يبدي عبد السادة جاسم (60 عاما) وهو عسكري سابق، أسفه لعدم امتلاكه 15 مليون دينار عراقي (ما يعادل نحو 12 ألف دولار)، ليقدمها كثمن للحصول على رتبة نقيب في الجيش العراقي، ليكون حاله حال الكثير من العاطلين من بقايا الجيش السابق، والذين وجدوا أنفسهم بلا عمل أو راتب تقاعدي.
جاسم الذي أشّر لـ\”العالم الجديد\” تلك المشكلة، يتطلع بعين الغبطة الى رفاقه الذين تمكنوا من دفع المبلغ المذكور، وكوفئوا برواتب تقاعدية، أو حتى الاستمرار بالخدمة العسكرية، حيث يقول إن \”عملية الدمج يتخللها فساد كبير، لاسيما من قبل الأشخاص التابعين لبعض الأحزاب السياسية المكلفين بإدارة هذا الملف، حيث باتوا يطالبون بمبالغ كبيرة مقابل منح رتبة في الجيش العراقي إذا كنت حاصلا على شهادة دراسية\”.
ويلفت المواطن القادم من الصويرة \”أقدمت على هذه الخطوة قبل سنوات، لكن اسمي ما زال مهملاً على رفوف وزارة الداخلية بذريعة أن الدمج متوقف لوجود مشاكل بين الأحزاب على حصصها من هذا الاستحقاق\”, مبدياً استغرابه \”من قبول طلبات أصدقائه من المنطقة التي يسكن فيها حاليا, لكونها قدمت عن طريق احد الأحزاب النافذة\”.
ويؤكد أن \”بعضهم التحق بالجيش العراقي، والبعض الآخر يستلم رواتب تقاعدية عن رتب عسكرية من نائب ضابط إلى نقيب بحسب التحصيل الدراسي، والثمن المطلوب من قبل سماسرة الأحزاب\”.
وجوبه قانون دمج الميليشيات الذي اقر في زمن الحاكم المدني للعراق بول بريمر من اجل انخراط الفصائل المسلحة في المعارضة العراقية التي قارعت النظام المقبور, كونه أصبح غطاءً قانوني لبعض الأحزاب النافذة لتوظيف عناصرها من اجل الحصول على رواتب تقاعدية، ورتب عالية في القوات الأمنية, على الرغم من أن اغلبهم لا تنطبق عليه الشروط التي شرع من اجلها القانون المذكور, ما زاد من المعارضين له لاسيما الجهات المعارضة للحكومة في إشارة إلى القائمة العراقية.
على الصعيد ذاته, تكشف لجنة الأمن والدفاع النيابية عن استمرار عملية دمج الميليشيات لغاية الآن على الرغم من آثارها السلبية التي ظهرت على أداء المؤسسة العسكرية, لافتة إلى أن \”الأحزاب النافذة هي من تدير هذه العملية دون منافس\”.
ويطالب عضو اللجنة مظهر الجنابي الحكومة بالتوقف عن \”دمج الميليشيات\”، لأنها تتم بطريقة عشوائية أثقلت كاهل الدولة، وانعكست بشكل سلبي على أداء المؤسسة العسكرية، لاسيما وأن عدد المشمولين \”تجاوز 22 ألف شخص\”.
النائب مظهر الجنابي
ويقول الجنابي في حديث لـ\”العالم الجديد\”، إن \”هذا العدد مبالغ به، وأن عدد المستحقين الحقيقيين لا يتجاوز 500 شخص ممن قارعوا النظام البائد\”, لافتاً الى أن \”الغريب في الأمر، هو أن بعضهم برتبة لواء أو فريق ركن، وتسنم مناصب قيادية في الأجهزة الأمنية, بيد انه لا يمتلك خبرة عسكرية\”.
وينهي عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، بالدعوة إلى \”احتساب مكافأة نهاية خدمة للدمج، لأن لبقائهم تأثيرا سلبيا على سمعة الأجهزة الامنية\”.
يذكر ان القضاء أقر احتساب مدة الانتماء الى المليشيات الخاصة بالأحزاب المعارضة للنظام السابق، كخدمة وظيفية لاغراض العلاوة والترفيع والترقية والتقاعد، وللذين عينوا بوظائف مدنية أو نقلوا اليها بعد مخاطبة لجنة دمج المليشيات في وزارة الداخلية.
وكان رئيس الجبهه التركمانية النائب ارشد ألصالحي, قد دعا أيضا, يوم امس الثلاثاء, رئاسة الوزراء إلى إعادة قانون دمج الميليشيات إلى البرلمان من أجل مناقشته تمهيدا لإقراره.
وقال الصالحي في مؤتمر صحفي بالبرلمان، وتابعته \”العالم الجديد\”، إن \”هناك 2000 مقاتل تركماني شاركوا في عملية إسقاط النظام البائد، ولم يتم دمجهم في القوات المسلحة كما حصل مع بعض الأحزاب الأخرى\”, مضيفاً إن \”إعادة القانون الى البرلمان سيمنح هؤلاء المقاتلين فرصة عمل في القوات الأمنية المختلفة\”.
وكان وزير الدولة لشؤون المحافظات طورهان المفتي، قد كشف قبل شهر عن بدء الإجراءات القانونية لشمول 1000 مقاتل من المليشيا التركمانية التي قارعت النظام السابق بقانون دمج الميليشيات.
يأتي ذلك في ظل ازدياد عمليات زج العديد من العناصر التي تؤمن مثل هذا المبلغ تحت لافتة \”دمج المليشيات\” ذلك القانون الذي سنه برايمر ولا زال نافذا، ليفتح الباب أمام مسألة إثقال كاهل الأجهزة الأمنية بأشخاص غير مؤهلين، في وقت تزداد فيه الخروقات الامنية.
من قضاء \”الصويرة\”