يستمر الشد والجذب بين حكومتي بغداد وأربيل حول تمويل رواتب موظفي إقليم كردستان، حيث حملت وزارة المالية الاتحادية، صباح اليوم الأربعاء، حكومة كردستان مسؤولية تأخير تمويل الرواتب وذلك لعدم توطين حكومة الإقليم رواتب الموظفين، وفصل اسماء الذين تمت إحالتهم إلى التقاعد.
وقالت الوزارة في بيان توضيحي رداً على ما نشرهُ وكيلها ريباز حملان في صفحتهِ الشخصية أمس الثلاثاء بخصوص تأخير رواتب إقليم كردستان خلال لقائه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إنها تتعامل “بمهنيةٍ كاملة في ملف رواتب موظفي الإقليم، وهو نفس التعامل الذي يجري مع وزارات الدولة الإتحادية ومحافظاتها وتسري هذه الإجراءات و متبعة مع الإقليم ايضاً”، موضحة أن “تأخر الرواتب، نكرر ونؤكد لاعلاقة لوزارة المالية بالموضوع، لأننا نريد أن نطبق قرار المحكمة الإتحادية منذ أكثر من سنة”.
وأضافت في بيان تلقته “العالم الجديد”، أن “الإقليم لحد الآن لم يزود الوزارة بأي بيانات تخص توطين رواتب موظفي الإقليم لدى المصارف كافة، وليس المصارف الحكومية فقط حسب قرار المحكمة الإتحادية الذي عامل موظفي الإقليم بمثل موظفي دوائر الدولة كافة والذي التزمت به وزارة المالية”.
وأرجع بيان المالية الاتحادية سبب تأخر الرواتب إلى “عدم فصل الإقليم أسماء الموظفين الذين تمت إحالتهم الى التقاعد، وعليه حلاً للإشكال وعدم التأخير أرسلت وزارة المالية الإتحادية فريق من موظفي الوزارة من المحاسبة والموازنة والتقاعد منذ أكثر من عشرة أيام يعملون مع الإقليم لغرض فرز وتدقيق القوائم وعزل الذين تمت إحالتهم إلى التقاعد، واحتساب رواتبهم التقاعدية حسب قانون التقاعد رقم 26 لسنة 2019 المعدل، و إحتساب مبلغ الزيادة 100 الف دينار الأخيرة للمتقاعدين، و إحتساب مكافأة نهاية الخدمة، وعزل المتقاعدين القدماء عن المشمولين بالقانون مدار البحث من خلال عقد ورش عمل وغيرها والبالغ عددهم أكثر من 29 ألف موظف ستتم إحالتهم إلى التقاعد حسب ماوضحه ممثلي الإقليم بآخر إجتماع أثناء حضورهم الى بغداد”.
ومضت الوزارة بالقول “بالإضافة الى عزل قوات البيشمركة الذين هم نسبة من القوات البرية الإتحادية الذين ظهر أن الإقليم يدفع رواتبهم من حصة الإقليم الذي سبب عجزا بالرواتب، والمفروض هؤلاء يتسلمون رواتب من قبل وزارة الدفاع الاتحادية لأن تخصيصاتهم وملاكهم مرصد بوزارة الدفاع الاتحادية منذ أكثر من سنتين”.
وأكدت الوزارة في بيانها ايضا أن “الأمر يتطلب قيام الإقليم بتزويدنا والإفصاح عن الذين يتقاضون أكثر من راتب والمشمولين بقوانين الإقليم ونسخة من هذه القوانين حتى لا يتم استبعادهم من القوائم شهرياً نتيجةً للتكرار الذي يحدث شهرياً عند مقاطعة وتدقيق الأسماء”.
كما اشار البيان الى “ان موضوع التوطين شي أساسي لتنفيذ قرار المحكمة الاتحادية، وليس الإعتماد على قوائم ورقية لضمان وصول الراتب فوراً شهرياً الى مستحقيهِ وهذا حق كفلهُ الدستور لكل موظف، والذي أوضحتهُ وزارة المالية الإتحادية أكثر من مرة ليست السبب في هذا التأخير وانما الإقليم”.
كما ذكرت وزارة المالية أن “موازين المراجعة الشهرية لشهر كانون الاول لسنة 2024 لم تُنجز لحد الآن بسبب الأخطاء الواردة بالإدخال من قبلهم، وأن موظفي دائرة المحاسبة في وزارة المالية الاتحادية يعملون مع ممثلي وزارة المالية في الإقليم على تصحيحه”.
