يحمل حسين السلّم ويصعد إلى السطح فيسأله أهل البيت الدمشقي بكل أطيافهم، العلوي والدرزي والمسيحي والفلسطيني وغيرهم، إلى أين تذهب فيجيب \”أذهب عند الله\” فيهرعون وراءه ويصرخ بأعلى صوته \”حرية\” قبل أن يدوي صوت انفجار.
\”سوريا إلى أين؟\”، سأل أحد مشاهدي \”سلم إلى دمشق\” مخرجه السوري محمد ملص بعد عرضه مساء الثلاثاء في مهرجان دبي السينمائي في أول عرض عربي للفيلم.
\”إلى أين؟\”، أجاب ملص وكأنه يسأل نفسه قبل أن يقول \”في رأيي أن لا أحد يعرف الإجابة\”.
وأضاف بحزن \”لقد خرج الأمر من يد الذين أرادوا أن يصعدوا السلم حتى يروا بلدهم كما كانوا يحبون أن تكون\”.
ويعود إلى الإسقاطات الرمزية على الأوضاع في سوريا التي يحملها مشهد فيلمه قائلا \”صعدوا يبحثون عن حلمهم بالحرية ثم سمعنا صوت انفجار فهم إما قتلوا أو اختفوا\”.
وتابع \”من البداية كان الهدف الحرية والكرامة والآن نحن مهددون بالعودة مئات السنين إلى الوراء\”.
سلّم المخرج ملص هو للصعود من الأقبية والزنازين وتذوق طعم الحرية حتى لو أدى ذلك إلى الموت.
تدور أحداث الفيلم في بيت دمشقي قديم تملكه سيدة كبيرة ويقطنه شباب من الجنسين ينتمون إلى بيئات ومناطق مختلفة من سوريا، حتى اللاجئ الفلسطيني ممثل في \”الملاكم الذي سيوقع محمد علي كلاي عن عرشه\”.
أحلام التغيير والتوق إلى الحرية هي القاسم المشترك الذي يجمع هؤلاء الشباب ويحركهم حول شخصية غالية، وهي فتاة في سن العشرين، تتقمصها روح زينة الشابة التي في مثل عمرها، وابتلعها البحر بعد اعتقال والدها، ويصورهم الشاب \”سينما\” الملقب بهذا الاسم لعشقه الفن السابع الذي يقوم بدوره بلال مارديني.
عن أسلوب توجيه الشخصيات الكلام للمشاهد فيما يشبه أسلوب تحطيم الحائط الرابع عند الكاتب المسرحي الألماني برتولت بريشت، قال ملص \”كنت أشعر أن كل العالم الخارجي للبيت عبارة عن جدران ولا أحد يسمع أحدا فيه، لذلك تعمدت أن يكون الحوار وكأن كل واحد منهم يحاول أن يتكلم مع الجميع\”.
وأشار المخرج إلى أن جميع ممثلي الفيلم \”يقفون أمام الكاميرا لأول مرة ويؤدون شخصياتهم الحقيقية في الحياة\”.
وتظهر العفوية في مشهد لصاحبة المنزل تقول فيه \”لست أدري ما الذي سنؤول إليه\” ثم تنخرط في بكاء مر في رد فعل حقيقي لمواطن سوري يتساءل عن مصيره في ظل ما يدور في بلاده من معارك.
وعن أسباب إخراجه هذا العمل بعد انقطاع نحو 7 سنوات، قال ملص \”كنت وما زلت أعيش في دمشق، وكنت أتساءل ماذا يمكن أن تفعله السينما عندما تكون الكاميرا هي العدو الأول للنظام؟\”.
صور ملص فيلمه في نيسان 2012 ونفذه خلال الأشهر اللاحقة والعمل يتحدث عن الفترة التي صور خلالها، ولا يلجأ فيه إلا إلى لقطة واحدة حقيقية لاستشهاد طفلة مؤكدا أنه \”قرر عدم خلط الوثائقي بالروائي حتى يحتفظ الروائي بقوته\”.
الفيلم يحمل كل إمكانيات ملص السينماتوغرافية الجميلة التي تحمل صورا شعرية تتألق في مشاهد الأمطار وصوت الأمواج والإضاءة الموظفة للانتقال من حالة نفسية إلى أخرى.
لكن العمل، الذي تزيد مدته عن ساعتين، مثقل بالرمزية وبالإيقاع البطيء.
وقال ملص \”أرجو ألا أكون قد صدمتكم أو أحبطكم إذا كنتم قد جئتم لتروا شيئا أخر، فلقد أردت أن أفجر مشاعر الحنين واللوعة لمن غادروا\”.