يتحدث مواطنون في منطقة الزعفرانية، إلى الجنوب الشرقي من بغداد، عن شابين يستقلان دراجتين ناريتين من نوع يعرف في الشارع العراقي باسم \”بطحة\” غالبا ما يقتنيه مراهقون وشباب في مقتبل العمر، ويذكر المواطنون أن هذين الشابين ينفذان عمليات اغتيال منظمة بمسدسات صوتها مكتوم وعبوات لاصقة، طالت عددا من سكان المنطقة ولاسيما أصحاب المحلات فيها، دون أن تتمكن قوات الأمن من إلقاء القبض عليهما.
ويقول سالم الجبوري (26 عاما) من أهالي الزعفرانية، إن \”أوصاف الشابين ونوعية الدراجات التي يستقلونها باتت معروفة لجميع سكان الزعفرانية، بل ان المعلومات الدقيقة تصف حتى نوع السلاح الذي يستخدمانه في عمليات الاغتيال، ولكن لم يتمكن أحد من إيقافهما أو إلقاء القبض عليهما\”.
أحمد شاكر، وهو اختصاصي أمراض القلب وأستاذ في كلية الطب بجامعة بغداد، استُهدِف الاثنين الماضي بعبوة كانت موضوعة داخل سيارته في الزعفرانية، فلقي حتفه.
ويروي الجبوري لـ\”العالم الجديد\” أن \”عمليات الاغتيال التي ينفذونها هي عمليات نوعية، حيث يستهدفون أشخاصا معينين، وحين يترجل أحدهما من دراجته ويسير باتجاه الهدف يسأل الضحية عن اسمه قبل أن ينفذ العملية\”.
ولم يستبعد \”وجود جهات تحاول استغلال التنوع في هذه المدينة المختلطة، لإشعال فتنة أو اقتتال طائفي، خاصة ان المدينة تجاور بؤرا ساخنة وحواضن إرهابية\”.
والزعفرانية من أكبر مدن بغداد وتقع في نقطة التقاء نهري دجلة وديالى، وتعد المدخل الجنوبي الرئيس للعاصمة الذي يوصلها بمحافظات الجنوب. وهي من مناطق بغداد التي تحتوي على أطياف متنوعة من الشعب العراقي، شيعة، وسنة، ومسيحيين، وأكراد، وتعد من مناطق بغداد القليلة التي لم تشهد اقتتالا طائفيا بعد حادثة تفجير الامامين العسكريين.
ويوضح عدي (27 عاما) أن \”الجميع يتحدث عن شابين بأوصاف اعتيادية، لا تستطيع أن تميزهما عن أقرانهما، وهما يرتديان ملابس مرتبة وحتى تسريحات الشعر توافق تسريحات الشباب المنفتحين، ويستقلان دراجات كالتي يستقلها المراهقون وهذا هو الذي يجعل أمر إيقافهما صعبا\”.
ويلفت عدي انتباه مراسل \”العالم الجديد\” بقوله إن الإجراءات التي تتخذها القوات الأمنية اثر العمليات التي ينفذها الشابان القاتلان هي \”التشديد على مداخل ومخارج المدينة، بينما العمليات تحدث في الداخل دون أن يتمكن أحد من إيقافها\”، مؤكدا أن \”المدينة تعيش رعبا حقيقيا، فكل واحد من سكنة المنطقة يتوقع أن يكون الهدف المقبل لهؤلاء القتلة الجوالين\”، ويردف بضجر \”والقوات الأمنية غير مهتمة\”.
ويرى سعد سلوم، الباحث والناشط المدني، أن \”هناك قوى تتاجر بالخوف، في محاولة منها لإثبات وجودها في الشارع، وإيصال المواطن إلى مرحلة اليأس من تحسن الوضع الأمني\”.
ويبين سلوم في حديث مع \”العالم الجديد\” أن \”هذه القوى تقوم بتنويع أعمالها ما بين مهاجمة محلات بيع الخمور بذريعة الحلال والحرام، إلى قتل النساء بحجة مكافحة العهر، أو اختيار نماذج معينة ذات شهرة في مناطقها كالأطباء أو أصحاب المحلات ليكونوا أهدافا لهم في تنفيذ عملياتهم\”.
ويشير سلوم إلى أن \”هذه الجماعات تستغل المناطق ذات التنوع الاثني، لتقوم بعملياتها لتقوية وجودها على الأرض، وإظهار الدولة بجميع مؤسساتها بمظهر العاجز عن تحقيق الحد الأدنى من أمن المواطن، ولا يشعر المواطن بأن هناك دولة تستطيع كبح جماح هذه الجماعات\”.
واتصلت \”العالم الجديد\” على هواتف مسؤولين في وزارة الداخلية للتعليق لكنهم لم يردوا.