صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

سريان تطبيق «العفو العام» في محاكم الجنوب والفرات الأوسط يشعل الجدل

يبدو أن إطاحة القضاء بالأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية الخاص بوقف العمل بالقوانين الجدلية، وسريان تطبيق قانون العفو العام في حاكم الاستئناف بالمناطق الجنوبية والفرات الأوسط، قد أشعل الجدل في العراق.

إذ انتقد ناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي، قيام بعض المحاكم بتطبيق قانون العفو العام رغم عدم نفاذه ونشره في جريدة الوقائع الرسمية، فيما وصف آخرون ما يحدث من خلاف بين مجلس القضاء والمحكمة الاتحادية بالمسرحية محذرين من عواقبها.

وقررت محاكم الاستئناف في المناطق الجنوبية والفرات الأوسط، اليوم الخميس، المضي بتطبيق قانون العفو العام، وفقًا لما قرره مجلس القضاء الأعلى في العراق.

وأعلنت محكمة جنايات النجف، التزامها بتوجيهات مجلس القضاء الأعلى عبر تطبيق قانون العفو العام وفقاً للقرارات الصادرة بهذا الشأن.

ووفقاً لوثيقة رسمية حصلت عليها “العالم الجديد”، “فقد أكدت المحكمة تنفيذ هذه التوجيهات على مستوى محكمة الجنايات”.

وأوضحت الوثيقة، أن “محكمة جنايات النجف تشكلت اليوم الخميس للنظر في تطبيق قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 (التعديل الثاني) والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 21 كانون الثاني 2025، بموجب التعليمات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى بشأن القضايا المعروضة”.

كما وجهت رئاسة محكمة استئناف محافظة الديوانية، بحسب وثيقة حصلت عليها “العالم الجديد”، “بالمضي بتنفيذ قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام وفقا للنصوص والتعليمات الخاصة بها الصادرة من مجلس القضاء الأعلى”.

ويشهد العراق معركة قانونية بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا إذ أسهم الأمر الولائي الذي أصدرته المحكمة الاتحادية الخاص بوقف العمل بالقوانين التي باتت تعرف محلّياً بـ”السلة الواحدة” في إشارة إلى العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات المشمولة بقوانين البعث بأزمة جديدة مع مجلس القضاء الأعلى، برئاسة القاضي فائق زيدان، الذي اعتبر قرار المحكمة مخالفا للدستور خصوصاً أن القوانين لم تُنشر في الجريدة الرسمية حتى تكون واجبة التنفيذ.

وقدّم نواب في البرلمان، في وقت سابق من اليوم الخميس، دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية، ضد تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة المثيرة للجدل “تعديل الأحوال الشخصية، وإعادة الملكية، والعفو العام”.
وكان ائتلاف إدارة الدولة، دعا صباح أمس الأربعاء، إلى عقد اجتماع طارئ السبت المقبل، في القصر الحكومي بالعاصمة بغداد للتداول بمجموعة قضايا “مهمة”، على رأسها التصعيد الأخير ضد المحكمة الاتحادية بعد إصدارها الأمر الولائي الخاصة بإيقاف تنفيذ القوانين الجدلية الثلاثة.

فيما أكد رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، أمس الأربعاء، الالتزام بقرارات المحكمة الاتحادية، معتبرا أن اعتراض بعض النواب والطعن بالقوانين لدى المحكمة الاتحادية “تجسيد حقيقي للديمقراطية”.

يشار إلى أن رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، كان أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدًا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن “الإرهابيين”، وفيما اتهم المحكمة بتسييس قراراتها، شدد على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.

ومع حلول مساء الثلاثاء الماضي، بدأت محافظات سنية تعطل الدوام الرسمي، احتجاجا على الأمر الولائي، بدءا محافظة نينوى، ومن ثم تلتها محافظة الأنبار، ومن ثم التحقت صلاح الدين بهذه المحافظات، وأعلن أخيرا محافظ كركوك، ريبوار طه تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة.

وفي مقابل ذلك، أعلن الإطار التنسيقي، دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 كانون الثاني يناير الماضي، مستغربا “الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين”.

وصوت مجلس النواب بجلسته الثالثة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، المصادف 21 كانون الثاني يناير الماضي، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس على ثلاثة قوانين.

وبحسب بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، صوت المجلس بالمجمل على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المقدم من اللجنتين القانونية والمرأة والأسرة والطفولة والذي جاء انسجاماً مع ما أقرَّته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سَن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، أو اختيارهم، ولوضع تلك المادة موضع التنفيذ وتنظيم تلك الحرية في إطار القانون بالشكل الذي يحافظ معه على المحاكم كجهة قضائية موحدة بتطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية وفقاً للقانون، وبالنظر إلى طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السُني.

وصوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المقدم من اللجنة القانونية، لصدور العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) باستملاك الأراضي العائدة للمواطنين ولأجل إعادة الحقوق الى أصحابها وإزالة الآثار الناجمة عنها.

كما صوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، والذي يهدف إلى عدم إتاحة الفرصة لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة لخطف الأشخاص لما تمثله من سلوك إجرامي خطير وما خلَّفته من آثار سلبية على المجني عليهم أو ذويهم وخطورتها على المجتمع وإعادة دمج ممن يشمل بقانون العفو بالمجتمع بعد إعادة تأهيله بدوائر الإصلاح ومنحهم الفرصة للعيش الكريم.

وشهدت الجلسة فوضى ومشادات بين عدداً من أعضاء مجلس النواب احتجوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة الجدلية، فيما لجأ البعض إلى الصعود فوق منصة المجلس، ما دفع النائب الثاني لرئيس المجلس شاخوان عبد الله إلى رفع الجلسة، وذلك بعد مغادرة المشهداني القاعة عقب إعلانه تمرير القوانين.

وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين.

وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.

إقرأ أيضا