صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

سامراء العراقية.. كيف أضر “الفساد” بأقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط؟

خسائر متتالية وإنتاج شبه مفقود من السوق، هذا ما تعانيه أقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط وهي شركة سامراء في العراق، وفيما عزا خبراء بالاقتصاد وأطباء ما يجري في الشركة إلى الفساد وسيطرة شركتين جديدتين على السوق، والتوجه للاستيراد من أجل “العمولات”، ردّت وزارة الصحة على الأمر بأن نوع العلاج الذي تنتجه الشركة لا يغطي كافة الاحتياجات، مؤكدة أنها تتعاقد معها بشكل مستمر لدعم الإنتاج المحلي. 

خسائر متتالية وإنتاج شبه مفقود من السوق، هذا ما تعانيه أقدم شركة أدوية في الشرق الأوسط، وهي شركة سامراء العراقية الواقعة في محافظة صلاح الدين، وفيما عزا خبراء بالاقتصاد وأطباء ذلك إلى الفساد وسيطرة شركتين جديدتين على السوق، والتوجه للاستيراد من أجل “العمولات”، ردّت وزارة الصحة بأن نوع العلاج الذي تنتجه الشركة، لا يغطي كافة الاحتياجات، مؤكدة تعاقدها معها باستمرار لدعم الإنتاج المحلي. 

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “معمل أدوية سامراء تكبد خسائر بقيمة 30 مليار دينار للسنة الثالثة على التوالي علما انه واحد من المعامل المتميزة على مستوى الشرق الأوسط، ومع هذا لم تتم دراسة أسباب الخسارة التي لم تكن بسبب عدم فاعليته وعدم كفاءة الإنتاج فالمعمل معروف وسمعته على مستوى عال”.

ويضيف المشهداني، أن “من أسباب هذه الخسائر أن وزارة الصحة كانت تعتمد 70 بالمئة من إنتاج معمل أدوية سامراء منذ سنوات، لكن الآن لا تشتري الوزارة منه لأنها توجهت إلى شراء المنتج الأكثر جودة كما تدعي، الذي يصاحبه عمولات وسفر”.

ويتابع أن “المعمل كان قبل عام 2003 يستقطب 1600 عامل وعلى مدى ثلاثة أوقات عمل في اليوم، لكن الآن ارتفع عدد العاملين فيه إلى 7500 عامل في وقت واحد، وهذا يولد خسائر بسبب البطالة المقنعة”، لافتا إلى أن “قرارات عليا ساهمت في تعيين هذا العدد من العاملين فيه”. 

وكانت شركة أدوية سامراء، أعلنت قبل أيام أن خسائرها خلال العشرة أشهر الماضية بلغت 31.3 مليار دينار، وهو مقارب لخسائر العام الماضي، ما دفعها إلى إيقاف جميع أبواب الصرف والاقتصار على الطلبات الخاصة بديمومة العملية الإنتاجية.

يذكر أن الشركة تأسست عام 1965 وفق العقد المبرم مع الاتحاد السوفيتي سابقاً للتعاون الفني والاقتصادي حيث استمر العمل على تأسيس الشركة لغاية 1969، وبدأت بعدها العمل بامتياز من شركات عالمية مثل : شركة Lepetite الإيطالية وشركة MSD الامريكية وشركة SKF الانكليزية وشركة GLAXO الانكليزية وشركة ASTRA السويدية وشركة ROCHE السويسرية.

من جانبه، يؤكد الطبيب الاختصاص زهير العبودي خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “شركة سامراء من أقدم الشركات الدوائية في الشرق الأوسط، ولدينا في المستشفيات بعض المنتجات الخاصة بالشركة، لكن ما ينقصها حملات إعلامية وترويج، فما يقف وراء عدم تصريف منتجاتها أمر غامض”.

