عام من الإثارة والجدل ختمته السفيرة الأمريكية في بغداد، آلينا رومانوسكي، اليوم الجمعة، بالاحتفال على طريقتها الخاصة، مستذكرة أبرز الجولات واللقاءات التي عقدتها في العراق.
وكتبت رومانوسكي، على حسابها الشخصي في تويتر: “صادف اليوم ذكرى مرور عام على عملي سفيرة للولايات المتحدة في العراق. ركزتُ خلال عملي مع الحكومة العراقية والعراقيين على الشراكة الأمريكية العراقية الشاملة، وتحقيق النتائج”.
وأضافت “يساعدني حسابي على تويتر بالتواصل بشفافية مع الحكومة والمجتمع وهو الحساب الذي تجدون فيه تغريداتي الحقيقية”، فيما أرفقت صورا وثقت أبرز لقاءاتها خلال عام، داخل العاصمة بغداد.
وخلال الفترة الأخيرة، كثفت السفيرة لقاءاتها بالمسؤولين العراقيين فأحرجت قيادات الإطار التنسيقي، بسبب نشرها فحوى جميع تلك اللقاءات التي أجرتها، والتي من بينها بحثها مع محسن المندلاوي النائب الأول لرئيس البرلمان، أجندة الفصل التشريعي للبرلمان والقوانين المهمة ومنها الموازنة وقانون الانتخابات، فبعد أن كانت قوى سياسية ومسلحة منضوية في الإطار ترفع شعارات “إخراج القوات الأمريكية” قبل تشكيل الحكومة الحالية، إلا أنها احتفت بالكامل.
ويحسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، فإن التحركات المكثفة للسفيرة الأمريكية في بغداد، واجتماعاتها المستمرة بمسؤولين تنفيذيين وزعماء سياسيين، كشفت عن الخطوات التي انتهجتها الإدارة الأمريكية في التعامل مع العراق، والتي تمثلت بتسليم الملف العراقي للسفيرة، بالإضافة إلى الاشتراطات المسبقة على رئيس الحكومة العراقية، مقابل التعامل معها بشكل مباشر، ما منح السفيرة “مرونةً” في التحرّك وإيصال رسائل للأطراف العراقية، بعيداً عن التعامل الرسمي الأمريكي، وفقا لمراقبين في الشأن السياسي.
وكان المحلل السياسي المقيم في واشنطن نزار حيدر، قال في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، إن السوداني يقوم بتوسيع علاقاته الدولية، خصوصا وأن أغلب زياراته تركزت على الدول المقربة من المحور الأمريكي، فهو لم يذهب للصين أو روسيا مثلا، كما أنه استجاب لقضية تهريب الدولار، إلى جانب وقف استهداف المصالح الأمريكية، أي أنه لغاية الآن ملتزم بمخرجات الحوار الاستراتيجي الذي أجرته الحكومة السابقة، مطالبا بتغيير الوزراء المحسوبين على الفصائل المسلحة، وسحب الأخيرة من سهل نينوى، كشرط للقبول من واشنطن.
ولا يذهب المحلل السياسي غازي فيصل، بعيدا، إذ أكد خلال حديث سابق لـ”العالم الجديد”، أن “السفيرة الأمريكية هي سفيرة فوق العادة، وهذه الصفة تمنحها صلاحيات واسعة النطاق، لكنها رغم هذا لا تتصرف بمعزل عن الإستراتيجية الأمريكية تجاه العراق، بل لديها مرونة أكثر بالتصرف ولقاء المسؤولين العراقيين.
ومنذ تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة في تشرين الأول أكتوبر الماضي، بدأت رومانوسكي، اجتماعاتها مع السوداني، ثم استمرت بعد تشكيله الحكومة ونيله ثقة البرلمان، وكثفت من اجتماعاتها معه في الفترة الأولى بعد تسمنه منصبه.
واستمرت رومانوسكي، بعقد لقاءات متعددة وبشكل مستمر، مع بعض الوزراء وزعماء الكتل السياسية، وخلال الأيام الثلاث الماضية فقط، التقت السفيرة كلا من: رئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، وزيرة المالية طيف سامي، زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، ورئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم.
يذكر أن الحكومة الحالية، شكلت من قبل الإطار التنسيقي، الذي يضم بعض الكتل التي تمتلك أجنحة مسلحة، وذلك بعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، عقب أزمة امتدت لأكثر من عام.
ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام “سويفت” المالي الدولي، وقد زار وفد برئاسة وزير الخارجية فؤاد حسين وعضوية محافظ البنك المركزي علي العلاق، واشنطن، وهناك جرى بحث ملفات هامة تخص الحد من تهريب العملة وتمويل الإرهاب.
وبعد أن كان ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، اتخذت الحكومة الحالية المشكّلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون حسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني.
يذكر أن العراق وفي شباط فبراير الماضي، صوت على قرار الأمم المتحدة القاضي بانسحاب روسيا من أوكرانيا، ووصف هذا التوجه في حينها بأن بغداد أصبحت جزءا من “المحور الأمريكي- الأوروبي”، لاسيما وأن حلفاء روسيا امتنعوا أو صوتوا ضد القرار، وعدت بأنها خطوة الخطوة “براغماتية”، أساسها البحث عن مصلحة البلاد.