كيف ستكون عائلة سورية فيها 3 إخوة أكبرهم مناصر لـ\”الجيش النظامي\” والآخر يقاتل إلى جانب \”الجيش الحر\” وأصغرهم يقاتل مع \”جبهة النصرة\”، هذا ما يدعو للغرابة، لكن مضر، السائق الذي يعمل منذ 6 سنوات على سيارة شاحنة قاطرة ومقطورة لحمل السلع، لا يجد غرابة في الأمر لأن \”أغلب العائلات السورية باتت هكذا\” بحسب قوله.
يقضي مضر معظم وقته على الطريق السريع، يذهب إلى الأردن وإيران والسعودية، ويأتي إلى العراق.
مضر هو الأكبر بين أخوته، وهو يناصر الجيش النظامي على الرغم من أنه يسجل على الحكومة السورية الكثير من \”مخالفات حقوق الإنسان\”، ويبدو مضر قريباً من \”لواء العباس\” الشيعي الذي يضم مقاتلين عراقيين بسبب قدومه المستمر إلى العراق، حيث أنه يقضي في البلاد 3 أيام و4 أحياناً مقابل بقائه ليومين في بلاده.
يؤكد مضر عند سؤاله عن وضع بلاده الأمني أن \”الأمور بخير.. وتسير نحو الأحسن\”.
يحترم السائق الذي تزوّج 3 نسوة، وهو لما يبلغ الـ30 من العمر، قرار إخوته بقتالهم ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه يستدرك \”النظام سيئ، لكن المعارضة، وخاصة جبهة النصرة، أسوأ\”.
في جميلة، المنطقة التجارية ببغداد والتي ينقل إليها مضر السلع السورية، يعامل عباس حسن، وهو صاحب معمل طرشي كبير، مضر كأخ له، \”فهو أمين على مالي ويتعرض للويلات من أجل إيصال البضاعة سالمة إلي\”. يستغل مضر حين ينقل السلع إلى العراق نفوذ أخويه في التنظيمين اللذين يقاتلان ضد الأسد، ففي حال اعترضه حاجز الجيش الحر يكلم أخاه الذي ينتمي لهم، وكذا يفعل مع \”جبهة النصرة\”، الأمر الذي يجعله عملة نادرة في سوق جميلة، لكنه لا يعمل مع غير حسن، لأنه ساعده كثيراً مؤخراً في فتح معمل للطرشي في دمشق.
منحه حسن مبلغ 10 آلاف دولار، ويساوي هذا المبلغ، في العملة السورية الآن، 6 أضعاف ما كان عليه الدولار قبل عامين.
يتلقى مضر عروضا كثيرة في بغداد ودمشق، بعض تلك العروض تحمل بين طياتها \”تهريب\” مواد غذائية فاسدة، وبعضها يتعدّى هذه الحدود ويصل إلى السلاح.
يقول مضر إن \”هناك شخصا أمينا جدّاً (..) عرض عليَّ تهريب أسلحة إلى حزب الله اللبناني، ولواء العباس من إيران إلى سورية عبر العراق لكني رفضت\”، يؤكد \”لا أود العمل في الحرام\”.
كما عرض عليه أحد إخوته أن يهرّب أسلحة من السعودية إلى سورية، لكنه رفض أيضاً.
وبحسب مضر، فإن الكثير من الشاحنات التي تعمل على خط إيران العراق سورية تعمل في تهريب السلاح، وأن الحكومة العراقية تغض النظر عن رؤية محتوى الشاحنة، مؤكداً أن \”أغلب هذا العمل يتم التنسيق حوله عبر التلفون\”.
يشرح مضر \”الطريق في إيران مؤمن بشكل كامل، حيث يركب أحد ضبّاط الحرس الثوري الإيراني مع السائق حتى الوصول إلى الحدود الإيرانية، وبعدها نكلّم أحد الضباط في العراق، وهو يبقى معنا على اتصال هاتفي حتى وصولنا إلى الحدود السورية\”.
وفي حال وصوله إلى الحدود السورية فإن الجيش النظامي يقوم بتأمين الشاحنة حتى وصولها إلى المكان المحدد.
وبحسب حسن فإن الكثير من سائقي سورية باتوا يعملون في تهريب الأسلحة \”لأنها تدرُّ عليهم أموالاً وفيرة\”.
منذ أيام عدّة، عاد مضر إلى بلاده ليحضر سيارة طرشي لحسن، لكنه في رحلته هذه سيتم زواجه الرابع، فقد فعلها أبوه قبله وتزوّج 6 نساء، ولديه عدد من الإخوة لا يحصى.
يقول حسن إنه يحترم مضر جدّاً لأنه منذ بدء الدخول إلى العراق لم يلطخ يديه بالحرام، لا بالسلع ولا بأمور أخرى.
وغالباً ما تدخل سلع فاسدة إلى العراق مثل، معجون الطماطم والمشروبات الغازية والبسكويت والعصائر، وهذه المنتجات لها مزادها وتجارها الذين يختصون بها، بحسب حسن.