عاد الحديث مجددا حول صفقة الفيول العراقي مع لبنان، في الوقت الذي لم يحصل فيه العراق على أي خدمات أو مبالغ مالية مقابل الوقود التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية، خلال الفترة الماضية.
ومع تصاعد الحزب الإسرائيلية على لبنان ونزوح آلاف اللبنانيين إلى العراق، اعلنت لبنان، اليوم الأربعاء، عزمها تمديد اتفاقية الفيول العراقي وزيادة الكمية، مشيرة إلى أنها تحظى بدعم العراق.
وفي تموز عام 2021 وقع لبنان مع العراق اتفاقاً لاستيراد مليون طن من وقود الفيول للتخفيف من أزمة الكهرباء في البلاد، ووصلت أول باخرة إلى لبنان محملة بـ31 ألف طن من هذه المادة في 16 أيلول سبتمبر 2021.
والفيول مزيج من الزيوت التي تبقى في وحدة تكرير النفط بعد التقطير (وقود ثقيل) ويحرق في الفرن أو المرجل لتوليد الحرارة أو لتوليد الطاقة الكهربائية أو الحركية.
واتفق العراق ولبنان على تبادل الطاقة، يمنح العراق بموجبه لبنان الذي يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مادة زيت الوقود الثقيل، مقابل “خدمات وسلع” سيحصل عليها العراق من لبنان، الا أن العراق لم يحصل على خدمات أو سلع كما أنه لم يحصل على المبالغ المالية مقابل الوقود التي زود بها لبنان لتشغيل المحطات الكهربائية.
إذ قال وزير الطاقة في حكومة تصريف لبنان وليد فياض في تصريحات صحفية، تابعتها “العالم الجديد”، إن “لبنان يحظى بدعم من العراق في قطاع الطاقة، إذ يتم التنسيق مع الحكومة العراقية والمسؤولين عن الملف اللبناني”.
وأضاف أن الحكومة اللبنانية تعمل “تعمل على تمديد الاتفاقية مع العراق، التي تقضي بتزويد لبنان بزيت الوقود الثقيل”، معربا عن أمله بـ”تمديد الاتفاقية لسنة إضافية على الأقل وزيادة الكمية إلى مليوني طن”.
ولفت فياض ان “الدعم العراقي يشمل مساعدة النازحين أيضاً بالتنسيق مع وزارة المهجرين”.
يشار إلى أن العراق منذ بدء الحرب الإسرائيلية ، نهاية الشهر الماضي، على لبنان كان أول المبادرين في الدعم إذ أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في 3 تشرين الأول أكتوبر الحالي، عن تبرعه وأعضاء حكومته براتب شهر ضمن عمليات الإغاثة للبنان وقطاع غزة، وفتح حسابين لإيداع التبرعات، فضلا عن إستقبال النازحين ودمج الطلاب اللبنانيين في المدارس العراقية.
وأعلنت مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، في 21 أكتوبر الجاري، وصول 16,727 لبنانيا الى العراق منذ تصاعد الاعمال العدائية في لبنان عبر نقاط مختلفة بما في ذلك معبر القائم الحدودي (9,552) ومطارات بغداد (6,248) والنجف (927)، مبينة أن 62 بالمئة من الوافدين اللبنانيين هم من النساء والأطفال، كما أن نحو 50 بالمئة من العائلات الوافدة، تتولى مسؤوليتها نساء.
وكانت مصادر لبنانية رفيعة، كشفت في 18 آب أغسطس الماضي، أن بغداد رفضت تجديد الاتفاق المبرم مع بيروت والقاضي بإمداد لبنان بكميات من “الفيول” مقابل خدمات يوفرها لبنان للعراق، وفقا لما ذكره موقع Leb Economy.
ونقل الموقع عن تلك المصادر قولها، إن عدم تجديد الاتفاق يعود إلى أسباب مالية بحتة، وتتعلق بشكل مباشر بعدم موافقة مصرف لبنان فتح إعتماد لتقديم الخدمات للعراق بقيمة 700 مليون دولار جديدة من دون وجود ضمانات حقيقية بدفع الدولة لهذه المبالغ.
وأوضحت أن الرئيس اللبناني نجيب ميقاتي ذهب الى بغداد آملاً أن يقبل الجانب العراقي إلغاء الأموال المترتبة على لبنان جراء هذا الإتفاق (700 مليون دولار)، والتي إلتزم لبنان بتقديمها على شكل خدمات للجانب العراقي.
ووفقا للمصادر فإن “رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، وافق على تجديد الإتفاق بـ700 مليون دولار إضافية بالشروط نفسها، من دون إلغاء مفاعيل الإتفاق الأول، وبالتالي فإن القيمة الإجمالية المترتبة على لبنان للعراق بلغت مليار و400 مليون دولار”.
وكان الخبير النفطي كوفند شيرواني، أكد في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، أن “العراق ومنذ اندلاع حريق مرفأ بيروت قدم الكثير من المساعدات الغذائية والمحروقات من دون مقابل إلى دولة لبنان، ثم جرى تنظيم هذا الأمر بشكل تعاقد على أن يكون هناك نوع من المقايضة، بأن يرسل العراق مادة الكازوايل (زيت الوقود الثقيل) المستخدم في تشغيل محطات الكهرباء مقابل تزويده بالمواد الغذائية من لبنان”.
وأضاف أن “الأسعار التي تحتسب فيها المنتجات النفطية لا تعرف ما إذا كانت وفق القيمة السعرية العالمية أم هي أسعار تفضيلية، فالجانب اللبناني كان واضحا في أنه يسعى إلى الحصول على مشتقات نفطية بأسعار تفضيلية على غرار ما يمنح للأردن”.
وكانت “العالم الجديد” كشفت في تقارير سابقة، أن لبنان لم يدفع للعراق بعد ثمن النفط الذي حصل عليه، لأسباب من بينها أن هناك بعض الشروط غير واضحة في الاتفاقية، فالعقد المبرم بين الطرفين ينص على أن يودع لبنان أموالا في حسابه بالدولار، ويمكن للعراق سحبه بالليرة اللبنانية لإنفاقه (داخل السوق اللبنانية) على “السلع والخدمات”، مثل الخدمات الطبية، دون وضوح في سعر الصرف الذي يختلف بين التسعيرة الحكومية والسوق السوداء، ولا طبيعة الخدمات التي من المفترض أن يحصل عليها العراق.
ولاحقت الصفقة العراقية اللبنانية فضيحة في أيلول سبتمبر 2023، بعدما كشف مصدر مطلع، لـ”العالم الجديد”، إن “قضية إرسال زيت الوقود (الفيول) العراقي إلى لبنان، انطوت على خفايا خطيرة جدا، تتعلق بالمقابل الذي يدفعه لبنان للعراق، حيث وصلت شحنة من فاكهة الرمان، كجزء من هذا الاتفاق، كانت محشوة بأقراص الكبتاغون المخدرة وبكميات كبيرة جدا”.
يشار إلى أن الحكومة الحالية، قد وافقت في أيار مايو العام الماضي، على تجديد اتفاقية تزويد لبنان بزيت الوقود، بشروطها الحالية، سنةً ثالثةً إضافية، بدءاً من تشرين الأول أكتوبر المقبل، والتزام شركة سومو بتجهيز كامل العقد القديم، وزيادة العقد القديم للنفط الأسود إلى 1.5 مليون طن سنوياً، وإبرام عقد جديد للنفط الخام بمليوني طن سنوياً.