صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

رقعة “الفقراء” تتسع.. “العالم الجديد” تتحرى أسباب الارتفاع بأسعار المواد الغذائية

امتدادا لما يحصل في دول الجوار (لبنان وتركيا وايران)، شهدت السوق العراقية ارتفاعا نسبيا في أسعار المواد الغذائية الاساسية، بعد تغيير سعر صرف الدولار، الأمر الذي أدى الى تراجع القدرة الشرائية للمواطن، الأمر الذي حول 85 بالمائة من المواطنين الى “فقراء” بحسب خبير اقتصادي.

امتدادا لما يحصل في دول الجوار (لبنان وتركيا وايران)، شهدت السوق العراقية ارتفاعا نسبيا في أسعار المواد الغذائية الاساسية، بعد تغيير سعر صرف الدولار، الأمر الذي أدى الى تراجع القدرة الشرائية للمواطن، الأمر الذي حول 85 بالمائة من المواطنين الى “فقراء” بحسب خبير اقتصادي.

وتتبعت “العالم الجديد” أسباب ارتفاع الاسعار، حيث التقت باصحاب محال الجملة (الموزعة الرئيسية للمواد الغذائية) واصحاب المطاعم ومحال التسوق البسيطة، لمعرفة ما يجري في السوق العراقية، وذلك بالتزامن مع مطالبات رسمية بضبط السوق وايقاف ارتفاع الاسعار

سجاد أياد، وهو صاحب محل بيع بالجملة، يقول في حديثه لـ”العالم الجديد”، إن “أسعار المواد ارتفعت بالاساس من قبل تجار الجملة، متأثرة بارتفاع سعر الدولار وحظر التجوال، الذي يرتبط بصعوبة إيصال المواد الغذائية والنقل من المنشأ إلى المستهلك“.

ويضيف أياد، أن “تأثير الدولار على موضوع الاسعار يعود إلى أن المواد الأولية لصناعة أي مادة، يتم الاعتماد في شرائها على الدولار، وهو ما اضطرنا إلى البيع بأسعار مرتفعة اكثر مما كانت عليه”، مبينا ان “المتسبب الوحيد في هذه المعادلة هي الحكومة، اما المتضرر الاكبر فهو المواطن“.

وشهدت الدول المجاورة للعراق ذات التجربة خلال الاعوام الماضية، بسبب انهيار العملة الى مستويات قياسية امام الدولار، الذي ادى الى ارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية، ففي تركيا، انهارت الليرة الى مستويات قياسية امام الدولار، وفقدت اكثر من نصف قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، ما انعكس سلبا على المواطن التركي الذي يكون مدخوله بعملته المحلية وسط ارتفاع الاسعار.

وسبقت تركيا، ايران في انهيار عملتها بفعل العقوبات الامريكية، الامر الذي ادى الى ارتفاع متواصل باسعار السلع، في حين تشهد سوريا انهيارات متتالية في قيمة العملة بفعل الحرب الدائرة هناك، ثم التحق بهذه الدول لبنان الذي لا زال يعيش وضعا مزريا.

وبالانتقال الى تحسين الخفاجي، وهو مواطن من اهالي بغداد، التقته “العالم الجديد” فيقول ان “اسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية تعود إلى عاملين رئيسين، الأول مرتبط بموضوع الحظر الجزئي، الذي زاد المواجع على المواطن العراقي، ما تسبب بارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، حيث وصل سعر قنينة زيت الطعام الى 3 الاف دينار، وغيرها من المواد الغذائية، هذا ما جعل الأمر صعب جدا على المواطن“.

ويوضح ان “السبب الثاني، متعلق بارتفاع العملة الصعبة، حيث وصل سعر كل 100 دولار الى 145 الف دينار، ما ادى الى ان يكون المواطن هو المتضرر الوحيد من هذه الأحداث التي تمر في العراق، وتحديدا أصحاب الدخل المحدود“.

