صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

رفع نسبة العمالة المحلية أمام الأجنبية.. اقتصاديون: الأهم تطوير قدرات الشباب

لم يستقبل المتخصصون بالاقتصاد، مقترح تعديل قانون العمل لتكون نسبة العمالة المحلية في الشركات الاستثمارية 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للأجنبية، بحماسة كبيرة، رغم تأكيدهم أنه سيحد من نسبة البطالة، لكنهم أشاروا إلى أن هذا الأمر ممكن أن يصدر بقرار أو يُضمّن في العقود مع الشركات، بعد أن شددوا على ضرورة إحصاء التخصصات المحلية وتطوير قدرات الشباب، لكن رغم هذا فأن وزارة العمل بينت أنها قادرة على تطبيق على هذه الفقرة بالقانون ولديها فريق يتابع نسبة العمالة المحلية والأجنبية في…

لم يستقبل المتخصصون بالاقتصاد، مقترح تعديل قانون العمل لتكون نسبة العمالة المحلية في الشركات الاستثمارية 70 بالمئة مقابل 30 بالمئة للأجنبية، بحماسة كبيرة، رغم تأكيدهم أنه سيحد من نسبة البطالة، لكنهم أشاروا إلى أن هذا الأمر يمكن أن يصدر بقرار أو يُضمّن في العقود مع الشركات، بعد أن شددوا على ضرورة إحصاء التخصصات المحلية وتطوير قدرات الشباب، لكن رغم هذا فأن وزارة العمل بينت أنها قادرة على تطبيق على هذه الفقرة بالقانون ولديها فريق يتابع نسبة العمالة المحلية والأجنبية في الشركات. 

ويقول المتحدث الرسمي لوزارة العمل نجم العقابي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون العمل كان يفرض علينا تطبيق نسبة 50 بالمئة كحد أدنى من العمالة العراقية، مقابل 50 بالمئة للعمالة الأجنبية، في نظام تشغيل الموظفين بالشركات الاستثمارية، لكن رئاسة الوزراء قدمت مقترحاً يوم أمس الثلاثاء يتضمن تعديل قانون العمل، ورفع نسبة الموظفين العراقيين في الشركات الأجنبية إلى 70 بالمئة، مقابل 30 بالمئة للعمالة الأجنبية”.

ويضيف العقابي أن “وزارة العمل جادة وصارمة في تطبيق القانون في حال تعديله بمجلس النواب”، لافتا إلى أن “الوزارة تبسط سيطرتها على كل الشركات الاستثمارية العاملة في العراق، حتى أن الكثير منها تجاوزت نسبة 50% عمالة عراقية”.

ويشير إلى أن “الوزارة تمتلك فريق عمل متكاملا يتابع حالة العمال والموظفين العراقيين، ويفرض على الشركات الاستثمارية تسجيلهم في الضمان الاجتماعي، من أجل الحفاظ على حقوقهم المشروعة وتسجيل خدمتهم داخل الدولة العراقية”.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية احمد الأسدي، أعلن يوم أمس، أنه تقرر تعديل فقرة تشغيل العمالة الوطنية في المشاريع الاستثمارية بنسبة 70‎ بالمئة‎ مقابل 30‎ بالمئة‎ من العمالة الأجنبية، مبينا أن هذه الفقرة ستسهم بشكل كبير في توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وتشغيل أعداد كبيرة من الأيدي العاملة العراقية.

وكان الأسدي، كشف في كانون الأول ديسمبر 2022، أن وزارته ستطبق قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، الذي يفرض تشغيل عامل عراقي مقابل كل عامل أجنبي، كما أشار إلى أن العمال الأجانب سيطبق عليهم القانون باستحصال الرسوم، والضرائب كما يجري ذلك على القطاع الخاص.

وتأتي هذه القرارات، بعد قرار وزارة العمل بعدم ترويج طلبات جديدة خاصة بالشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، وتوجهها لوضع آليات دقيقة وفقا للقانون، تضمن تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين قبل منح أي فرصة للعمالة الأجنبية.

ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية أيضا.

من جانبه، يرى الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل المرسومي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تعديل القانون غير ضروري في هذا السياق، إذ يسمح القانون العراقي بإصدار قرار حكومي يتضمن وضع فقرة في العقود المبرمة مع الشركات الاستثمارية، تفرض عليها تعيين نسبة من العمالة العراقية”.

ويذكر المرسومي أن “جولة التراخيص الخامسة قامت بفرض نسبة 90 بالمئة من العمالة أن تكون عراقية للعمل مع الشركات الاستثمارية الأجنبية، أما الجولة الثانية فقد حددت 80 بالمئة للعمالة العراقية، لكن اقتراح مجلس الوزراء يتمحور حول الحد الأدنى للعمالة في الشركات”.

ويضيف أن “قدرة الحكومة ووزارة العمل على تطبيق القانون تدور حول السيطرة على عدد العاملين الأجانب، والتأكد من حصولهم على وظائف لا يمتلك العراقيون مهارات لازمة لأدائها، مع التشديد على تدريب العراقيين داخل الشركات الاستثمارية، ونقل الخبرات والمهارات التي يفتقدونها”.

وتتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب، ففيما أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في كانون الثاني يناير الماضي، أن عددهم بلغ 4 آلاف عامل فقط، كشف وزير العمل الأسبق، باسم عبد الزمان، في عام 2019 أن عدد العمال الأجانب بلغ 750 ألفا، لكن بحسب لجنة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة في البرلمان فإن هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق.

يذكر أن نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.

بدوره، يجد الباحث في الشأن الاقتصادي قصي صفوان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا المقترح يمثل فرصة لتقليل نسبة البطالة في العراق، أما تطبيقه بعد إقراره يعتمد على شروط العقود التي أبرمت مع الشركات الاستثمارية، إذا ما كانت تسمح بزيادة العمالة العراقية أم لا”.

ويضيف صفوان أن “العقود الجديدة ينبغي أن تشترط على الشركات الاستثمارية إنشاء مراكز تدريبية لاستقدام العراقيين وتأهيلهم، بما يتناسب مع التخصص العملي للمشروع، وضمن جدول زمني محدد، وهذا يسهم بتوظيف العراقيين وفقاً للمهارات التقليدية”.

ويشدد “على وزارة التعليم العالي أن تقوم بإحصاء التخصصات غير الموجودة في البيئة العراقية، وهذا سيساعدها في إعادة ترتيب برامجها التعليمية، بما ينسجم وتأهيل العراقيين لسوق العمل”.

ويؤكد صفوان أن “من شروط جلب الشركات الاستثمارية للبلد تقديم تسهيلات تخص العمل، ولا يمكن تقديم فروض أو طلبات جبرية تقدم للشركات الأجنبية، بل يمكن في كثير من الأحيان الاستعانة بالعمالة الأجنبية للإسهام بتوفير بيئة معرفية مناسبة لعمل المستثمر، قد لا يجد بديلاً لها داخل العراق”

يشار إلى أن وزير العمل السابق عادل الركابي، أعلن العام الماضي، عن ترحيل آلاف العمال الأجانب المنتهية إقامتهم، فضلا عن إحالة 400 شركة في القطاع الخاص إلى محكمة العمل خلال 2021، لعدم التزامها بنسبة تشغيل العمالة العراقية، وعدم تطبيقها الدقيق لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي.

وقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة.

إقرأ أيضا