“لا يمكن ان تتحسن الأوضاع أبداً، أمراضنا باتت بلا علاج.. نقضي آخر أيامنا بالمسكنات بينما نتجه للهلاك بثبات”. يقول المدرس المتقاعد عبد الهادي نوح، وهو ينظر الى تظاهرات أصحاب الشهادات العليا المطالبين بالتعيين قبالة وزارة التعليم العالي.
يضيف، وهو يرسم نصف ابتسامة على وجهه: “حكومة تتحكم بها قوى مصلحتها فوق مصلحة البلد، وبرلمان ضعيف يفتقر الى المتخصصين ممن يمكن أن يواجهوا مفاصل الخلل ويقدموا الحلول والاصلاحات لانقاذ البلد الذي يكاد يغرق بسبب الفساد والهدر وسوء ادارة الاقتصاد”.
يعاني العراق من تأخر مزمن في اقرار الموازنات السنوية، ويشهد عجزا في اقرار حزم من القوانين المهمة كقانون النفط والغاز، رغم الاقتصاد المتعثر والخدمات المتردية والمشاريع المتعطلة، فيما تعطل الصراعات تعيين وكلاء الوزارات ومسؤولي الهيئات المستقلة الذين يفترض ان يكونوا من أصحاب الاختصاص.
يحدث ذلك في ظل برلمان يعاني من غياب الكفاءات وقلة المتخصصين ممن يحملون شهادات عليا فهم لا يتعدون الـ 20%.
يقول نوح: “هذا هو الواقع، الكتل السياسية تعتمد معيار الولاء على حساب الكفاءة، والناخبون طوال ثلاث دورات انتخابية كانوا يصوتون لأصحاب الأصوات العالية ممن يلجؤون الى الخطاب الطائفي، ولا يلتفتون الى كفاءاتهم وتأهيلهم العلمي”.
من بين ٣٢٩ نائبا في البرلمان العراقي هناك ٦٣ نائبا فقط يمتلكون شهادات عليا (الدكتوراه والماجستير) ٤٠٪ منهم نساء وعادة هُن يُغيبن عن لجان “تمرير” القوانين، فيما يحمل الآخرون شهادات تعليم ثانوي او جامعي، وذلك ينسحب على اللجان التي تتطلب تخصصا دقيقا كلجنة الاقتصاد والاستثمار التي تضم ٢٠ نائبا ثلاثة منهم فقط يحملون شهادات عليا اثنان منهم نساء.
يضم مجلس النواب ٢٤ لجنة برلمانية غالبيتها تفتقر الى الكفاءات من حملة الشهادات العليا، فمن بين كل عشر نائبات يمتلكن شهادة عليا هناك ثلاث فقط داخل اللجان البرلمانية، وهي حصة تمثل ضعف الحصة التي حصل عليها الرجال ذوي الشهادات العليا داخل اللجان.
قلة المتخصصين والنتائج
الى جانب قلة الكفاءات في البرلمان، والذي ينعكس على ضعف تمثيلهم في اللجان البرلمانية المحددة بـ 24 لجنة والتي تتولى عادة مهمة صنع القوانين وتوجيه مسار حركة البرلمان، تؤكد الأرقام التمثيل الضعيف للنساء في اللجان رغم ان نسبة البرلمانيات الحاصلات على شهادات عليا هي ضعف نسبة الرجال الحاصلين على تلك الشهادات.
يعلق الدكتور محمد عبد الأمير اختصاص التنمية الاقتصادية، على ذلك بالقول “لو كان لدينا برلمان فيه تمثيل قوي لأصحاب التخصصات والكفاءات لكان من الممكن ان يقدم حلولا لمشاكلنا، لا ان يقف عاجزا ويلجأ الى التوافقات السياسية التي تصادر دوره الحقيقي وتصادر حقوق الشعب”.
