتل من مقاعد، ما جعل الأمور أكثر تعقيداً في الحسابات السياسية، ويتفق مختصون على أن الحلول غائبة عن طاولات الحوار لتكافئ الفرص بين الفائزين وإصرار كل منهم على موقفه.

وكان رئيس السن في مجلس محافظة ديالى، تركي العتبي، قد دعا أعضاء المجلس إلى عقد جلسة في ساعة متأخرة من ليلة أمس الأول الأحد، للتصويت على رئيس المجلس الجديد ونائبه، واستكمال تشكيل الحكومة المحلية، إلا أن ستة أعضاء فقط حضروا من أصل 15 عضوا، ما أخلّ باكتمال النصاب القانوني للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوعين.

وبهذا الصدد، تقول مصادر سياسية مطلعة في ديالى، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الخلافات السياسية على تشكيل الحكومة المحلية والمجلس هي خلافات شيعية – شيعية، وسنية – سنية وما زالت دون حلول رغم كل الوساطات والحوارات”.

وتضيف المصادر أن “الخلاف الشيعي – الشيعي هو ما بين منظمة بدر وحركة عصائب أهل الحق، فبدر تصر على تجديد ولاية ثانية للمحافظ الحالي مثنى التميمي، فيما ترفض العصائب ذلك، ورغم كل وساطات قادة الإطار التنسيقي في بغداد إلا أن الخلافات مستمرة دون أي حلول”.

وتبين أن “الخلاقات السنية – السنية هي على رئاسة مجلس ديالى، فحزب تقدم يريد الرئاسة، فيما ينافس عليها حزب السيادة، وكل حزب يملك 3 مقاعد، ولهذا الصراع محتدم ما بينهم، ولا حلول قريبة بحسب المعطيات الحالية، والجلسة ربما تعقد بأي لحظة إذا ما حصل أي اتفاق”.

وتشهد محافظة ديالى خلافات حادة بين كتلتي بدر وعصائب أهل الحق حول منصب المحافظ، حيث تصر العصائب ومعها كتلتي الأساس وعزم، على عدم التجديد للمحافظ مثنى التميمي، فيما تتمسك كتلة بدر بالتجديد للتميمي لكونه منها، الأمر الذي عرقل تشكيل الحكومة المحلية وانتخاب رئيس المجلس ونائبيه خلال الأيام الماضية، لصعوبة تحقيق الأغلبية المطلقة.

ويعاني مجلس محافظة ديالى الجديد، من حالة انقسام غير مسبوقة، فلأول مرة يكون هناك فريقان، الأول من 8 أعضاء والآخر من 7 أعضاء وبالتالي فإن كلا الطرفين يواجه صعوبة تحقيق الأغلبية المطلقة لاستكمال جلسة اختيار رئيس المجلس، كما تشهد منذ تصديق نتائج الانتخابات المحلية، من تدخلات وضغوط كتل سياسية في بغداد، آخرها محاولة الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري، الوصول إلى اتفاق يحسم الجدل، لكن دون أي جدوى.

من جانبه، يوضح مدير المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية غازي فيصل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخلافات السياسية في مجلس ديالى هي بسبب عدم امتلاك أي جهة سياسية الأغلبية التي تمكنه من تشكيل الحكومة المحلية دون أي معرقلات”.

ويبين أن “مجلس ديالى يتكون من 15 مقعداً وهي موزعة كالتالي: 3 لكتلة بدر، و3 لحزب تقدم، و3 للسيادة، ومقعدان لعصائب أهل الحق، ومقعداً واحداً لكل من ائتلاف دولة القانون، وتحالف الأساس، وتحالف العزم، والاتحاد الوطني الكردستاني”.

ويشير فيصل إلى أن “التقاسم المتقارب بعدد مقاعد مجلس محافظة ديالى صعّب مهمة تشكيل الحكومة وعمّق الخلافات، خصوصا أن كل جهة سياسية تريد زيادة نفوذها في المحافظة، ولهذا الخلافات أصبحت ما بين التحالفات الواحدة، وهذه الخلافات من المؤكد ستكون لها تداعيات على التحالفات الأساسية والكبيرة في بغداد سواء الحالية أو حتى المستقبلية”.

وكانت مصادر مطلعة قد كشفت خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن الكتل السياسية قد تلجأ إلى خيار استبدال المرشحين لتشكيل الحكومة المحلية في ديالى، في حال عدم تحقيق الأغلبية المطلقة خلال الأسبوع الجاري، مبينة أن الكتل السياسية في بغداد منحت المرشحين لشغل منصب المحافظ ورئيس المجلس في ديالى، فرصة أخيرة لتحقيق الأغلبية المطلقة واستكمال عقد جلسة المجلس خلال هذا الأسبوع.

بدوره يلفت المحلل السياسي محمد علي الحكيم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إلى أن “تشكيل الحكومات المحلية وتقاسم المناصب والمغانم كشف عن حجم الخلافات الداخلية التي تعيشها التحالفات السياسية كافة، وما يحصل في ديالى حاليا جزء من صراع تقاسم المغانم”.

ويؤكد أن “كل جهة تريد زيادة نفوذها وقوتها في المحافظات على حساب الجهات الأخرى، والإطار التنسيقي يعيش حالة من التشظي والانقسام والخلافات العميقة ما بين قياداته بسبب صراع وخلاف تشكيل الحكومات المحلية، وديالى تؤخر وتعمق الخلاف فيها بسبب عدم امتلاك أي جهة مقاعد تمكنها من الأغلبية دون الحاجة لأصوات الكتل الأخرى”.

ويختم بالقول إن “الخلافات السياسية في ديالى انعكست على طبيعة العلاقات ما بين القيادات في بغداد خاصة ما بين قادة الإطار التنسيقي، فهناك تشظي كبير بالمواقف والخلافات عميقة ما بين بدر والعصائب في ديالى، خاصة أنهم خاضوا الانتخابات بقائمتين وليس قائمة واحدة عكس باقي المحافظات وهذا يؤكد سعي كل طرف للظفر بالمنصب على حساب الآخر”.

يشار إلى أن جميع مجالس المحافظات عقدت جلساتها الأولى وحسمت مناصب رئاسات المجالس والمحافظين باستثناء محافظتي ديالى وكركوك، حيث عرقلة الخلافات السياسية بين الكتل الفائزة حسم الأمور في ديالى، فيما يقف الخلاف القومي بين مكونات كركوك الثلاث حائلاً دون التوصل إلى حلول.

إقرأ أيضا