وعلل البيان، أن “شرط تمويل أي شهر يتطلب تزويد دائرة المحاسبة بالميزان الشهري للشهر السابق حتى تستطيع وزارة المالية /دائرة المحاسبة من إنجاز نشر الحساب الختامي للدولة وارسالهُ الى اللجنة المالية في مجلس النواب، والأمانة العامة لمجلس الوزراء وديوان الرقابة المالية الاتحادي حسب ما ورد في أحكام قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 المعدل بعد تجميعهُ وتوحيده وتشخيص المخالفات والملاحظات عليه وإرسالها الى وحدات الإنفاق كافة لتصحيح البعض منها او تزويد دائرة المحاسبة بالنواقص التي فيها إن وجدت”.
واختتمت وزارة المالية بيانها بالقول، إنها “مستمرة بصرف رواتب موظفي الدولة لشهر كانون الثاني لأن الشهر لم ينتهِ لحد الآن”.
وكان وكيل وزارة المالية الاتحادية، ريباز حملان، نقل أمس رسالة رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بشأن الموازنة والعلاقة المالية بين أربيل وبغداد، حيث ناقش معه الوضع المالي والتحديات التي تواجهنا خلال العام الحالي.
يأتي هذا اللقاء، تزامناً مع اجتماعٍ مرتقب في بغداد يوم الجمعة المقبل، بين وفدي حكومة إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية برئاسة فؤاد حسين نائب رئیس الوزراء رئيس المجلس الاقتصادي.
وكان عضو اللجنة المالية السابق احمد الحاج رشيد، أكد في 20 كانون الثاني يناير الجاري، أنه لا يوجد أمل لحل أزمة رواتب كردستان بشكل جذري، مؤكدا أنها ستتكرر كل شهر لعدم التزام حكومة الاقليم بتسليم 50% من الإيرادات الداخلية.
وشهدت الأجواء بين بغداد واربيل خلال الأيام الماضية، توترا و”حربا بالبيانات” بين إقليم كردستان ووزارة المالية الاتحادية، بشأن الخلافات على مبالغ الرواتب حيث لا تزال رواتب شهر كانون الأول 2024 لم يتم صرفه للموظفين في كردستان حتى الان، فبينما تؤكد وزارة المالية الاتحادية انها أرسلت أموال كردستان بالكامل فيما يخص الرواتب، تنفي مالية كردستان ذلك وتقول ان الأموال التي وصلتها من بغداد اقل من المبلغ المطلوب بحوالي 800 مليار دينار، ما يمنع توزيع رواتب الشهر الأخير من العام 2024.
واشترطت حكومة إقليم كردستان، في 16 كانون الثاني يناير الجاري، تسليم إيراداتها الداخلية إلى الحكومة الاتحادية في بغداد مقابل تسلمها كافة استحقاقاتها من الموازنة وليس الرواتب فقط، جاء ذلك بعد استعراض لجنة المفاوضات في حكومة إقليم كردستان، أمام ممثلي دول العالم من سفراء وقناصل، كافة الخلافات بين بغداد واربيل بشأن الموازنة والرواتب والنفط.
وجاءت أزمة الرواتب بالتزامن مع زيارة لرئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد في 12 كانون الثاني يناير الجاري، حيث التقى الأخير برئيس الوزراء محمد شياع السوداني وقيادات تحالف إدارة الدولة الذي يضم الإطار التنسيقي، والذي توجه له التهم بعرقلة تنفيذ القوانين والدستور لحل الخلافات مع الاقليم.
ولم تكن زيارة بارزاني مجرّد محاولة لحلّ أزمة الرواتب، بل سعت أيضًا لمعالجة قضايا أعمق تتعلّق بالعلاقة بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل الشفافية في إدارة الموارد وآليات تنفيذ الاتفاقات المالية.
ودعا بارزاني خلال زيارته التي استمرت يومين، إلى “تعديل قانون الموازنة بما يضمن “العدالة” في توزيع الحقوق المالية للإقليم وتأمين الرواتب”.
وتبلغ حصّة كردستان من الموازنة الاتحادية 21 تريليون دينار، لكن مع توقف تصدير النفط، اقتصرت التحويلات من المركز على الرواتب فقط، إذ تقول الحكومة الاتحادية إنها مولت الإقليم عام 2024، بينما تصر أربيل على أن ما وصل فعليًا أقل من ذلك بكثير.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة “التقشف”، بالإضافة إلى الخلافات المالية بي بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.