ويتزامن ارتفاع الاسعار في السوق العراقية مع اقتراب حلول شهر رمضان، وبهذا الصدد اصدرت وزارة التجارة بيانا جاء فيه أن الوزارة اكدت في أكثر من مناسبة ان الاخفاقات في توفير الحصة التموينية للعام السابق، والاعوام التي قبلها، سببه قلة التخصيصات المالية والأزمة المالية في البلاد، وان المخصص للأعوام 2011-2014 كان 6 مليارات دولار، وكان التخصيص المالي لعام 2020، هو 400 مليون دولار، وهذا لا يكفي إلا لـ3 مفردات لـ3 أشهر.

ولفتت في بيانها الى ان، الوزارة قدمت تقارير، أكثر من مرة، لحل الازمة بضرورة زيادة التخصيصات المالية وإلغاء تعليمات العقود للحكومة بما يخص البطاقة التموينية، وحصلت الموافقة على إلغاء اعتماد فقرة 1/ 12 في التعامل مع موازنة الحكومة، وقبل 10 أيام تعاقدت الوزارة على شراء السكر ومادة الطحين وزيت الطعام، وسنلاحظ انخفاضا نسبيا واضحا في أسعار المواد الغذائية.

ودعت الوزارة المواطنين لعدم الشراء من الأسواق بشكل مكثف بانتظار توزيع المفردات لشهر رمضان خلال يوم 28 او 27 من الشهر الحالي.

وبشأن هذا الارتفاع الكبير في اسعار المواد الغذائية، وتغيير سعر صرف الدينار، يقول الخبير الاقتصادي باسم انطوان، في حديث لـ”العالم الجديد” إن “موضوع ارتفاع أسعار الدولار جعل ما يقارب ٨٥ بالمائة من العراقيين ضمن الطبقات الفقيرة وشبه الفقيرة“.

ويردف ان “اغلب موارد العراق الغذائية هي عبر الاستيراد بالدولار، اضافة الى ان الامن الغذائي ضعيف مع غياب التصنيع المحلي، وهو ما جعل بعض التجار من الطفيليين يستغلون الوضع ورفعوا الاسعار”، مؤكدا “اذا لم تتدخل السلطات الامنية والداخلية بمتابعة الموضوع وتشكيل لجنة من وزارة التجارة، سيعبث هؤلاء الطفيليون بالاقتصاد العراقي بشكل اكبر“.

ويشير الى أن “ارتفاع سعر الدولار في بعض السلع وصل إلى ١٠٠ بالمائة، وهو ما ينعكس على الطبقات التي مدخولها بالدينار في حين من يمتلك الدولار فانه يتعامل به ولا يتأثر”، مبينا أن “الطبقات الفقيرة هي الخاسر الوحيد بالعملية، وان الحكومة لم تعالج الموضوع بشكل جيد وهي من تتحمل المسؤولية“.

وشهدت لبنان، انهيارا كبيرا في عملتها، بلغت مستويات قياسية، بواقع مليون و500 الف ليرة لكل 100 دولار (حتى وقت كتابة التقرير)، ما أدى الى أزمة كبرى في السوق اللبنانية وأدى لعجز المواطنين عن شراء احتياجاتهم الاساسية من الخبز والسكر والزيت، في ظل انعدام القيمة المالية للأجور التي يتقاضوها، بعد انهيار العملة.

وعمدت الحكومة اللبنانية الى دعم بعض المواد الغذائية الاساسية باسعار انسب من السوق التجارية، وبحسب رئيس حكومة تصريف الاعمال اللبنانية حسان دياب، فان الدعم الحكومي للمواد ممكن ان يستمر حتى حزيران يونيو المقبل، في حين ان البلد سيواجه ازمة في المحروقات التي ستنتهي مع نهاية شهر اذار مارس الجاري

وفي ظل دعم كل من لبنان وتركيا لبعض شرائح المجتمع او دعم المواد الغذائية، طرح عضو مجلس النواب العراقي مضر الكروي مقترحا يقضي بدعم الطبقة الفقيرة في البلد.

