خلافات بغداد وأربيل تتجدد عبر «نازحي سنجار»

لا يكاد يمر شهر في العراق، إلا ويبرز فيه خلاف بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل، ومعظمها تتمحور حول نقطة واحدة هي “الأموال”، حيث عاد ملف النازحين في سنجار إلى الواجهة من جديد ليزيد من عمق الأزمة بين المركز والإقليم.

واتهمت النائب فيان دخيل، اليوم الاثنين، وزارة الهجرة والمهجرين في الحكومة الاتحادية بـ”هدر” الأموال المخصصة للنازحين بطرق “غير مشروعة”.

ويشكل قضاء سنجار، نقطة خلاف بين بغداد وأربيل، كونها ضمن المادة 140 من الدستور وماتعرف بالمناطق المتنازع عليهان وسبق للحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، وأن وقعت اتفاقا مع حكومة أربيل سمي بـ”اتفاق سنجار”، ويقضي بطرد الجماعات الخارجة عن القانون، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني والفصائل المرتبطة به، فضلاً عن إدارة مشتركة بين الإقليم والحكومة الاتحادية للقضاء ذي الغالبية الإيزيدية.

لكن “اتفاق سنجار” لم ير النور، بسبب رفض الحشد الشعبي والفصائل الإيزيدية له، حتى خرجت تظاهرات كبيرة، تعلن رفضها تنفيذ الاتفاق، كما أبدوا رفضهم لعودة الحكومة المحلية إلى سنجار، كون الحكومة المحلية ومنها القائممقام مرتبطة بالحزب الديمقراطي الكردستاني.

وقالت دخيل  في بيان تلقت “العالم الجديد” نسخة منه، خلال افتتاحها مكتبا جديدا لتوزيع البطاقة الوطنية للنازحين في محافظة دهوك، إن “ذلك يزيد من معاناة العائلات التي تعيش في المخيمات”.

وأضافت أن “الحكومة الاتحادية خصصت موازنة ضخمة لوزارة الهجرة، إلا أن الوزارة تقوم بصرف هذه الأموال على غير المستحقين، بينما يترك النازحون في المخيمات دون تلقي أي تعويضات تُذكر، مما يجعل مستقبلهم في تلك المخيمات مجهولا ومعقدا”.

وأشارت دخيل إلى أن “عددا كبيرا من النازحين العائدين إلى مناطقهم الأصلية في سنجار لم يحصلوا حتى على منحة الـ4 ملايين دينار التي وُعِدوا بها، في حين تم تسليم شيكات لبعض العائدين دون أن تُصرف تلك الشيكات، مما أضاف طبقة أخرى من التعقيد والصعوبات للعائدين”.

كما أكدت دخيل أن “منطقة سنجار ما زالت تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والرعاية الصحية”، متسائلة عن “كيفية تشجيع النازحين على العودة إلى مناطقهم في ظل هذه الظروف الصعبة والافتقار إلى البنية التحتية الأساسية”.

وأوضحت أن “هذه العوامل تجعل العودة إلى سنجار أمرا محفوفا بالتحديات”، مشيرة إلى ضرورة أن “تتحمل الحكومة الاتحادية مسؤوليتها تجاه تحسين الأوضاع الإنسانية للنازحين في المخيمات والعائدين منهم إلى مناطقهم الأصلية”.

ويدور الخلاف بين بغداد وأربيل بسبب تمسك الاخيرة بملف النازحين والسعي للابقاء عليهم في الخيام لكونها مستفيدة من بقاء التغذية والأمور اللوجستية الاخرى من المعونات الدولية، بالإضافة إلى استغلاله سياسيا كصوت انتخابي، وهو ما ترفضه بغداد التي تعتزم إغلاق جميع المخيمات بشكل تدريجي.

وتكررت كثيرا خلال العامين الحالي والماضي، تصريحات المسؤولين التي يؤكدون من خلالها إنهاء ملف النازحين وغلق مخيماتهم في جميع أنحاء العراق، إلا أن الأمر لم يحسم لغاية الآن على أرض الواقع.

واجتاح تنظيم داعش في الثالث من آب أغسطس 2014 قضاء سنجار في محافظة نينوى، وارتكب مجازر دموية حيث قتل الآلاف من الشباب والرجال وكبار السن، فيما اختطف ما يزيد على الخمسة آلاف طفلة وشابة وامرأة، كما دمر معظم المنازل والمباني والبنى التحتية فيما قام بتفخيخ المنازل المتبقية.

ومنذ تحرير القضاء من قبضة التنظيم في 13 تشرين الثاني نوفمبر 2015، عادت العديد من العوائل النازحة من مخيمات النزوح إلى مناطق سكناها إلا أن أغلبها عادت مجددا إلى المخيمات لانعدام الخدمات إلى جانب أن منازلهم كانت مهدمة بالكامل أو بشكل جزئي.

وكان رئيس حزب التقدم الإيزيدي سعيد بطوش، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “قضية النازحين وخاصة أهالي سنجار استغلت من قبل الأحزاب الكردية وتمت المتاجرة بهم لأغراض الحصول على أصواتهم في الانتخابات، وأيضا الحصول على الدعم المالي المقدم من المنظمات الإنسانية الدولية، ولعكس صورة إيجابية على أن الإقليم يحتضن النازحين وخاصة المكون الإيزيدي الذي تعرض لإبادة جماعية”.

وكانت الحكومة الاتحادية قد توصلت إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان في 9 تشرين الأول أكتوبر 2020، إلى اتفاق لتطبيع الأوضاع في سنجار وإدارة القضاء من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، سميت باتفاقية سنجار.

وتقضي الاتفاقية أن تتولى الشرطة إرساء الأمن في قضاء سنجار، وإنهاء وجود حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية سنجار، وكذلك فصائل الحشد الشعبي، وإخراجهم بشكل كامل من القضاء، وإعادة إعمار المدينة. 

إقرأ أيضا