منذ سنوات والعراق لم يحصل على أي خدمات أو مبالغ مالية مقابل شحنات “الفيول” التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية، إلا أنه وفي خطوة غير مسبوقة، وافق العراق، اليوم الخميس، على تمديد عقد الفيول الموقّع بين مع لبنان حتى نهاية شهر كانون الثاني يناير 2025 بدلا من نهاية تشرين الأول أكتوبر 2024 مع إمكانية زيادة الكمية إلى مليونَي طن سنويا بدلا 1.5 مليون طن فقط.
وفي تموز يوليو عام 2021 وقع لبنان مع العراق اتفاقا لاستيراد مليون طن من وقود الفيول للتخفيف من أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى لبنان محملة بـ31 ألف طن من هذه المادة في 16 أيلول سبتمبر 2021.
وقال وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال في لبنان وليد فياض إنه “تبلّغ اليوم من رئاسة الوزراء ومن وزارة النفط في العراق، موافقة مجلس الوزراء العراقي على طلبه القاضي بتمديد عقد تزويد الفيول أويل الموقّع بين لبنان والعراق لغاية نهاية كانون الثاني 2025، بدل نهاية تشرين الاول 2024، ليتمكن لبنان من استنفاذ كامل الكمية التعاقدية أي 1.5مليون طن، وذلك عبر تأمين شحنات بسعة 125 ألف طن شهرياً خلال هذه المدة”.
وأضاف: “كما وافقت الحكومة العراقيّة على طلب الوزير فيّاض تجديد هذا العقد لتجهيز لبنان للسنة الرابعة بالشروط السابقة عينها، مع إمكانية زيادة الكمية، بناءً على تمني الوزير فيّاض ان تصل الى 2 مليون طن سنوياً بدل 1.5 مليون”.
وشكر فيّاض “العراق شعبا وقيادةً على استمرارية واستدامة مساعدته ووقوفه الى جانب لبنان في جميع الظروف الصعبة إن كانت اقتصادية أو أمنية كما هو الحال اليوم في ظل الحرب الهمجية التي يخوضها العدو الاسرائيلي على لبنان، وسيسعى بمتابعة شخصيّة منه مع الحكومتين العراقية واللبنانية، الى وضع ما تمّت الموافقة عليه موضع التنفيذ في أسرع وقت ممكن”.
تجدر الاشارة الى أنّ كمية 1.5 مليون طن المذكورة في الاتفاقية قيد التنفيذ حاليا تمكن التغذية المستدامة للمرافق العامة والتغذية للمستهلكين بمعدّل يتراوح بين 4 و6 ساعات يوميا، في حين أنه اذا ما تمّت زيادة الكميات في العقد الجديد لتصل الى 2 مليون طن سنويا، فهذا المعدل يمكن أن يصل الى ما بين 5 و8 ساعات يوميا.
ومع وصول شحنة الغاز أويل إلى لبنان المتوقع غدا والتي تزن 40 الف طن، وتُستتبع بشحنةٍ ثانية مماثلة تزن 40 الف طن، وتصل في 25 من شهر تشرين الثاني نوفمبر الحالي، سيتوفر لدى مؤسسة كهرباء لبنان مخزون مريح من الوقود يكفي لمدة تتجاوز الشهر.
والفيول مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير (وقود ثقيل) ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية.
واتفق العراق ولبنان على تبادل الطاقة، يمنح العراق بموجبه لبنان الذي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مادة زيت الوقود الثقيل، مقابل “خدمات وسلع” سيحصل عليها العراق من لبنان، الا أن العراق لم يحصل على خدمات أو سلع كما أنه لم يحصل على المبالغ المالية مقابل الوقود التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية.
وكان وزير الطاقة في حكومة تصريف لبنان وليد فياض أكد، في 30 أكتوبر تشرين الأول الماضي، أن لبنان يحظى بدعم من العراق في قطاع الطاقة، إذ يتم التنسيق مع الحكومة العراقية والمسؤولين عن الملف اللبناني”.
وأضاف أن الحكومة اللبنانية تعمل “تعمل على تمديد الاتفاقية مع العراق، التي تقضي بتزويد لبنان بزيت الوقود الثقيل”، معربا عن أمله بـ”تمديد الاتفاقية لسنة إضافية على الأقل وزيادة الكمية إلى مليوني طن”.