ويشير عبد الأمير، الى النتائج الخطيرة لذلك على واقع البلد في مختلف المواقع، محملا البرلمان أسباب عدم حصول أقرانه من حملت الشهادات العليا على فرص عمل.
الدكتور كامل الدليمي عضو البرلمان السابق يحدد نتائج افتقار المؤسسة التشريعية الى الكفاءات بـ “تردي الخدمات وسوء التشريعات وضعف الرقابة” الى جانب افتقاد رؤية واضحة لادارة الدولة وتقدمها.
ويؤكد الدليمي على أهمية التمثيل الجيد لأصحاب الكفاءات بالبرلمان بما يقوي المؤسسة التشريعية وجعلها مؤسسة فعالة قادرة على ضمان حق المواطن من خلال “رقابة معرفية وتشريعات رصينة”.
تدني نسبة الحاصلين على شهادات عليا في البرلمان الى ٢٠٪ يضع مجلس النواب في دائرة الانتقادات خاصة ان البلاد تواجه تحديات كبيرة وازمات متلاحقة اقتصادية وبنيوية.
النساء يتقدمن الرجال ولكن
تُظهر الأرقام ان ثمانية نواب من بين كل عشرة نواب يحملون شهادة التعليم الثانوي او التعليم الجامعي الأولي، وان نائبين فقط يمتلكان شهادات عليا (دكتوراه أو ماجستير) من كل عشرة، وتلك النسب تنعكس أيضا في اللجان البرلمانية التي تتولى مهمة صنع القوانين وعمليات الرقابة.
ويضم البرلمان العراقي، ١٩ نائبا يحملون شهادة التعليم الثانوي ويشكلون ٩٪ من نسبة أعضاء البرلمان، في حين ان ٦٣ نائبا فقط يحملون شهادات الماجستير والدكتوراه والدبلوم العالي، بينهم ٢٤ امرأة.
وتشكل النساء ٢٥٪ من اجمالي اعضاء مجلس النواب، وفق ما اقره الدستور، فمقابل كل ثلاثة رجال هناك امرأة واحدة تحت قبة البرلمان، غير ان نسبة البرلمانيات الحاصلات على شهادات عليا هي ضعف نسبة الرجال الحاصلين على تلك الشهادات، فمقابل كل رجل حاصل على شهادة عليا في البرلمان هناك امرأتان تحملان نفس الدرجة العلمية. لكن ذلك لا ينعكس على نسبة تمثيلهم في اللجان البرلمانية.
ويضم مجلس النواب ٢٤ لجنة برلمانية غالبيتها تفتقر الى الكفاءات التي تحمل شهادات عليا، فمن بين كل عشر نائبات يمتلكن شهادة عليا هناك ثلاث فقط داخل اللجان البرلمانية، وهي حصة تمثل ضعف الحصة التي حصل عليها الرجال ذوي الشهادات العليا داخل اللجان.
كما تظهر الأرقام ان شريحة الشباب من حملة الشهادات العليا هي أكبر عند النساء فسبع من كل عشر نساء يمتلكن شهادات عليا للفئة العمرية بين 30 الى 50 عاما، في حين ان ستة من كل عشرة رجال تزيد اعمارهم عن 60 عاما يمتلكون شهادات عليا.
ذلك التمثيل الضعيف للكفاءات واصحاب التخصصات يؤثر في المحصلة على كفاءة عمل البرلمان، بحسب النائب السابق الدكتور كامل الدليمي.
يقول الدليمي “حضورهم الضعيف يعطل أي تاثير لهم على باقي الأصوات التي تمثل الغالبية العظمى، سواء كانوا رجالا او نساء، فتطغى عليهم الأصوات الأخرى والتي هي في الغالب تسعى للظهور الاعلامي ذو الطابع الدعائي والبعد السياسي، والذي يأتي على حساب النقاش الموضوعي والحلول الحقيقية في مختلف القضايا”.
