صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

رد الطعون بالقوانين الجدلية.. تباين في المواقف السياسية ومخاوف من التبعات

تباينت المواقف السياسية في العراق حول رد المحكمة الاتحادية العليا الطعون المقدمة بالقوانين المثيرة للجدل وهي (العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات المشمولة بقوانين البعث)، بين الرفض والتأييد وسط مخاوف من تبعات تلك القوانين على الداخل العراقي.

إذ هنأ رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، اليوم الثلاثاء، من وصفهم “الأبرياء في السجون ومن ينتظرهم”، مؤكداً أن العمل داخل البرلمان لتأمين توافق سياسي لتمرير قانون العفو العام قد أثمر عن نجاح. 

وقال المشهداني في بيان تلقته “العالم الجديد”، إنه “بحمد الله تعالى وكما وعدنا أمهات الأبرياء، بعد أن وصلتنا صرخات من في السجون، عملنا داخل البرلمان للحصول على توافق سياسي لتمرير قانون العفو العام، ولقد نجحنا فيما فشل به الآخرون، وحققنا الهدف المنشود بالتصويت عليه وتنفيذه”.

وأضاف المشهداني: “مبارك للأبرياء ولمن ينتظرهم، إنها فرصة بالعودة للحياة الحرة والمشاركة في بناء البلد والحفاظ على استقراره”.

إلى ذلك، أكد رئيس تحالف العزم، مثنى السامرائي، اليوم الثلاثاء، أن قرار المحكمة الاتحادية برد الدعوى بشأن قانون العفو العام انتصارٌ للعدالة وخطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإنصاف المظلومين.

وقال السامرائي في تغريدة على منصة “x”، إن “قرار المحكمة الاتحادية برد الدعوى بشأن قانون العفو العام انتصارٌ للعدالة وخطوة مهمة نحو تصحيح المسار وإنصاف المظلومين”.

وأضاف: “نبارك لعوائل المعتقلين الأبرياء الذين سيستفيدون من هذا القانون، ونثمن التزام السلطات القضائية بدعم التشريعات التي تصب في مصلحة المواطن”.

وأكد، أن “إنجاز هذا القانون هو استكمال لمسار الاتفاق السياسي الذي أبرمناه مع القوى السياسية”.

وفي السياق ذاته، رحّب نائب رئيس مجلس النواب العراقي، شاخوان عبد الله، اليوم الثلاثاء، بقرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن رد الشكوى المقدمة ضد قوانين أقرّها البرلمان في وقتٍ سابق.

وقال عبدالله في منشورٍ على الفيسبوك: “نرحّب بقرار المحكمة الاتحادية العليا برفض الشكاوى المقدمة بشأن قانوني الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة الممتلكات إلى أصحابها، خاصة في كركوك”.

وأضاف أنه “بعد قرار المحكمة الاتحادية، لا توجد أي عوائق أمام عودة الحقوق إلى أصحابها والأراضي إلى أصحابها الأصليين”.

من جهة أخرى، رأى عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، اليوم الثلاثاء، أن “الضغط” كان واضحاً على المحكمة الاتحادية العليا لعدم الاستجابة للطعون المقدمة من قبل بعض أعضاء مجلس النواب. 

وقال المالكي في تصريح تابعته “العالم الجديد”، أن المحكمة أصدرت قرارها، وهم يحترمون هذا القرار، وكان متوقعاً رد الدعاوى.

وأشار المالكي إلى أن “المحكمة اتخذت قرارها بناءً على اعتبارات سياسية، وفضلت مراعاة الوضع الحالي على الاعتبارات القانونية”.

وأضاف أن “المحكمة الاتحادية نفسها غير مقتنعة بالقرار الذي صدر، مستدركا القول “لكن هذا هو الوضع السائد في العراق”.

أكد المالكي، أنهم “راضون عن ما تم تقديمه من اعتراضات، حيث تم اعتراضهم خلال جلسات مجلس النواب وأثناء التصويت على القوانين، كما اعترضوا في المحكمة الاتحادية”.

وأوضح أن “هذه الاعتراضات لم تكن تهدف إلى إيقاف القوانين، بل لتصحيح بعض الأخطاء في الفقرات التي تم إدراجها”.

وتابع المالكي قائلاً: “للأسف، بعض تلك الفقرات تشجع على الفساد وتتيح الإفلات من العقاب للمجرمين والإرهابيين”.

