صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

خلافات بغداد وأربيل على طاولة المجتمع الدولي

منذ سنوات والخلافات بين بغداد وأربيل مستمرة، لكنها تتراجع أحيانا، وخاصة خلال مفاوضات تشكيل أي حكومة جديدة، ومن ثم تبدأ بالتصاعد شيئا فشيئا بمجرد مرور بضعة أشهر من تشكيل الحكومات المتعاقبة في البلاد.

إلا أنه وفي تطور جديد، عقدت لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، اليوم الخميس، اجتماعاً موسعاً لتستعرض من خلاله أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.

وقالت مصادر مطلعة لـ”العالم الجديد”، إن “الاجتماع شهد نقاشات مكثفة حول القضايا الخلافية التي لا تزال عالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، بما في ذلك الملفات المتعلقة بالميزانية والنفط، وتطبيق الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين”.

ولم يصدر عن اللجنة أية تصريحات رسمية حول تفاصيل ما دار داخل الاجتماع، فيما اكتفى المسؤولون بالتأكيد على أهمية استمرار الحوار وتعزيز التعاون المشترك بما يخدم مصلحة جميع الأطراف.

وأوضحت أن “الإجتماع ضم أكثر من ممثل لـ33 دولة، قدم سفين دزيي رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان تفاصيل حول سياسة حكومة الاقليم بشأن قانون الموازنة، كما وتحدث وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان عن المفاوضات مع بغداد وعدم التزام الحكومة الاتحادية بالتزاماتها تجاه إقليم كردستان، حيث تم ترجمة البيانات التي قدمتها وزارة المالية والاقتصاد حول الميزانية في الايام الاخيرة الى اللغتين العربية والانجليزية وتقديمها الى كافة ممثلي الدول المشاركين في الاجتماع”.

وأعرب ممثلو الدول المشاركة عن “دعمهم لأي خطوات تسهم في استقرار الوضع وتحقيق توافق مستدام بين أربيل وبغداد”.

وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.

وحثت خارجية الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، البرلمان العراقي على الإسراع في تمرير الموازنة الاتحادية للعراق.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في إيجاز صحفي بمقر الوزارة “لقد عملنا مع الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كوردستان، للتوصل إلى اتفاق موازنة دائم من شأنه أن يسهل إنتاج النفط المستدام في إقليم كردستان”.

وأضاف ميلر “شهدنا مراجعة تعديل الموازنة هذا الأسبوع ونحث على اعتماده بسرعة”.

وأضاف مجلس النواب، أمس الأربعاء، فقرة تعديل الموازنة على جدول أعمال جلسة يوم الأحد المقبل، في خطوة لتقليل الخلافات المتصاعدة بين الإقليم والمركز.

وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني يناير الجاري، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.

ويعتبر ملف رواتب موظفي الإقليم أحد أبرز المشكلات العالقة بين أربيل وبغداد، حيث تؤكد الحكومة العراقية ضرورة تسليم أربيل نفطها إلى بغداد وأن يتم التصدير من خلالها، بينما ترفض حكومة كردستان ذلك، ما أدى الى قطع بغداد رواتب جزء كبير من موظفي الإقليم ودفعها إلى آخرين على شكل متقطع وغير منتظم منذ عام 2014، إلى أن توقفت المرتبات نهائياً في أكتوبر تشرين الأول 2017 مع تداعيات استفتاء الانفصال.

وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.

وأكدت المالية النيابية، في 11 كانون الثاني يناير الجاري، غياب التوافق حول مقترح تعديل المادة 12 من قانون الموازنة المتعلقة بكلف إنتاج وتصدير نفط إقليم كردستان.

ونص تعديل المادة الثانية عشر باحتساب سعر برميل نفط الإقليم بستة عشر دولارا قابلا للزيادة والنقصان وهو ما يشكل نقطة الخلاف.

ورهنت اللجنة المالية التصويت على التعديل الجديد بحسم الأمر مع وزيرة المالية سيما مع وجود خلافات سياسية حادة حول طبيعة والية التعويضات التي ستدفعها الحكومة في هذا التعديل.

وكانت اللجنة المالية النيابية، استضافت، مؤخرا، وزيرة المالية طيف سامي لمناقشة جداول موازنة 2025 وتأمين رواتب الموظفين.

وأبدى رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني عدم رضى حكومة الإقليم بسياسة بغداد في التعامل معهم، قائلا “إننا على قناعة بأن سلوك بغداد الحالي تجاه إقليم كردستان هو سلوك ظالم وغير عادل وغير مقبول وعلينا جميعا أن نكون ممثلين حقيقيين لشعب كردستان، وندافع عن الحقوق الدستورية لإقليم كردستان”، مؤكدا أنه “يجب أن نكون متحدين حتى تدرك بغداد أننا جادون بشأن حقوقنا الدستورية والمالية، لأن شعب كردستان لا يستحق أن يُعامل بهذه الطريقة”.

الجدير بالذكر أن الموازنة للعام الحالي، لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، بالرغم من تحذيرات المختصين بفقدان الثقة في قدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.

يشار إلى أن الخلافات بشأن حصة الإقليم في الموازنة، تثار كل عام، وذلك بسبب التزامه بما يرد في الموازنة والقوانين الأخرى الخاصة بتصدير النفط، قبل أن يتوقف تصديره عبر خط ميناء جيهان التركي، وبدأت بغداد بدفع رواتب موظفيه على شكل سلف تسلم له، ومن ثم بدأ العمل بتوطين الرواتب حسب قرار المحكمة الاتحادية.

إقرأ أيضا