مع ذروة فصل الصيف، وتزامن الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة مع الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية، لجأ أهالي مدينة الناصرية جنوبي العراق، إلى الطاقة الشمسية، رغم ارتفاع ثمنها، إلا أن المبلغ لم يشكل عائقا أمام الحفاظ على طاقة مستقرة في المنازل.
“مبيعاتي من منظومات الطاقة الشمسية ارتفعت خلال موسم الصيف الحالي، الذي يعد الأشد حرارة من سابقه”، هكذا يكشف حيدر خضير، أحد بائعي المواد الكهربائية والإلكترونية في الناصرية، عن ما يجري في المدينة.
ويضيف خضير خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “منظومات الطاقة الشمسية، باتت البديل الأفضل للمواطنين، حتى باتت بديلا عن المولدات الأهلية، فهي لا تحتاج إلى وقود أو كلف إضافية، فضلا عن أن عملها لا يترك أي مخلفات”.
ويتابع أن “سعر منظومة الطاقة الشمسية يعتبر مرتفعا إذا ما قورن بدخل المواطنين المحدود، إلا ان هذا الأمر لم يوقف بيعنا لهذه المنظومات، فهناك إقبال كبير عليها”، مبينا أن “أسعارها تبدأ من 800 دولار لتصل إلى 4 آلاف دولار، وهذه الأخيرة تنتج 20 أمبيرا من الطاقة الكهربائية”.
يذكر أن المكتبة المركزية العامة في ذي قار، تعد أول مؤسسة حكومية تعمل بالطاقة المتجددة البديلة، إذ تم تجهيزها بالخلايا الشمسية من قبل برنامج تعافي التابع لوكالة التنمية الدولية الأمريكية، ليتم الاستغناء عن المولد الكهربائي الخاص بها.
وخلال الأسابيع الماضية، شهدت الطاقة الكهربائية في العراق تذبذبا كبيرا، حيث تعرضت المنظومة لنقص حاد في التجهيز نتيجة لتوقف الغاز الإيراني، بسبب قضية المستحقات المالية، ومن ثم سرعان ما تعرضت المنظومة إلى إنطفاء شبه تام بسبب حريق في محطة تحويلية بالبصرة إضافة إلى تفجير أبراج الطاقة في محافظة صلاح الدين، والذي تكرر على التوالي خلال الأيام الماضية.
من جانبه، يؤكد معاون مدير المكتبة الوطنية في ذي قار، طالب حسين، خلال ديث لـ”العالم الجديد”، أن “منظومة الطاقة الشمسية الحالية تنتج نحو 50 أمبيرا وتغذي جميع قاعات المكتبة الـ8 حال انقطاع التيار الكهربائي الحكومي، حيث تعمل لأكثر من 10 ساعات باليوم الواحد”.
ويلفت إلى أن “المنظومة دخلت العمل منذ شهرين، لتكون المؤسسة الحكومية الوحيدة في ذي قار التي تعمل بالطاقة الشمسية، وربما في الجنوب عموما”.
يذكر أن مرصد العراق الأخضر البيئي، كشف في بيان سابق، أن أشعة الشمس الواصلة للعراق، يمكن أن توفر طاقة كهربائية بواقع 1000 ميغاواط لكل متر مربع، وأن البلاد تحتاج إلى 27 الف ميغاواط لتكون الكهرباء مستمرة خلال يوم كامل، وهذا يمكن توفيره عبر الطاقة الشمسية، خاصة وأن هناك 300 يوم مشمس خلال العام في البلاد.
وكانت وزارة الكهرباء، أعلنت في آيار مايو الماضي، عن وجود مجموعة من الخطط تعمل عليها، وأقرت جزءاً منها داخل البرنامج الحكومي، وتتضمن نصب وحدات الدورة المركبة وهي عبارة عن وحدات توليدية لا تحتاج إلى وقود لكي تعمل، وتضيف طاقة 4 آلاف ميغاواط، فضلا عن المضي بمشاريع إنشاء المحطات الحرارية وهي محطات تعمل على شتى أنواع الوقود وستضيف طاقات توليدية كبيرة، فضلا عن تأكيدها على وجود توسعة لشبكات النقل وإنشاء خطوط ناقلة، وترقية ارتباط شبكات النقل ما بين المحافظات، فضلا عن تطوير شبكات التوزيع.
يشار إلى الموازنة الاتحادية للعام الحالي والعامين المقبلين، تضمنت عشرات القروض من دول ومؤسسات دولية لغض تطوير قطاع الكهرباء في العراق، وهذا إلى جانب توقيع عقود مع شركات سيمنز وجنرال إلكتريك وتوتال، لغرض تطوير الكهرباء والعمل على منظومات الطاقة الشمسية، لكن هذه العقود لم تتم المباشرة بها حتى الآن.
من جانبه، يبين ممثل وزارة الكهرباء للمحطات الشمسية في ذي قار نمير علي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “جرى استحصال الموافقات الرسمية لاستملاك عدد من الأراضي في المحافظة، أحدها غرب المدينة بواقع 3 آلاف دونم، لغرض استثمارها بنصب محطة توليدية للطاقة الشمسية تنتج 350 ميغاواط، وأخرى شمال المحافظة بمساحة 3600 دونم، وهذه يمكن أن تنصب فيها محطة تنتج 500 ميغاواط”.
ويشير إلى أن “العمل جار لإكمال موافقات أرض أخرى بقضاء الشطرة بمساحة 1600 دونم ويمكن أن تنتج 200 ميغاواط”، مضيفا أن “هذه المحطات مطروحة للاستثمار أمام الشركات، وآلية التعاقد وبيع الطاقة المتولدة تحددها بوزارة الكهرباء، وهناك بعض العروض قدمت من قبل المستثمرين”.
ويعتمد العراق على الغاز الإيراني في تشغيل محطات الطاقة الكهربائية، حيث يحصل على استثناءات دورية من واشنطن لاستيراد الغاز الإيراني، نظرا للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
إلى ذلك، يؤكد المدير العام لمجلس حماية وتحسين البيئة في جنوب العراق محسن عزيز، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة العراقية وبالتنسيق مع الوزارات، لديهم توجه نحو الطاقة المتجددة، عبر الطاقة الشمسية أو الكهرومائية، وأيضا طاقة الرياح، ولكن العمل حاليا مقتصر على الطاقة الشمسية”.
ويلفت إلى أن “التقنيات الحديثة ليس فيها تأثيرات سلبية وصديقة للبيئة وصيانتها قليلة، ويمكن من خلالها أن نحسن الواقع البيئي في العراق وعموم المحافظات، كما أن الدوائر البيئية تقدم جميع التسهيلات اللازمة للمشاريع الخدمية والصناعية والزراعية التي تعمل بالطاقة الشمسية”.
يذكر أن الجهاز المركزي للإحصاء، كشف في العام 2021، عن وجود 359 محطة مائية تعمل بالطاقة الشمسية، وكانت ذي قار أكثر المحافظات بعدد المحطات إذ بلغت 58 محطة تليها القادسية 57 محطة ومن ثم صلاح الدين بواقع 55 محطة والنجف أقل مدينة بواقع محطة واحدة.