روحاني بقلب محافظ.. ورئة إصلاحية

اليميني المعتدل، الذي يحظى بدعم الاصلاحيين ايضا، حسن روحاني ومنذ وصوله الى السلطة قبل اسابيع حرص على ارسال رسالتين مهتمين للغرب قبل انعقاد الدورة الحالية للأمم المتحدة؛
الاولى: إنه ومن خلال سلسلة طويلة من الرسائل الايجابية دأب على تهيئة الاجواء من اجل كسر حاجز الجمود والجفوة المفرطة التي حصلت بين القوى الغربية وبين ايران، خصوصا بعد تداعيات الملف النووي الايراني ومضاعفات الملف السوري الشائك، وما سببه ايضا من ضرر بالغ للدبلوماسية الايرانية خلفه احمدي نجاد. فمن تغريدة موجهة لليهود على تويتر تمنّى فيها عيدا سعيدا في رأس السنة اليهودية، الى خطاب متعاطف جدا بخصوص المحرقة، بل متحوّل اذا ما قيس الى الادبيات السياسية الايرانية المعروفة عن قصة المحرقة، كذلك حوارات ايجابية جدا مع شبكات امريكية معروفة، مقال ايضا لروحاني في صحيفة الواشنطن بوست، وهي خطوة غير مسبوقة من قبل الرؤساء الايرانيين السابقين، رسائل متبادلة مع الرئيس الامريكي باراك اوباما وبمبادرة من روحاني نفسه، لقاء وزير الخارجية ظريف مع كيري، ثم تتويج تلك الخطوات الايجابية بمكالمة هاتفية بين باراك اوباما وحسن روحاني.
اما الرسالة الثانية التي ارادها روحاني فهي: ان لديه صلاحيات كبيرة جدا من الولي الفقيه بشكل خاص فيما يتعلق بالملف النووي الايراني والملفات الاستراتيجية الاخرى. وهي رسالة مهمة جدا، لان الجبهة الغربية تعرف اكثر من غيرها ان الملفات الاستراتيجية المختلف عليها مع ايران، ليست بيد الرئيس الايراني، بل بيد الولي الفقيه حصرا.
ايران التي مرت بظروف قاسية جدا هذه الفترة، بدت متهيئة تماما للحوار ومستعدة للمرونة اكثر من السابق، وهذه الحقيقة يعرفها المحاور الايراني ويعرفها روحاني المتمرس في ملف المفاوضات منذ كان يرأس الوفد الايراني المفاوض حول البرنامج النووي الايراني، ويعرفها الغرب ايضا، وهو ما اشار اليه وزير الخارجية البريطاني وليام هيج بعد لقائه ظريف في الامم المتحدة حينما صرح: \”إن الوقت قد حان كي ترافق التصريحات الايرانية خطوات ملموسة\”. كما ان ايران التي تمثل امتحانا للدبلوماسية الدولية تعرف ايضا ان البلدان الكبرى ترغب كثيرا في معالجة سلمية للملف الايراني برمته، خصوصا بعد استبعاد الضربة العسكرية التي لها مضاعفات غير محسوبة. الطرفان مستعدان تماما لخوض جولة جديدة من المفاوضات، فيها تنازلات من الطرفين لا شك في ذلك. ومع تلك الاجواء الايجابية جدا فإن التفاؤل المفرط في غير محله، لان العُقد الكبيرة بين ايران وبين خصومها التاريخيين، سوف تلقي بظلالها حينما يصل الطرفان الى الحديث في كثير من التفاصيل، وقد سبق ان توصّل الطرفان عام 2003 حينما كان روحاني كبير المفاوضين الايرانيين لاتفاق يقضي بوقف التخصيب، ولكن الجهود بعد ذلك لم تسفر عن شيء. رغم ذلك فإن ما حصل بين ايران من جهة، وبين امريكا والاتحاد الاوروبي من جهة ثانية، مبادرات تستحق الاختبار على الاقل، خصوصا مع استبعاد سيناريو الضربة العسكرية على ايران، اضافة ايضا الى الخطوات الدبلوماسية المشجعة في اطار معالجة الازمة السورية بمباركة من موسكو، فهذا التطور الاخير الحاصل اعطى دفعة معنوية مشجعة لتقريب وجهات النظر. لقد نجح روحاني خلال مدة قصيرة بتقديم نفسه رئيسا ايرانيا معتدلا الى الداخل الايراني والمجتمع الدولي، رئيسا يمينيا لكنه يتنفس برئة اصلاحية.
gamalksn@hotmail.com

إقرأ أيضا