أول من سكن شارع المفيد هو الحاج محمد الصحاف في سنة 1943
يجلس الحاج حسن دعدوش (71 عاما) بسكينة ووقار داخل مقهى نجم الجايجي، وسط شارع المفيد في قلب مدينة الكاظمية، وهو يستذكر تحولات سبعة عقود من عمر هذا الشارع العريق الذي مضى على تأسيسه 200 عام.
الشارع الذي لا يتجاوز طوله سوى 500 متر، ويبعد عن حضرة الامامين موسى الكاظم ومحمد الجواد حوالي 200 متر.
ويفتح دعدوش قلبه لـ\”العالم الجديد\”، متحدثا عن ابرز المهن التي راجت في هذا الشارع، ومن ثم تغيرت وتلاشت، فيقول \”هناك مهن تحولت في بداية السبعينيات، مثل مهنة النجارة التي تغيرت الى حد كبير، وتحولت من صناعة عربات الخيول الى صناعة الأبواب والشبابيك وغيرها\”.
ويضيف \”من أشهر النجارين في هذا الشارع، هو إبراهيم النقاش، الذي ما زال يمارس مهنته\”، مشيرا الى ان هناك \”مهنا متعددة راجت في هذا الشارع، بالاضافة الى تميز الشارع بالكثير من المقاهي التي تكاثرت فيه منذ عقود، وتعد ملتقى لرجال المدينة وملاذا لهم من روتين العمل والبيت، ومن أشهر تلك المقاهي التي بقيت لحد الان هي مقهى نجم الجايجي، التي اجلس فيه الان\”.
ويواصل دعدوش، وهو أحد كهول الكاظمية، الحديث عن أشهر الشخصيات والعوائل التي تقطن في هذا الشارع، قائلا \”منهم بيت جميل التتنجي، والذي كان يمارس مهنة بيع التبوغ، ومهدي الجيلاوي، وعائلة بيت جرموكة، ولقبهم السلامي، وكانوا هم أصحاب خان السلامي الذي أصبح الآن مدرسة في وقتنا الحالي واسمها مدرسة المواهب\”.
ويتابع \”من العوائل الاخرى التي كانت تسكن هذا الشارع أيضا هو بيت حجي عبد الرضا بمبع الخزرجي، وبيت أسطة سعيد الكاظمي، وبيت أسطة غني النجار، وبيت إبراهيم بعيرة السعدي، وبيت الحاج سعودي دوش، وغيرهم من العوائل العريقة في ذلك الوقت\”.
وعن سر تسمية الشارع يقول حميد مجيد دوش (57 عاما) بان \”تسمية الشارع تعود الى مدفن العلامة الفقيه الشيخ المفيد الذي يضمه الشارع\”.
ويردف \”كان الشارع الى ما قبل 200 عام أرضا زراعية وبساتين، وبعد ذلك بدأ هذا الشارع يتغير، فقد تم بناء ما يعرف بـ(الخان)، لاسكان الزائرين والمسافرين، بعد أن كان عبارة عن موقف لإسطبل خيول السائحين، ونقل البضائع\”، موضحا \”وكان اسم هذا الخان هو خان السلامي، نسبة لصاحبه\”.
ويتابع \”أصبح الناس بعد ذلك يمارسون التجارة مع مطلع القرن التاسع عشر، حيث اشتهرت فيه الحرف البسيطة مثل النجارة في صناعة عربات الخيول، والحدادة، وغيرها من الحرف، وتغيرت التجارة فيه بعد مرور عدة سنين، وأصبح أيضا فيه سكن لبعض العوائل الذين مارسوا مهن التجارة في نفس الشارع، ثم أخذت تتزاحم المباني السكنية داخله\”.
وبشأن التحول الحديث في المهن والحرف التي سبغت الشارع العريق طوال عقود، يتحدث علي سعودي (49 عاما)، لـ\”العالم الجديد\”، عن آخر تغيير حرفي وصناعي، إذ يقول \”حصلت عدة تغييرات، فبعد ان عمت ارجاء المكان مهنة النجارة، تغيرت فيه بعض المحال التجارية مطلع السبعينيات، واخذت تبيع المواد النشائية\”.
ويلفت سعودي قائلا \”وبسبب اجتياح النظام السابق للكويت، ونهب محتوياتها، فقد اضطر بعض التجار الى ايقاف التعامل مع المواد الانشائية، بسبب اختلاط تلك المواد بالمسروق من الكويت، الأمر الذي اضطر البعض الى غلق محله خوفا من المكسب الحرام\”.
ويختم حديثه قائلا \”ومع اشتداد أزمة الحصار، فان بعض التجار، اضطروا الى مغادرة المهنة تماما، فيما لا زال البعض يزاولها\”، منوها \”أما في مثل هذه الظروف، وبعد اغلاق الكاظمية بالكامل، فقد زادت تلك من مصاعب التجار واصحاب الورش الذين يضطرهم المجيء بالمواد المطلوبة الى استخدام العربات الخشبية الصغيرة، بدلا من السيارات الممنوعة\”.