تحديات عديدة وفرص أقل
تقول الدكتورة ماجدة التميمي، عضو اللجنة المالية، والتي تتواجد في البرلمان لثلاث دورات متتالية الى جانب قلة من الرجال حققوا ذات الحضور، ان النساء يواجهن تحديات كبيرة لخوض العمل السياسي لكنهن يحرصن على تطوير امكاناتهن “هن يتمتعن بحيوية وطاقة عالية للعمل والانجاز، ولهن قدرة كبيرة على التواصل مع الجمهور ومتابعة مشاكله من خلال مواقع مسؤوليتهن داخل البرلمان”.
وتؤكد ان وصولها الى قبة البرلمان واستمرارها لثلاث دورات انتخابية، كان تحديا “لم يكن اجتياز ذلك بالأمر السهل لولا العمل الجاد، والتواصل مع الجمهور وسماع حاجاتهم وتحقيق مطالبهم”.
تأكيدا لكلام التميمي، تحصي الدكتورة نبراس المعموري رئيسة منتدى الاعلاميات العراقيات، سلسلة تحديات تواجه النساء لخوض العمل السياسي خاصة في ظل عدم تكافؤ الفرص. وتقول ان “التحديات لا تقتصر على الجوانب الثقافية والاجتماعية والأمنية والمالية فقط فثمة تحد أساسي آخر يتمثل في مدى قدرة المرأة على تطوير ذاتها ومدى قناعتها بأنها مؤهلة للعمل والمنافسة في مختلف المجالات وأولها السياسة وان هناك فرصة أمامها”.
وتضيف: “عندما تتوفر شفافية في الانتخابات ونزاهة تضمن العدالة والتنافس الحقيقي، وعندما أجد تطبيقا للقوانين بشكل يلبي طموح العراقيين، إضافة الى التمتع باستقلالية كاملة تضمن لي ان أكون صوتا حقيقيا يمثل ناخبيه عندها ستكون فرصة لي ولكثيرات مثلي الخوض في مضمار السياسة وصولا الى البرلمان”.
الشهادة العليا والمنافسة
تظهر بيانات المرصد النيابي العراقي ان هناك فرقا واضحا في معدل الأصوات التي حصلت عليها البرلمانيات تبعا للمستوى التعليمي الذي يمتلكنه، فمعدل الأصوات التي حصلت عليها النائبات ذوات الشهادات العليا يقارب ضعف معدل الأصوات التي حصلت عليها ذوات التعليم الثانوي والتعليم الجامعي الاولي.
ووفق أرقام المرصد بلغت نسبة الأصوات التي حصلت عليها النائبات اللواتي يحملن شهادات عليا ٤٤٪ من مجموع الاصوات التي ذهبت الى النساء، في حين ان عددهن لا يزيد عن ٢٩٪ من اجمالي عدد النائبات في البرلمان.
رغم ذلك توضح البيانات المجمعة للدورة الانتخابية الثالثة لعام (٢٠١٤) والدورة الانتخابية الرابعة لعام (٢٠١٨) ان غالبية البرلمانيات اللاتي يمتلكن شهادات عليا فرصة اعادة انتخابهن لدورة انتخابية ثانية ضعيفة جدا، في حين يمتلك الرجال الأعلى تعليما في البرلمان فرصة أكبر ليعاد انتخابهم، فمن بين كل عشرة أعضاء رجال يمتلكون شهادات عليا هنالك ثلاثة يتمكنون من الفوز لدورة انتخابية ثانية.
تربط الدكتورة ماجدة التميمي، التي حصلت على أعلى الاصوات ضمن شريحة النساء في الدورة الانتخابية الاخيرة، فرص اعادة انتخاب النساء “بمدى نجاحهن” في البرلمان وبروزهن، والعمل الذي قدمنه هناك الى جانب التواصل مع الجمهور.
