أقر مستشار حكومي بـ”تعقيد” ملف الديون في العراق، كاشفا عن حجم الديون الداخلية والخارجية والبالغة نحو73 مليار دولار فقط، في ظل وجود ديون “لم تثبت صحتها” وهي مرتبطة بالنظام السابق، فيما يرى خبير اقتصادي ضرورة توقف العراق عن الاقتراض حتى يتمكن من تقليل نسبة الديون، مؤكدا أن الديون الداخلية تشكل “ضررا كبيرا” على عكس الاعتقاد السائد بانها “أقل ضررا“.
ويقول المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “موضوع الديون العراقية معقد جدا، فهي تتوزع بين ديون داخلية وخارجية، فالداخلية تبلغ 50 مليار دولار، وتستوفى ضمن الجهاز المالي الرسمي والحكومي وليست لدائنين محليين من القطاع الخاص أي أنها من الدولة الى الدولة“.
ويوضح صالح، أن “المتبقى من الديون الخارجية واجبة السداد لا يتعدى 23 مليار دولار، وهي مبرمجة للسداد ضمن فقرة خدمات الديون في الموازنة العامة السنوية بغية إطفائها، وأن قسما منها من بقايا جدولة ديون اتفاقية نادي باريس، والأخرى استجدت لتمويل التسليح وتجهيز القوات المسلحة بسبب ظروف الحرب على الارهاب الداعشي بعد العام 2014“.
وعلى الحكومة العراقية، وفق صالح، ديون معلقة لـ8 دول، منها إيران والسعودية وقطر والإمارات والكويت، وتبلغ 40 مليار دولار، وهذه الدول لم تشطب ديونها بعد، رغم أنها خاضعة لنادي باريس، موضحا أنها “تعود لما قبل العام 1990 وهي مشكوك بصحة الرقم المطالب به، لذا يجب ان تشطب بنسبة 80 بالمائة صعودا وبخلافه فتعد شكلية لا قيمة قانونية لها، لكون اتفاقية نادي باريس لتسوية المديونية الخارجية للعراق ولديون ما قبل عام 1990، ملزمة وواجبة الشطب، كما فعلت الجزائر والولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصديقة والشقيقة“.
وكان عضو اللجنة المالية النيابية عبد الهادي موحان كشف يوم امس الاول، عن تجاوز قيمة ديون العراق الـ100 مليار دولار، وان العراق يدفع منها بحسب الموازنة العامة للبلد 14 ترليون دينار سنويا (نحو 95 مليون دولار).
وكان نادي باريس، قد شطب في العام 2004، نحو 80 بالمائة من الديون المترتبة على العراق، خلال فترة النظام السابق، حيث كانت تبلغ 120 مليار دولار.
واستمر العراق بالاقتراض الدولي بعد عام 2003، وخاصة في ازمة انهيار اسعار النفط التي تزامنت مع العمليات الامنية ضد تنظيم داعش في عام 2014، فضلا عن الاقتراض الداخلي لسد عجز الموازنة العامة للبلد، وبحسب وزير المالية علي علاوي، فانه كشف العام الماضي ان ديون العراق بلغت 133.3 مليار دولار.
وعانى العراق مؤخرا من ازمة مالية كبيرة، دفعته الى الاقتراض الداخلي مرتين في حزيران يونيو، وتشرين الاول اكتوبر 2020، وانتهى المطاف بتعويم الدينار، حيث تغير سعر صرفه امام الدولار، من 1180 دينارا لكل دولار الى 1450 دينارا.
وحول هذا الامر، يبين الخبير الاقتصادي همام الشماع في حديث لـ”العالم الجديد”، انه “يفترض ان يتوقف العراق عن الاقتراض للسنوات المقبلة، حيث اصبحت ديونه خصوصا الخارجية متعبة وتثقل كاهل العراق وهي بحدود 40 مليار دولار“.
ويلفت الى أن “الديون الداخلية قد تبدو للوهلة الأولى أقل ضررا بالاقتصاد العراقي، لكن بالواقع هي تشكل ضررا كبيرا على ميزان المدفوعات وضغط على احتياطي العراق من العملة الاجنبية، خاصة مع ضغط حكومة الكاظمي ووزير المالية على البنك المركزي لاقتراض 27 تريليون دينار، أضيفت لديون العراق الداخلية وهو ما ادى الى ارتفاع الدين الداخلي العام إلى مبالغ كبيرة وزيادة العملة المصدرة التي تجاوزت 70 تريليون دينار، وهذا يودي الي انخفاض مستويات المعيشة”.
ويردف أن “الآلية المناسبة لتقليل الدين خصوصا الداخلي، هو تقليص الانفاق العام بحيث يغطي العجز ويسدد الديون ويعيد التوازن لاقتصاد البلاد، وهو يجب ان يأتي بالدرجة الأولى من القضاء على الفساد والفاسدين الذين يمتصون معظم النفقات العامة ويبتلعونها، ثم تعظيم الإيرادات العامة بحيث يتناقص العجز ويبدأ الفائض بالظهور لسد عجز الموازنة”.
يشار الى أنه بالاضافة الى ديون النظام السابق، فان العراق مستمر بدفع التعويضات عن اجتياح دولة الكويت في عام 1991، حيث تشكلت لجنة أممية للتعويضات في ذلك العام،، وألزمت بغداد بدفع 52.4 مليار دولار كتعويضات للأفراد والشركات والمنظمات الحكومية وغيرها، ممن تكبد خسائر ناجمة مباشرة جراء الاجتياح.