وأشار المالكي إلى أن قانون العفو العام جاهز للطعن فيه مرة أخرى، موضحاً أن رد الدعوى اليوم لم يكن موضوعياً، وأن بعض الفقرات تعتبر غير دستورية، مما يتيح لأي شخص أو عضو في مجلس النواب تقديم الطعن في فقرات قانون العفو العام مجدداً.

وفيما يتعلق بقانون الأحوال الشخصية، أفاد المالكي أن “رئاسة الجمهورية ستقوم بالمصادقة عليه، ومن ثم إعادة العقارات، وبعدها سيتم نشره في الجريدة الرسمية”.

وأنهت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، خلافاً حاداً مع مجلس القضاء الأعلى، بعدما ردّت طعوناً في 3 قوانين خلافية شرعها البرلمان بطريقة “السلة الواحدة”، هي (العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات المشمولة بقوانين البعث)، ما يمهد الطريق أمام المضي بالقوانين والعمل بها.

وكان نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية، القاضي حسن فؤاد، أكد أمس الاثنين، أن القضاء الولائي لا يدخل في اختصاص المحكمة الاتحادية العليا وإنما يبقى منعقداً للقضاء العادي على وفق ولايته العامة والنصوص القانونية الواردة في قانون المرافعات المدنية، مبينا أن “قرار المحكمة المختصة بنظر الطعن المرفوع على التظلم من الأمر على العريضة هو الذي يكون باتاً على وفق المادة 216 /2 مرافعات مدنية”.

وأكد أن “قرارات المحكمة الاتحادية باتة وملزمة على خلاف الأوامر الولائية وبالتالي فإن البتات والإلزام المراد به في المادة 94 من الدستور هو الذي يلحق القرارات النهائية التي تصدر عن المحكمة فاصلة في المواضيع الداخلة في اختصاصها الذي نص عليه الدستور وقانونها رقم 30 لسنة 2005″، مشيراً إلى أنه “ينبني على ذلك أن القضاء الولائي لا يدخل في اختصاص المحكمة الاتحادية العليا وإنما يبقى منعقداً للقضاء العادي على وفق ولايته العامة والنصوص القانونية الواردة في قانون المرافعات المدنية لا سيما وأن دستور جمهورية العراق وقانون المحكمة لم يخولها هذا الاختصاص”.

وأصدرت المحكمة الاتحادية، في 4 شباط فبراير الجاري، أمراً ولائياً بإيقاف تنفيذ القوانين الثلاثة، الأحوال الشخصية، العفو العام، العقارات، المقرة من مجلس النواب إلا أن هذا الأمر جوبه بالرفض الواسع من قبل قوى سياسية سنية وكردية.

وكان مجلس القضاء العراقي الأعلى، افتى في 5 شباط فبراير الجاري، بعدم جواز إيقاف تنفيذ القوانين التي يتم تشريعها من قبل مجلس النواب قبل نشرها في الجريدة الرسمية، فيما اعتبر قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وإعادة العقارات الى أصحابها يقتضي التريث في إصدار أي قرار يتعلق بهما، شدد على أن المحاكم في البلاد ملزمة بتنفيذ قانون العفو العام.

هذا وشرعت المحاكم في محافظات العراق اعتبارا من الخميس الماضي، بتنفيذ تعديل قانون العفو العام على وفق نصوصه والتعليمات التي أصدرها مجلس القضاء الأعلى بهذا الخصوص رغم اعتراض المحكمة الاتحادية العليا اعلى سلطة قضائية في البلاد.

يشار إلى أن رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، كان أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدًا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن “الإرهابيين”، وفيما اتهم المحكمة بتسييس قراراتها، شدد على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.

ومع حلول مساء الثلاثاء 4 شباط فبراير الجاري، بدأت محافظات سنية تعطل الدوام الرسمي، احتجاجا على الأمر الولائي، بدءا محافظة نينوى، ومن ثم تلتها محافظة الأنبار، ومن ثم التحقت صلاح الدين بهذه المحافظات، وأعلن أخيرا محافظ كركوك، ريبوار طه تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة.

وفي مقابل ذلك، أعلن الإطار التنسيقي، دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 كانون الثاني يناير الماضي، مستغربا “الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين”.

وكان مجلس النواب، صوت بجلسته الثالثة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، المصادف 21 كانون الثاني يناير الماضي، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس على ثلاثة قوانين.

إقرأ أيضا