وترى التميمي ان الشهادة العليا مكملة لشخصية عضو مجلس النواب “الفشل في اعادة الانتخاب لمرة
ثانية يرجع في الغالب الى عدم التواصل مع الجمهور والاستماع لمطالبهم، فالكفاءة العلمية وان كانت مهمة جدا، الا ان الأهم هو العمل الذي يعزز ثقة الجماهير”.
محاصصة حزبية ونتائج سلبية
لا يولي قادة البلاد ورؤوساء الكتل اهمية كبيرة للمستوى العلمي وطبيعة التخصص في تمثيل اعضاء كتلهم في اللجان البرلمانية رغم اهمية اللجان، بقدر تركيزهم على ضمان المحاصصة الحزبية والطائفية في كل لجنة.
فلجنة الاقتصاد والاستثمار التي تمثل واحدة من أهم اللجان تضم ٢٠ نائبا غالبيتهم من ذوي التعليم الثانوي والجامعي الأولي، وثلاثة فقط يحملون شهادة عليا اثنان منهم نساء على الرغم من ان النساء داخل اللجنة يمثلن بست نائبات فقط.
اللجنة المالية هي الأخرى تفتقر الى التخصصات الاكاديمية سيما وأنها واحدة من اللجان المهمة يدير مهامها ٢٣ عضو بينهم اربع نساء اما الحاملين للشهادات العليا فهم ثمانية فقط اثنان منهم نساء.
يؤكد نواب وسياسيون ان توزيع الأعضاء على اللجان البرلمانية هي عبارة عن عملية محاصصة طائفية وحزبية تخضع لرغبات الكتل السياسية وليس لعوامل الكفاءة، فالكتل تسعى الى زج أعضائها ضمن تلك اللجان حتى لو لم يملكوا الخبرات لفرض مطالبها ومصالحها الخاصة.
وهو ما يعيق عمل تلك اللجان في احيان كثيرة ويجعلها عاجزة عن القيام بدورها المطلوب، كما في لجنة التعليم العالي والبحث العلمي التي تعد الافضل بين اللجان البرلمانية لأنها تضم ١١ نائبا سبعة منهم يحملون شهادات عليا بينهم اربع نساء الا ان بعض قرارتها تتقاطع مع طموح الطبقة الاكاديمية التي تتطلع الى قوانين ترتقي بالمؤسسة التعلمية وليس العكس.
يقول الدكتور اياد العنبر استاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة، ان اللجان البرلمانية يفترض بها ان تكون لجان تخصصية “تحتاج إلى أن يمتلك البرلماني الممثل فيها مؤهلات وخبرات تمكنه من تأدية مهامه الرقابية والتشريعية، لكن ذلك لا يحصل”.
ويشير الى ان بعض اللجان تمرر قوانين “تثير الصدمة” حتى لو ضمت متخصصين لكونهم غير مؤهلين علميا او يخضعون للضغوط، قائلا “بحكم تخصصي وعملي في المؤسسات الأكاديمية، وجدت أن تخصص أعضاء لجنة التربية والتعليم لم يقدم أي شيء لخدمة وتطوير هذه المؤسسات أو العمل الأكاديمي ولعل قانون معادلة الشهادات العليا بما حمله من عيوب ويشكله من تأثير سلبي على التعليم خير دليل على ذلك”.
ويرى الدكتور هيثم الهيتي استاذ العلاقات العامة والإدارة السياسية في جامعة الخليج، ان خلو اللجان البرلمانية من المتخصصين وحملة الشهادات العليا جعل منها “لجان عاجزة عن تقديم حلول لمشاكل البلاد لان غالبية أعضائها من ذوي التعليم المتدني ومن يفتقدون المؤهلات، فلم يصلوا الى مرحلة استخدام المنهجيات العلمية في طرق التفكير والتي تضمن لهم التوصل الى حلول منطقية”.
