بعد شهرٍ أو أكثر بقليل من الآن، يدخل الشاعر دارا عبد الله إلى عالم المكتبات من بوابة كتابه الأول \”الوحدة تدلل ضحاياها\” وهو ما يخيفه في كيفية تلقي القارئ لمغامرته الأولى التي بدأها في النشر في الصحافة العربية.
إذ يحاول دارا في تجربته الحديثة التكوين أن يمزج في نصه النثري بين اليومي، والسياسي، والتاريخي، مضيفاً إليه القليل من توابله اللغوية التي ينحتها من القواميس، وأسفار العرب القديمة. من اللغة إلى الهشاشة اليومية يجد القارئ نفسه أمام قطعة من الفانتازيا اللغوية الحاضرة في جوانب الذاكرة. وكما الحذر من الوقوع في فخ الركاكة اللغوية التي تبرز في نصه، يبرز دارا في الحوار التالي محاولاً عدم الاندفاع إلى الهجوم في الرد على الاسئلة الموجهة له وإظهار الرأي الذي لا رجعة عنه.
– للسجن في نصوصكَ أثرٌ واضح، هل يمكن القول أن نصّكَ اكتمل بعد خروجكً من السجن؟
ليست فقط تجربتي الكتابية غضّة ومُبتدئة، بل تجربتي الحياتيَّة الشخصيَّة أيضاً، لذلك فإنَّ دخول السجن كان بالنسبة لي على الأقل، تجربة شخصيَّة حادّة ورضَّة نفسيَّة قويَّة، لا أعتقدُ أن نصَّي اكتملَ بعد الخروج من السجن، السجن لا يصنع نصَّاً ولا يساعدُ على اكتماله.
– منذ فترة نشرت نصوصاً قلتَ في نهايتها بأنها مقطع من كتاب نثري قيد الطبع عنوانه: \”الوحدة تدلل ضحاياها\”، هل حدثتنا عن تجربتكَ في هذا الكتاب على اعتبار أنه كتابكَ الأول..؟
الكتاب دخل الطبع وسيكون في المكتبات بعد شهرٍ تقريباً، هو حقاً أوّل كتابٍ لي، ولا أخفيك خوفاً من أخطاء التجربة الأولى، الكتاب هو عبارة عن نصوص نثريَّة متفرِّقة، منها ما هو منشور سابقاً، ومنها ما لم أنشرها في أي مكان، وفي الكتاب أيضاً نصوص خاصَّة بتجربة السجن.
– للاحتجاجات السورية أثرٌ بالغ في نصّك، كيف تقيم تجربتكَ قبلها وبعدها.. على اعتبار أنكَ جربتَ الاعتقال من قبل..؟
لم أكتب حرفاً قبل اندلاع الاحتجاجات في سورية، أصبح لي حوالي ثلاثة أشهر فقط أنشر، بالتأكيد الحدث السوري لم يصب فقط الواقع السياسي القائم بل نفذ عميقاً إلى البنية الثقافية والمجتمعيَّة، أعتقد أن الكتابة كانت بالنسبة لي القيام بمسؤولية أخلاقية من أجل تأسيس نظري مكافئ للحراك المجتمعي والسياسي.
– هناك نحتٌ لغوي للعربية في نصّكَ، هل هو نحتٌ لتجاوز عقدة اسمها \”سليم بركات\”، أم هو انتقامُ الكردي من العربية..؟
في الحقيقة هذا السؤال مكرر، وأصبح مزعجاً لأي كاتب كردي، أصبح سليم بركات هوية كتابية كردية ثابتة، والكتاب الأكراد الآخرون يقاسون بقربهم أو بعدهم من هذه الهوية المنجزة الأزلية، وأية محاولة لإنشاء لغة خاصة تعتبر \”تقليداً\” لسليم بركات، سليم بركات ناثر متميز وشاعر فذ، هذا أمرٌ لا شكّ فيه، وأنا شخصياً أستمتع جداً بقراءته، ولكن يجب ألا يصبح سليم بركات سقف كل كاتب كردي!.
– يتداخل في مقالك السياسي كم هائل من الشعري، النثري، ألا تلاحظ معي أن هذا التداخل يضعف الفكرة التي تريد إيصالها للقارئ..؟
أنا مع تخلص اللغة في المقالات السياسيَّة من التقريرية والمباشرة والصرامة، أحب أن أكتب \”نثراً سياسيَّاً\”، بمعنى آخر معالجة القضايا السياسية بلغة نثريَّة، لا أؤمن بهذه التقسيمات بأن هنالك لغة خاصة بالشعر ولغة خاصة بالسياسية، بالتأكيد يجب ألا يكون التصعيد اللغوي على حساب دقة الفكرة ووضوحها، ولكن مثلاً تعجبني نصوص المؤرخ اللبناني أحمد بيضون، الذي أعتقد أنَّه ابتكر لغة نثرية جديدة في معالجته لقضايا السياسة والمجتمع.
– السورييون عموماً والكرد خصوصاً واقعون بين \”جبهة النصرة\” و\”قوات النظام\” والأحزاب الكردية الحليفة للنظام، كيف تنظر إلى المصير في ظل هذا العفن المغروس في المستقبل..؟
لا أمتلك أية نظرة مستقبلية للشأن السوري بشكل عام والكردي بشكل خاص، لا أمتلكُ غير التشاؤم وتوقّع الأسوأ.
– لو لم تكن \”الثورة\” ماذا كُنت ستكتب..؟
بالتأكيد كانت ستكون هنالك موضوعات نكتب عندها، ليس بالضرورة أن تكون الكتابة مرافقة للثورات.