صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

زيارة أمير قطر توقظ “سبات” الفصائل المسلحة ووعيد بعمليات استهدافية

على ما يبدوا أن التقارب العراقي الخليجي، بات يزعج بعض الفصائل المسلحة، تحديداً بعد زيارة أمير قطر الأخيرة، حيث أصدرت جماعة تسمي نفسها بـ “أصحاب الكهف”، بياناً هددت فيه الاستثمارات الخليجية بالاستهداف، ووصفتها بـ “المشاريع الشيطانية الخبيثة”، على حد تعبيرها.

على ما يبدو أن التقارب العراقي الخليجي، بات يزعج بعض الفصائل المسلحة، تحديداً بعد زيارة أمير قطر الأخيرة، حيث أصدرت جماعة تسمي نفسها “أصحاب الكهف”، بياناً هددت فيه الاستثمارات الخليجية بالاستهداف، ووصفتها بـ”المشاريع الشيطانية الخبيثة”، على حد تعبيرها.

وتقول الجماعة في بيان نشرته مساء اليوم السبت (17 حزيران يونيو 2023)، إن “إعادة مشروع التغلغل السعودي في العراق المسمى -استثمار الأراضي- يعني إعادة انتشار مجاهدينا في كل الأراضي المستهدفة بهذا المشروع الشيطاني الخبيث، كما أن التغلغل القطري الخبيث في العراق هو الآخر مرفوض وسنتعامل معه كاحتلال وان لم يكن عسكري، مشروع الاستثمار القطري المطروح في العراق ايضا لن يكون كما هم يريدون، مرة يقتل أبناء العراق بماله ومرة يقدم نفسه كصديق ويريد العبث بأمن العراق عن طريق واجهة الاستثمار”.

وتضيف أنه “لن ينسى الغيارى من مجاهدي المقاومة الإسلامية في العراق كيف كان السعودي يغذي القتل والتشريد ضد أبناء التشيع في العراق عبر تنظيمات القاعدة وأخواتها منذ عام 2004 حتى أيامنا هذه من خلال دعم تنظيم الدولة الخبيث والذي خسر العراق بسببه آلاف الشباب وبعد انهزام مشروعهم الأمني والعسكري اليوم يقدم نفسه السعودي كصديق ومستثمر”.

وتلفت الجماعة إلى أنه “لن يلقى السعودي والقطري في العراق غير الرصاص والعبوات والصواريخ، والغيارى من أبناء المناطق المستهدفة معنيين بالتصدي للأعداء ونقل المعلومات الى اخوتهم في المقاومة الإسلامية ويدنا مفتوحة لكم أيها الأعزاء”.

وأجمع مراقبون للشأن السياسي، على أن زيارة أمير دولة قطر للعراق، تمثل مفتاحا لجميع المشاكل السياسية والاقتصادية، وتعد تأكيدا على استعادة العراق لدوره في المنطقة والعالم، ورسالة لكل العالم من أجل الاستثمار في العراق بجميع المجالات، ما سيقلّل من حدّة الأزمة الاقتصادية في البلاد، إلى جانب الدعم الدبلوماسي، وسط توقعات بأن هذه الزيارة ستلحقها زيارات لزعماء كبار إلى بغداد. 

وقال رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، في حديث سابق لـ”العالم الجديد”، إن زيارة أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى العاصمة بغداد، هي زيارة دعم، وتأتي بهدف إيصال رسائل بأن العراق مستقر أمنيا وسياسياً، وهذه الزيارة ستكون مشجعة لفتح باب الزيارات لشخصيات كبيرة خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف الشمري، أن هذه الزيارة تمثل خطوة كبيرة لتطوير العلاقات بين البلدين، كما أن طبيعة المكانة التي تحتلها قطر على المستويين السياسي الاقتصادي، هي من ستمنح فرصا كثيرة للتعاون والتنسيق بمختلف المجالات”، مؤكدا أن “زيارة أمير قطر لبغداد، سوف تؤسس لجانب دبلوماسي مهم.

ووصل الخميس الماضي، أمير قطر تميم بن حمد إلى العاصمة بغداد، وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في استقباله بمطار بغداد الدولي، ومن ثم جرى الانتقال بعدها إلى القصر الحكومي، في زيارة استغرقت 3 ساعات ونصف فقط.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك بين السوداني وبن حمد، أكد الأول أن العراق يملك احتياطات ضخمة من النفط والغاز، وقطر مثال رائد في كيفية الحفاظ على صناعة مستدامة بالطاقة، ودولة قطر ستبقى أقوى حلفائنا وشركائنا في المنطقة، وأن العراق يتمتع اليوم باستقرار أمني وسياسي، ما يجعله بيئة عمل واعدة، وهو ما بحثناه مع الشيخ تميم، بالإضافة إلى بحث الفرص الاقتصادية المتاحة وما يمكن أن تقوم به الشركات القطرية ضمن خططنا في الإعمار والخدمات ومشاريع البنى التحتية.