يؤيده الرأي الباحث في مجال التربية، سالار علي، قائلا “لو عرف السبب لبطل العجب، فانخفاض نسبة من يحملون شهادات عليا من أصحاب الكفاءات ومن يملكون مؤهلات حقيقية، لابد ان ينعكس سلبا على أداء اللجان ومخرجاتها، وذلك ما نتلمسه في تردي واقع البلاد اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا”.
ويحمل علي، مسؤولية الفشل في عدم رفد المؤسسة التشريعية بالخبرات الاكاديمية، الى الكيانات السياسية وآلية استقطاب اعضائها وسياساتها التي “تقدم الولاء على الكفاءة” إضافة الى الجمهور الذي “يمنح بطاقة الوصول الى البرلمان على اساس العشيرة والقرابة والانتماء الحزبي دون النظر في كفاءته ونزاهته او التدقيق في مستواه العلمي والثقافي”.
جمهور الكتل السياسية
مع قلة حملة الشهادات العليا عموما في البرلمان، فان هناك كتلا سياسية تحرص على ضمان تمثيل قوي للمتخصصين والأكاديميين بين أعضائها، كالقوى الكردية التي لها حصة الأسد في التمثيل بأعضاء يحملون شهادات عليا، فمقابل كل ستة اعضاء هناك أربعة يمتلكون شهادات عليا.
في المقابل هناك كيانات سياسية وصلت فيها نسبة الحاصلين على تعليم ثانوي وتعليم جامعي اولي الى ١٠٠٪ مثل كتلة “الحل” بزعامة جمال الكربولي وكتلة “المشروع العربي” بزعامة خميس الخنجر.
يعلق الباحث سالار علي، على ذلك بالقول:”القوى الكردية منذ سنوات تحث كوادرها الحزبية على التقدم في مستويات دراستهم والحصول على شهادات عليا، وهي تفضل اختيار هؤلاء دون الآخرين ممن شهاداتهم متدنية، وهذا توجه جيد، لكن بعض هؤلاء هم ألقاب علمية بلا مؤهلات”.
ويرى أكاديميون وباحثون بينهم علي، ان ذلك التمثيل النيابي “المحبط للأمل والذي يعكس خللا وفسادا في البنية السياسية ينعكس على ادارة الدولة” هو ما يعزز حلقات التوافقات السياسية بين قادة الكتل بالموافقة او رفض القوانين والقرارات، حتى لو كانت تلك التوافقات بعيدة عن المصلحة العامة للشعب، وهو ما خلق نظام اقتصادي فاشل وادارة بيروقراطية غارقة في الفساد وترهل هائل في قطاع عام غير منتج، يستحيل معه النهوض بالبلاد.
لكن الدكتور يوسف محمد عضو مجلس النواب عن حركة التغيير الكردية، يرى ان ضعف التمثيل النيابي لأصحاب الكفاءات ليس ذنب القوى السياسية والاحزاب “فغالبية الكيانات السياسية تدفع بعدد كبير من المرشحين ممن يحملون مختلف الاختصاصات والشهادات، والجمهور هو من يمنح تذكرة الوصول الى قبة البرلمان لمن يريد”.
رغم ذلك فان طبيعة التمثيل البرلماني تختلف من محافظة الى اخرى. وربما يعكس التمثيل السياسي في كل محافظة مخرجات عمل الكيانات السياسية هناك، وذلك يتضح في حجم تمثيل النساء والرجال الحاصلين على شهادات عليا ضمن المحافظة الواحدة.
السليمانية والنجف كانت الأعلى تمثيلا للنساء ذوات الشهادات العليا داخل مجلس النواب، ومحافظات اربيل وصلاح الدين كانت الأعلى تمثيلا للرجال ذوي الشهادات العليا، اما في محافظة النجف فظهرت نسبة مثالية فمقابل كل خمسة رجال يمتلكون شهادات عليا هناك خمسة نساء يمتلكون ذات المستوى التعليمي.
هذا التمثيل الجيد لأصحاب الشهادات العليا في بعض المحافظات ليس بالضرورة أن ينعكس ايجابيا على واقع المحافظة.