ويقول الكروي في بيان له قبل ايام، إن رفع سعر صرف الدولار الى 1450 دينار من قبل البنك المركزي قاد الى ارتفاع عال في اسعار المواد الغذائية الاساسية بنسبة بلغت 30 بالمائة، وهذا الامر أثر بشكل كبير على شرائح الفقراء وذوي الدخل المحدود، اذا ما عرف بان نسبة الفقر في البلاد تصل الى 30 بالمائة، اي ان هناك نحو 12 مليون نسمة هم دون خط الفقر.

ويضيف، انه يمكن من خلال الاستعانة بفريق اقتصادي اعتماد مقترح لدعم الاسواق العراقية وخفض الاسعار من خلال دعم صفقات شراء المواد الغذائية والادوية حصرا بسعر الصرف القديم، وبالتالي الاسهام في خفض الاسعار ودعم الفقراء وتفادي ضرر بالغ يدفع ثمنه الملايين.

عدنان النعيمي، وهو صاحب محل تسوق يقول في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاجراءات الحكومية المتخبطة والضرائب التي فرضت على البضائع المستوردة هي التي أدت لارتفاع الاسعار“.

ويشير الى أن “ارتفاع الاسعار انعكس سلبا على القدرة الاستهلاكية للمواطنين، فبعد ان كان المواطن يتسوق بمبلغ ٥٠ الف دينار على سبيل المثال، قلص المبلغ إلى ٢٠ الفا وهكذا”، مضيفا ان “المواطن العراقي، خاصة من ذوي الدخل المحدود، مطلوب منه ايجار سكن وباقي متطلبات الحياة الضرورية، اضافة إلى انه يعمل حاليا بواقع 17 يوما في الشهر بسبب حظر التجوال، وهذه كلها عوامل تؤثر على اقتصاده العام“.  

وحول الحلقة الاخيرة من ارتفاع الاسعار، المتمثلة بالمطاعم، يشرح صاحب مطعم العطشان الشهير وسط بغداد، محمد حميد لـ”العالم الجديد” اسباب ارتفاع اسعار المأكولات، قائلا “اصحاب المحال الغذائية والمطاعم، لهم الحق في رفع الاسعار، لكون الاسعار مرتفعة من المصدر، سواء المنشأ المحلي او المستورد“.

ويبين ان “ارتفاع أسعار الدولار أثر بشكل كبير على المواطن البسيط، الذي يعتمد على عمله اليومي لتوفير قوته، وبالتالي يؤثر على قدرته الشرائية”، متابعا “جميع هذه العوامل تدفع المستهلك للبحث عن النوعيات الرديئة بين الموجود لانها تناسب دخله اليومي“.

ويستطرد “نحن اصحاب المطاعم، كنا نشتري صندوق مشروب البيبسي بسعر 6 آلاف دينار، اما الان فقد ارتفع الى 10 الاف، وكذلك الحال بالنسبة للزيت والسكر والرز، فبعد ان كانت أسعارها تصل إلى 30 الفا اصبحت الان تفوق الـ50 ألفا، وبالتالي نضطر إلى رفع الأسعار“. 

وينوه الى ان “هذا الارتفاع دفع بعض العوائل الفقيرة إلى تناول وجبتين فقط باليوم الواحد بسبب الحاجة للمال، والعمل في ظل الحظر والوضع الاقتصادي الصعب في العراق“.   

وجاء ارتفاع اسعار المواد الغائية في العراق، على النحو التالي: سعر قنينة الزيت أخذ سعرها يتراوح بين 2.5 الى 3 الاف دينار بعد ان كانت 1000 دينار فقط، فيما ارتفع سعر كيس الحليب الى 2500 دينار بعد ان كان 1500 دينار، وارتفع سعر الكيلوغرام من مادة السكر الى 1500 دينار بعد ان كان 750 دينارا، كما ارتفعت اسعار المواد الغذائية الاخرى مثل الحمص والفاصولياء والباقلاء بمقدار 1000 دينار لكل كيلوغرام.

إقرأ أيضا