سلسلة من الاخبار المتسارعة وتداعياتها، مقاطع فيديو مختلفة لا تخلو من العنف، تصريحات ومواقف سياسية ترفض او تؤيد ما حصل، تطورات سلبية باتجاهات مختلفة، كل ذلك يتعلق بقصة الراية التي تم انزالها من قبل احد العاملين العرب في شركة اجنبية وما لحقه من اقتحام مجموعة لمقر الشركة. ورغم اجواء عاشوراء وسيطرتها على الاعلام، ورغم ملف مياه الامطار وازمته الكبيرة، الا ان ذلك الخبر اخذ حيّزا كبيرا في وسائل الاعلام.
وعدا ضرورة قضية التحقيق في الموضوع ومعاقبة الفاعلين وضرورة اعادة الامور الى نصابها لابد من استثمار تلك الحادثة للتذكير مرة اخرى ببعض الامور فيما يخص عمل الشركات النفطية وطواقمها، وايضا ما يتعلق بعمل الجهات الرسمية وكذلك تعاطي المواطن العراقي مع الشركات العاملة في العراق.
رب ضارة نافعة وما حصل يفترض ان لا يتكرر، في مختلف انحاء العالم لا توجد شركة او طواقم تابعة لها لا تحرص على كسب ود المحيط الذي تعمل فيه، جزء من نشاطها الاقتصادي هو العمل على ترطيب الاجواء مع سكان المناطق القريبة منها، ليس ذلك غريبا بل هو مبدأ اقتصادي لا تهمله الشركات الاقتصادية، ان ذلك جزء من صميم عملهم، وقد تعلّموا ذلك بشكل او بآخر، وعادة ما تتشكل اقسام خاصة في تلك الشركات مهمتها الاساسية تأهيل طواقمها ورفع ثقافتهم العامة في ايّ جزئية تتعلق بالنشاط الاقتصادي الذي يعملون فيه، ولذلك فان الشركة التي اثير حولها الجدل تتحمل جزءا من المسؤولية بشكل او بآخر، لا شك في ذلك.
فيما يخص الجهات العراقية الرسمية ايضا كان يفترض بها الفات نظر الشركات الى تفاصيل من هذا النوع او حتى تضمين ذلك في العقد الموقع بين الجانبين تلافيا لأي مضاعفات قد تحدث، ومنها الشروط الجزائية التي قد تترتب على اي من الاطراف في مثل هذه المواقف. لتكن تلك الحادثة عبرة لوزارة النفط وغيرها من الوزارات بأن تراعي هذه الجوانب في العقود القادمة.
المواطن هو الاخر عليه ان يعرف حدوده، الشركات العاملة لا تأتي للعراق الا بعد الّتي واللتيّا، كما ان الصناعات النفطية مسألة في غاية الحساسية، انها قوت الشعب ورغيف خبزه، النفط خير يشمل الجميع ولا يمكن التساهل بالتجاوز على الصناعات النفطية، سواء حصل الاستفزاز من قبل عمال الشركة ام لم يحصل، ليس هناك مبرر لهذه الفوضى التي حصلت والاعتداء العشوائي ضد كل ما يمت للشركة بشيء، ليس من المعقول ان يكرر اتباع الحسين ما فعله اتباع يزيد، كما انه ليس من اللياقة بشيء ان يتم الاعتداء الجماعي على شخص اعزل!
فلتكن هذه الحادثة مناسبة لتسليط الضوء على قضية التعاطي مع الشركات الاجنبية بشكل عام، ولتكن مناسبة لضبط ردود الافعال وعدم المبالغة فيها، انها تظهر العراقيين بمظهر الهمجي، سيما وان الصورة عن العراق مشوّهة في الاعلام بما يكفي.
gamalksn@hotmail.com