كتبت للصديق الشاعر فيليب تيرمان رسالة بعد فوز ترامب بالانتخابات الأمريكية، وأنا على علم مسبق بأنه غير مرتاح له، ويفضل هاريس، لكنه يصوت لمرشح ثالث للتقليل من فرص ترامب. وكتب لي إن جماعته -حلقة الأصدقاء والمثقفين- في حالة ذعر، ومستميتون من أجل استبعاد ترامب بأي شكل.
ولدي قناعة ثابتة بأنه أمريكي يهودي مؤمن، ويكفي أن مجموعاته الشعرية لا تخلو من العناوين الدينية مثل: بيت الحكماء، حدائق التوراة، آياتنا التوراتية حاخامات بيننا، هذا الإيمان المتهور، وسوى ذلك، ومهما تكلم عن السلام وفلسطين، ومهما أشاد بمحمود درويش وغيره من رموز الشعر العربي الفلسطيني، إلا أنه مبغض للمقاومة، ولحركات التحرير، ويريد الاستقرار لشعب إسرائيل، كما يفهمه الحمائم، أمثال عاموس عوز، ويهودا مردخاي، وإتغار كيريت، وغيرهم.
لذلك اختصرت على نفسي الطريق، وكاتبت زميله الدكتور والشاعر والموسيقي سكوت ماينار، المتعاطف مع السود في أمريكا، بسبب تنشئته وولادته في حي فقير تسكنه غالبية من السود، وهو أستاذ مستشار في جامعة اوهايو، لانكستر، وأرجو أن لا يرى أحد أنه من أنصار الزنوجة، وإنما يحمل ميولا اجتماعية يعبر عنها فنيا بأسلوبه السريالي والرشيق والساخر (ما يسمى بالكوميديا السوداء، وعلى وجه الدقة المضحك المبكي).
أول رسالة وجهتها له كانت بتاريخ يوم الأربعاء 6 تشرين الثاني نوفمبر 2024. وورد فيها:
“أرسلت نفس الكلام إلى فيل (أقصد فيليب تيرمان) أمس، أخبرته أنه أخطأ بتنبؤاته فيما يتعلق بموضوع لا يمكنني التحدث عنه بصراحة منعا لسوء الفهم.
ترامب بضاعة أمريكية، بمعنى أن أمريكا تريد أن تغلق أبوابها وتركز على عجلة السوق وأن تبتعد عن بوتين، مع أنه قرين لظاهرة ترامب، وند له، وصورته المعكوسة بالمرآة.
أرى أنه رئيس أزمات في وقت حرج.. ولكنني حزين لأجل هاريس، وإن كنا هنا لا نشعر بالفرق.
حاليا تعرضت لحسم خمس أسابيع من راتبي الشهري، وبيتي بلا هاتف أرضي، دون خدمة إنترنت، أستعين بهاتف أخي وهاتفي الجوال، أيضا الغسالة الأوتوماتيكية لا تعمل. أغسل ملابسي باليدين تحت ماء الحنفية، وفي هذا البرد المفاجئ أستحم بماء بارد، وحتى اللحظة زوجتي من يدفع جميع التكاليف، إنها مأساة.. العالم يخذلنا، ولكنني أتنفس وأنا بغاية السخط والغضب”.
صالح
– وردني رد من “سكوت ماينار”، في اليوم التالي المصادف يوم الخميس 7 تشرين الثاني نوفمبر 2024:
“متأسف بسبب الظروف الصعبة التي تعاني منها الآن، يا صديقي، نحن منهكون هنا، رجاء اعتن بنفسك بقدر ما تستطيع.. شكرا لرسالتك الإلكترونية.
أنا أتعافى من عمل جراحي في الكتف خضعت له يوم الإثنين، وعليه كان أسبوعي صعبا، وأنا أعلم أنه أسبوع صعب لنا جميعا، ربما يحمل لنا المستقبل ما لا نراه حاليا، وهذا شيء مبشر ومريح”.
– وفي نفس اليوم “الخميس 7 تشرين الثاني نوفمبر 2024” أرسلت إليه هذا الرد:
“أتمنى لك الشفاء العاجل.
أذكر جراحة سابقة أجريتها قبل 8 سنوات.. صحتي لا بأس بها، ولكني أحتاج لعناية عينية وربما استبدال العدسات، ولكنه ليس مرضا خطيرا.
من فضلك اكتب المزيد من قصائدك الناعمة.
شكرا للجواب.
نحن نؤمن بالمستقبل.
صالح
– وردني منه تعقيب قصير أيضا مباشرة:
“أنت يا صديقي شديد التهذيب.. شكرا.. وممتن جدا لرسالتك الرقيقة فيما يخص المستقبل. بالفعل سهلت علي الظروف كثيرا، أنا أومن به كذلك…
آمل أن نتابع، كلانا، الكتابة، دائما يوجد خير في الكتابة، الأدب أداة لتحقيق الخير، ولدي قناعة بذلك أيضا، توقع الكثير منه يا صديقي.
شكرا جزيلا.
لقد أنرت لي يومي.
– وعلى الفور أرسلت الرد التالي:
“وأنت كذلك أنرت لي يومي شديد السواد، لا أستعمل الشموع منذ فترة، فقط مولد يعمل بالنفط ويكلفني ثروة صغيرة، ولكن أكتب كثيرا، مع القليل من فرص النشر.
أسمع صوت موسيقا صاخبة من شقة قريبة يحتفل سكانها بمناسبة زفاف على ما أظن.
الناس يتزوجون وينجبون العديد من الأولاد. وعما قريب سنصبح أقلية.
صالح