يا رجال العالم الثالث انتحروا.
رجل العالم الثالث؛ يقابل رجل عالم ثالث آخر، يكبره بست سنين، فيشفق عليه.
رجل العالم الثالث يعيش بـ 89 دولارا في الشهر؛ رجل العالم الثالث يعيش ثلاثين يوماً، بيومية رجل من العالم الأول.
رجل العالم الثالث؛ يقضي أقصى عقوبة إلهية خلف جدران الوطن، أربعين عاماً من الدين والفقر والعجز.
ثم كيف يحتفظ رجل العالم الثالث بأخلاقياته الراسخة وقيمه النبيلة وصفاته الفاضلة، تحت مطرقة الفقر.
العالم العربي خندق عظيم من خنادق الجحيم.
كيف لوطن؛ يحمل بين جوانحه، صنع الله إبراهيم وإبراهيم أصلان وأحمد عفيفي، ألا يكون وطنا جميلا.
رجل العالم الثالث يحلم؛ والرب يحقق أحلامه، ولكن لرجل من العالم الأول.
كما أن الخصيتين والحيوانات المنوية، عبء على رجل العالم الثالث، فهما إما يؤلمانه رغماً عنه أو يموتون على المذبح الخطأ.
ثم أن رجال العالم الثالث ليسوا بحاجة لجهاز تناسلي كامل، يكفيهم الخرطوم من أجل التبول، فهم محرمٌ عليهم الجنس، وليس بمقدورهم الزواج.
أنا ليس بإمكاني أن أُطعم جائع ولكن بإمكاني أن أتوقف عن الطعام.
رجل عربي طيب؛ يهتم بنظافته الشخصية، ولا يصدر صوتاً عند النوم، ولا يكترث كثيراً بالطعام، يرغب بامرأة طيبة، لديها طفلتين بعمر الثالثة والخامسة.
رجل العالم الثالث؛ يسعد ببركات الصباح، تلك التي تثرثر بها العصافير، كما لو أنها أخطأت وظنت أنها تغرد بشرفة رجل من العالم الأول.
العالم العربي؛ مثلث برمودا كبير، الداخل به مفقود، والخارج منه مولود.
عايز شنطة جلد.
حاضر
عايز جذمة جلد.
حاضر
عايز قميص وبنطلون مش مريلة.
حاضر
أبي؛ كيف بحق الجنون، كنت تنفق على ثمانية راشدين بالجامعة، كيف.. كيف؟
الحياة بالعالم الثالث؛ تشطرك نصفين، نصف طيب ونصف شرير، نصف جدع ونصف حقير، نصف وصولي ونصف ابن بلد، الحياة بالعالم الثالث، تنتج عُملات وليس بشر.
رجل العالم الثالث؛ كان يطمح بالثراء لمساعدة الفقراء، وللمفارقة، أصبح هو من الفقراء.
رجل العالم الثالث؛ يعيش بحلبة مصارعة، الرب بالركن الأول، الأخ بالركن الثاني، الماضي بالركن الثالث، المستقبل بالركن الرابع، ورجل العالم الثالث يجثو مُجهد بالمنتصف.
ضابط يُشبه المتحدث الإعلامي للقوات المسلحة تماماً، ينظر إلى جسدي الرياضي بهدوء، ويتمعن بثباتي الانفعالي بريبة، ويسألني سؤال استخباراتي، ينسف محاولتي دخول كلية الشرطة كطه بفيلم عمارة يعقوبيان \” بابا بيشتغل إيه يا أحمد؟ \”
يقرأ المُراقب بيانات بطاقتي، فيجدني والعياذُ بالله من السكان الأصليين للزاوية الحمراء، فينظر إلي محتقراً ومتهكماً ويقول \”وعايز تدخل معهد سينما\”!
رجل العالم الثالث؛ رجل قنوع، يكفيه أربعة جدران، ووجبتين، وعلبة سجائر.
رجل العالم الثالث؛ يستغرق أربعة عقود، من السباحة ضد التيار، حتى يصل إلى الضفة الأخرى، ويجد نفسه.
وسوف أظل أبحث؛ عن الأحمق الذي دفعني من فوق حافة الواحدة والعشرين.
روائي تحت الطلب؛ يجيد الأعمال الكتابية، وشُغل الإبرة، ويعمل بلُقمته.
لن يموت الرجل؛ قبل أن يواجه مخاوفه.
أنا لم أقتله؛ أنا أردته فقط أن يعرف معنى أن يتمنى شيئاً، فلا يتحصل عليه.
رجل العالم الثالث؛ سوف يُدفن بكاليفورنيا، تحت تبّة خضراء، تزورها الشمس كل يوم.
رجل العالم الثالث؛ كـ الحملات الصليبية على بيت المقدس، لا هو ينجح، ولا هو يكف عن المحاولة.
أنا قوي؛ أنا صلب، أنا صخرة، أنا لم أتفتت حتى الآن، أنا أزداد صلادة وصلابة، أنا درع و سيف، أنا تملؤني الطعنات والجراح ولا أبالي، أنا أتقدم رغم الموت والحرب، أنا أنتصر و أُبعث من جديد، أنا عمري أربعة قرون، أنا رجل العالم الثالث الخالد.
*كاتب عراقي