بالإضافة إلى الشكل واللغة هنالك ما يميز الشعوب عن بعضها بعضا. فخذ مثلاً المظهر الخارجي، كيف يبدو الرجل أميركيا على سبيل المثال؟ وكيف نميزه عن قرينه الايطالي؟
ماذا يلبس الأميركي، وماذا يفضل من الألوان، وكيف يصفف شعره؟
جواب هذا لا يكلف المتلقي سوى اطلاع بسيط على الإعلام الأميركي، لتجد أن الأميركان يفضلون لبس الجينز وحلق الرأس، بينما لو شاهدت القناة الايطالية الثانية مثلاً لرأيت الفرق واضحاً حيث ان الطليان يدققون كثيراً في اختيار الألوان ويخترعون منها تشكيلات غريبة بعض الشيء ويحرصون على هندسة ذقونهم بشكل ملفت.
واذا كانت هنالك مشقة في التمييز بين الرجال، لاسيما في البلدان المتجاورة كما في الخليج العربي فالأمر يبدو أيسر بين النساء؟
فلنساء كل بلد ستايل خاص في اللبس يتميزن به عن قريناتهن، فالعباءة الإماراتية تختلف تماماً عن الكويتية، والحجاب السعودي مختلف جداً عن لفّة الحجاب الإماراتي وهكذا.
وهذا كله لا يحتاج مزيد عناء للتعرف، فهو لا يحتاج سوى ضغطة زر على جهاز الريموت كونترول للتعرف على من تشاء من شعوب الله وانت جالس في البيت.
إذن فلنجرّب الآن ونضغط على رقم إحدى القنوات العراقية، خذوا قناة الفرات مثلاً وتابعوا نشرة أخبارها أو أي برنامج آخر.
ثم اكتموا صوت التلفاز وانظروا لهذه السيدة المحترمة التي تقدم النشرة الإخبارية، هل هي عراقية؟ اعني هل أن زيّها عراقي؟ أم لبناني يشبه ما ترتديه مذيعات قناة المنار؟!
دعوا قناة الفرات واذهبوا إلى العراقية، فهي تعرض الآن برنامجاً عن الجامعات والمعاهد تلتقي فيه مع الطلبة، دققوا في الأزياء ستجدون ما لا يقل عن عشرين نوعاً من الحجاب فقط، وحدة لابسة حجاب تركي، وحدة إماراتي، مصري، لبناني، إيراني… الخ والألوان شي ما يشبه شي. أما الشباب فحدث ولا حرج، إذ صاروا يكتشفون أزياء لم تكتشف بعد حتى في مدينة ميلانو الايطالية. شوفوا هذا أبو الشباب شلابس، قميص برتقالي ضيق ياخة دبل طويلة مطرزة، وبنطلون أبيض حصر چارلس زائداً حذاء جلد أبو البوز لونين ابيض واسود. الشعر مدهون بعلبة جل أم الألف والوجه وردي مقشّر ومنفوخ من حبوب البرياكتين.. صلواااات.
واحد ثاني لابس يلگ بهذا الجو الحار، ثالث لابس مادري شنو ما شنو، شبيكم؟! شجاكم؟!
معقولة صرنا ما نعرف نلبس ولا نستطيع أن نحدد ستايل عراقي خاص يميزنا عن بقية شعوب الأرض. أين دور الأزياء عما يجري؟ لماذا لا تجهد نفسها لإخراج توليفة عراقية خالصة؟!
ثم أين الإعلام وهو واجهة البلد؟ هل ما زال غير ملتفت لهذا الخطأ، اعني الخلط في الأزياء واستعارتها من بقية بلدان المنطقة. بينما يقع عليه الجزء الأكبر من المسؤولية في تسويق زيّ يقول عنه المشاهد هذا ستايل عراقي.
اللباس يا جماعة يمثل هوية مجتمع ويكشف عن ثقافة شعب لابد له ان يعي ما يلبس، فنحن لسنا أتراكاً ولا هنوداً ولا لبنانيين ولا ولا. نحن فقط عراقيون، لنا هويتنا التي ينبغي أن نحافظ عليها. والمظهر من تصفيفة الشعر حتى قيطان الحذاء واحد من ركائز هذه الهوية التي يجب الاهتمام بها والدقة في اختيارها أليس كذلك؟