ولفت فياض، أن “الدعم العراقي يشمل مساعدة النازحين أيضا بالتنسيق مع وزارة المهجرين”.
وكانت مصادر لبنانية رفيعة، كشفت في 18 آب أغسطس الماضي، أن بغداد رفضت تجديد الاتفاق المبرم مع بيروت والقاضي بإمداد لبنان بكميات من “الفيول” مقابل خدمات يوفرها لبنان للعراق، وفقا لما ذكره موقع Leb Economy.
ونقل الموقع عن تلك المصادر قولها، إن عدم تجديد الاتفاق يعود إلى أسباب مالية بحتة، وتتعلق بشكل مباشر بعدم موافقة مصرف لبنان فتح إعتماد لتقديم الخدمات للعراق بقيمة 700 مليون دولار جديدة من دون وجود ضمانات حقيقية بدفع الدولة لهذه المبالغ.
وأوضحت أن الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي ذهب الى بغداد آملاً أن يقبل الجانب العراقي إلغاء الأموال المترتبة على لبنان جراء هذا الإتفاق (700 مليون دولار)، والتي إلتزم لبنان بتقديمها على شكل خدمات للجانب العراقي.
ووفقا للمصادر فإن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وافق على تجديد الإتفاق بـ700 مليون دولار إضافية بالشروط نفسها، من دون إلغاء مفاعيل الإتفاق الأول، وبالتالي فإن القيمة الإجمالية المترتبة على لبنان للعراق بلغت مليار و400 مليون دولار”.
وكان الخبير النفطي كوفند شيرواني، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “العراق ومنذ اندلاع حريق مرفأ بيروت قدم الكثير من المساعدات الغذائية والمحروقات من دون مقابل إلى دولة لبنان، ثم جرى تنظيم هذا الأمر بشكل تعاقد على أن يكون هناك نوع من المقايضة، بأن يرسل العراق مادة الكازوايل (زيت الوقود الثقيل) المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء مقابل تزويده بالمواد الغذائية من لبنان”.
وأضاف أن “الأسعار التي تحتسب فيها المنتجات النفطية لا تعرف ما إذا كانت وفق القيمة السعرية العالمية أم هي أسعار تفضيلية، فالجانب اللبناني كان واضحا في أنه يسعى إلى الحصول على مشتقات نفطية بأسعار تفضيلية على غرار ما يمنح للأردن”.
وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقارير سابقة، أن لبنان لم يدفع للعراق بعد ثمن النفط الذي حصل عليه، لأسباب من بينها أن هناك بعض الشروط غير واضحة في الاتفاقية، فالعقد المبرم بين الطرفين ينص على أن يودع لبنان أموالا في حسابه بالدولار، ويمكن للعراق سحبه بالليرة اللبنانية لإنفاقه (داخل السوق اللبنانية) على “السلع والخدمات”، مثل الخدمات الطبية، دون وضوح في سعر الصرف الذي يختلف بين التسعيرة الحكومية والسوق السوداء، ولا طبيعة الخدمات التي من المفترض أن يحصل عليها العراق.
ولاحقت الصفقة العراقية اللبنانية فضيحة في أيلول سبتمبر 2023، بعدما كشف مصدر مطلع، لـ”العالم الجديد”، إن “قضية إرسال زيت الوقود (الفيول) العراقي إلى لبنان، انطوت على خفايا خطيرة جدا، تتعلق بالمقابل الذي يدفعه لبنان للعراق، حيث وصلت شحنة من فاكهة الرمان، كجزء من هذا الاتفاق، كانت محشوة بأقراص الكبتاغون المخدرة وبكميات كبيرة جدا”.
يشار إلى أن الحكومة الحالية، قد وافقت في أيار مايو العام الماضي، على تجديد اتفاقية تزويد لبنان بزيت الوقود، بشروطها الحالية، سنةً ثالثةً إضافية، بدءاً من تشرين الأول أكتوبر ، والتزام شركة سومو بتجهيز كامل العقد القديم، وزيادة العقد القديم للنفط الأسود إلى 1.5 مليون طن سنوياً، وإبرام عقد جديد للنفط الخام بمليوني طن سنوياً.