يفسر النائب يوسف محمد الممثل عن محافظة السليمانية، ذلك بالقول ان “تأثير اصحاب الشهادات العليا داخل مجلس النواب هو تأثير عام، ولا يمكن له ان يكون تأثير خاص لصالح المحافظة او الكيان السياسي لأن الجميع داخل قبة البرلمان له دور في تصويب المناقشات والقرارات او التصويت ولن يتمكن اصحاب الكفاءات في هذه المحافظة او تلك من التأثير لصالح محافظة ما خاصة مع قلة عددهم مقارنة بمجموع اعضاء البرلمان”.
يراهن الدكتور محمد عبد الأمير، على أصحاب الكفاءات من النُزهاء لإحداث تغيير في مسار الدولة سواء بعملهم على اقرار تشريعات جديدة او اقتراح تعديلات على التشريعات الموجودة فضلا عن تفعيل آليات المراقبة والمحاسبة.
ويقترح لتحقيق ذلك أن يتضمن الدستور وقانون الانتخابات تحديدا فقرات تشترط في ان يكون 50% او 75% من اعضاء مجلس النواب من حملت الشهادات العليا أي باعتماد نظام الكوتا كما هو معمول به لعضوية النساء داخل البرلمان.
لكن الدكتورة سعاد عبد القادر، المختصة في مجال الاقتصاد، ترى ان ذلك لن يأتي بحل “فضعف الكفاءات ينخر في جسد حملة الشهادات العليا أيضا.. معظمهم لا يملكون المؤهلات ليكونوا صانعي قرارات تخدم المجتمع”.
وتنبه الى ان الأحزاب :”تتجنب في الغالب اختيار الكفاءات ممن لديهم أصوات ورؤى مستقلة وشخصية مؤثرة، فهي تفضل ترشيح من يجلبون لها الأصوات نساء ورجالا، بغض النظر عن امكاناتهم. والمهم في النهاية أن يلتزموا بتعليمات الحزب وضمان مصالحه”.
عبد القادر لا ترفض فكرة خوض الأكاديميين في عالم السياسة لكنها ترى انه في ظل فساد وخلل المنظومة السياسية وسيادة المحاصصة والمصالح الحزبية وغياب تكافؤ الفرص “لا يمكن لأفضل الاكاديميين احداث أي تغيير. ومن يفكرون اليوم بخوض هذا المجال في الغالب دوافعهم ترتبط بالمال والشهرة”.
التدريسي المتقاعد عبد الهادي نوح، يؤيد الرأي القائل بأن طبيعة تمثيل البرلمان الحالية وغياب الكفاءات عنه جزء من المشكلة، لكنه يرى انها ليست كل المشكلة، وينبه الى ان الكفاءات لاتعني بالضرورة حملة الشهادات العليا.
ويقول: “لا يوجد حل سهل وجاهز، بالنتيجة الأحزاب ترشح من يواليها حتى لو لم يمتلك الكفاءة، والناس تنتخب على أساس العشيرة والقرابة، والجميع في النهاية يخضع لارادة الكتل ومصالحها ولنظام المحاصصة حتى لو تقاطع مع مصلحة الشعب، وهذا ما يحملنا من خراب الى خراب”.
البيانات التي تم تحليلها صادرة عن موقع المرصد النيابي العراقي التابع لمؤسسة مدارك للبحوث والدراسات المعني بتوثيق أداء مجلس النواب من خلال الية رصد ومتابعة بالتعاون مع الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، إضافة الى المعلومات والبيانات التي توفرها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات عن أعضاء البرلمان الى جانب المكاتب الاعلامية الخاصة بأعضاء مجلس النواب.
التقرير من مخرجات مشروع المبادرة العراقية المفتوحة لكتابة التقارير المعززة بالبيانات والذي تديره منظمة أنترنيوز العراق