ويشير العبودي إلى أن “شركتي بايونير وأوال هما المسيطرتان على السوق في العراق وأكثر التعاقدات الحكومية مع هاتين الشركتين”، مؤكدا أن “المستلزمات الطبية المستوردة كالحقن ومعدات التحليلات ذات نوعية رديئة جدا، مع أن العراق يمتلك معملا للحقن في بابل لكن لا أحد يعلم سبب عدم تفعيله وإعادته إلى العمل بعد أن تعرض للتخريب بعد 2003”.

ويتهم الدكتور “جهات متنفذة وراء عدم الاعتماد بشكل كبير على شركة أدوية سامراء”، لافتا إلى أن “هذه الجهات تذهب للخارج من أجل التعاقد مع شركات رديئة لأن صفقات الفساد والكومشنات التي تحصل عليها هناك أكبر”.

ويتساءل العبودي عن سبب “خسارة شركة سامراء سنويا في حين أن بعض الشركات تعمل وتنتج وتجني أرباحا كبيرة فهل أن السبب في منتجاتها أم أن هناك أسبابا أخرى؟”، لافتا إلى أن “الإجابة تكمن في العمولات والتعاقدات بصفقات فساد من قبل بعض الجهات”.

وعن الجهة التي تتحكم بهذه التعاقدات، يوضح العبودي أن “شركة كيماديا هي المسؤولة عن تعاقدات وزارة الصحة، وهي المسيطرة على هذا الملف”.

وكان مدير عام الشركة خالد محيي علوان، كشف مطلع العام الحالي، عن وجود خطة لمشاريع جديدة عن طريق الاستثمار على قرار 13 في عام 2006، وأن الشركة في الفترة الأخيرة تلقت طلبات كثيرة وتوجهاً كبيراً من قبل المستثمرين العرب والأجانب لتشغيل المصانع المتوقفة وإنشاء مصانع جديدة تنتج مستحضرات لأول مرة في البلد وهذا سيكون سبباً رئيسياً لتشغيل الكثير من العاطلين عن العمل.

وللشركة العديد من المصانع منتشرة في بغداد ونينوى وصلاح الدين، وبحسب التصريح السابق لعلوان، فأنه خلال العام الماضي، تم انجاز العديد من المشاريع منها مشروع بناية البنسلينات التابع الى شركة النجمة البيضاء ومشروع المستحضرات العقيمة والذي تبنتها شركة الصرح التكنولوجي إضافة إلى مشروع تأهيل وتشغيل خط الفيالات المتوقف منذ 10 سنوات تقريبا، وهذه جميعها عن طريق الاستثمار، إضافة إلى انه تمت المباشرة بمشروع بناية المراهم والكريمات.

وحول هذا الأمر، يوضح المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر خلال حديث لـ”العالم الجديد” أن “شركة أدوية سامراء التابعة لوزارة الصناعة تنتج فقرات علاجية كثيرة ومختلفة، ولها أولوية في التعاقدات من قبل وزارة الصحة، لاسيما وأن الحكومة تدعم الصناعات الوطنية والدوائية بشكل خاص”.

ويضيف البدر أن “الشركة على الرغم من أنها تعمل على زيادة وتطوير الفقرات العلاجية والمستلزمات الطبية التي تنتجها، لكنها لا تسد كل الاحتياجات المحلية”.

ويعاني القطاع الصحي في العراق من أزمات كثيرة، وأبرزها نقص العلاج، وهو ما لمسه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مؤخرا خلال زيارته إلى مستشفى الكاظمي، وشخص نقص الأدوية فيها.

وتعد شركة كيمياديا، هي الجهة الأبرز لاستيراد وتوفير العلاج في العراق، وهي تابعة لوزارة الصحة، ومسؤولة عن توفير كافة الأدوية للمستشفيات أو المذاخر الأهلية، ودائما ما يثار لغط حول هذا الملف، وتطرح شبهات فساد كبيرة فيه.

إقرأ أيضا