فيما أكد بن حمد، خلال المؤتمر، أنه جرى بحث تعزيز العلاقات في مجال الطاقة والتجارة والاقتصاد.. واتفقنا مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على التبادل التجاري بين العراق وقطر، ووجوب تنميته. 

وجرى خلال الزيارة، توقيع إعلان نوايا مشترك للتعاون بين حكومتي العراق وقطر، للتعاون الشامل في المجالات السياسية والاقتصادية وفي مجالات الطاقة والاستثمار، وتضمن التوقيع على اتفاقيتين في مجالات النقل الجوي والنقل البحري، ومذكرة تفاهم بخصوص إلغاء متطلبات تأشيرة حاملي الجوازات الدبلوماسية.

وجرى أيضا توقيع عدد من مذكرات التعاون في مجال الطاقة، تخصّ النفط الخام وتجهيز العراق بالغاز المُسال، ومذكرة تعاون لتأسيس شركة نفط مشتركة وأخرى تخصّ إنشاء مصفى، وفي مجال الاستثمار، تمّ التوقيع على أربع مذكرات تعاون للهيئة الوطنية للاستثمار، الأولى مع شركة اورباكون القابضة القطرية، والثانية مع شركة “اليغانسيا هلث كير” القطرية، ومذكرتي تعاون مع شركة استثمار القابضة القطرية في مجال تطوير المدن الجديدة، وفي بناء وتطوير الفنادق.

وتعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها لأمير قطر تميم بن حمد، بمستوى تفعيل التعاون الثنائي مع العراق، عقب أول زيارة للمشاركة بمؤتمر بغداد للتعاون والشراكة، في العام 2021.

وبعد سنوات من التماهي والغموض، تقترب الحكومة التي شكلها الإطار التنسيقي، من حسم ملف الفصائل المسلحة، عبر الفصل بينها وبين القوى المنضوية في هيئة الحشد الشعبي، فضلا عن السيطرة على سلاح تلك الفصائل، في خطوات، وكما يرى مراقبون للشأن السياسي، بأن دافعها الأول هو طمأنة واشنطن والمجتمع الدولي، وتقوية الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى أنها تمثل استجابة من الحكومة والإطار لورقة الاتفاق السياسي والشروط الأمريكية، لكن هذا التوجه لن يصل إلى مرحلة “البراءة” من هذه الفصائل، لكونها مشتركة بالحكومة، كما يرى مقرب من الإطار.

ومؤخرا، أثارت تحركات السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانسيكي، واجتماعاتها مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، والوزراء وزعماء الكتل السياسية، وخاصة قادة كتل الإطار التنسيقي، التساؤلات، ووفقا لتقرير “العالم الجديد” حول هذه التحركات، فقد كشف المتحدثون أن الإدارة الأمريكية سلمت ملف العراق للسفيرة دون تدخل وزارة الخارجية أو الرئيس الأمريكي بشكل مباشر، وذلك ما يضمن لها حرية التحرك ومرونة بإيصال الرسائل، فيما بينوا أن سبب هذه الخطوة هو وضع اشتراطات على السوداني تخص الفصائل المسلحة، وبعد أن يتم تنفيذها تعود العلاقة بشكل مباشر مع واشنطن ويتقنن دور السفيرة الحالي.

وبعد أن كان ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، اتخذت الحكومة الحالية المشكلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون حسب تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني.

ومنذ عامين، صعدت الفصائل المسلحة وقوى الإطار التنسيقي من مطالباتها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وضغطت بكل السبل لتحقيق هذا الأمر، وهذا إلى جانب ظهور فصائل بأسماء وهمية، تبنت كافة عمليات استهداف المصالح الأمريكية في العراق.

جدير بالذكر، أن استهداف المصالح الأمريكية عبر الطائرات المسيرة والصواريخ، كان حاضرا في ذروة الأزمة السياسية التي استمرت لأكثر من عام، حيث جرت استهدافات عدة ومن أبرزها ضد القاعدة العسكرية الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وذلك في أيار مايو 2021.

وخلال الفترة القليلة الماضية، حدثت اشتباكات محدودة بين الفصائل المسلحة، حول مصالح “خاصة” تتمثل بقطع أراض أو غيرها، في بغداد، ما وضع الحكومة أمام تحد للسيطرة على سلاح الفصائل التي تعد مقربة منها.

إقرأ أيضا