بلغ عدد المعجبين بصفحة \”العراق ينتفض\” حتى لحظة نشر هذه القصة عند الخامسة والنصف من صباح اليوم الأربعاء 5 آلاف و305، وبحسب منظم التظاهرة فإن من المفترض أن يبلغ عددهم 10 آلاف.
و\”العراق ينتفض\”، هي صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تحاول جمع محتجين في ساحات بغداد للاحتجاج على أمور عدّة، منها بشكل أساس الأمن. وتأسست الصفحة بعد تفجيرات دامية طالت العراق الاثنين الماضي.
جاءت الفكرة من ناشط شاب، انطلقت شرارتها الاولى بالكتابة على صفحته الشخصية \”انتم تريدون الشعب يصرخ، لا يوجد غرابة بالموضوع؟ فالشعب هو انا وانت وهي ونحن، اذن تعالوا معي يوم الجمعة في ساحة التحرير ان كنتم موافقون فانشروها بين الناس للتحفيز\”.
بعد ذلك شرع بتأسيس صفحة \”العراق ينتفض\” وأخذ بجمع أصوات الشباب من أجل التظاهر في ساحة التحرير، وسط بغداد.
تزخر الصفحة على فيسبوك بشعارات تنبذ الطائفية، وتحتفي بالمواطنة، وتبحث عن الأمن والعمل.
وبحسب مسؤول الصفحة فإنه \”لا توجد اسماء معروفة منظمة للتظاهرة\”، ويؤكد \”انا شاب بسيط متخرج هذه السنة من كلية التربية الرياضية عمري 22 سنة، وقد انضم الي اثنان من أصدقائي الثقة لإدارة الصفحة، احدهم طالب كلية طب مرحلة ثالثة عمره 20 سنة، والثاني طبيب اسنان عمره 25 سنة\”.
ويقول منظم التظاهرة، الذي لا يريد الكشف عن اسمه ليس بسبب خشيته من الملاحقة الامنية بل لانه – كما يقول- لا يريد الشهرة، يقول في حديث لـ\”العالم الجديد\”، إن \”الشعب يحتاج التحفيز وخاصة الشباب، لانهم ركيزة اساسية في بناء المجتمعات، تحتاج هذه الطاقة فقط الى استثمار حقيقي وتحفيز للوقوف والصراخ بكل سلمية\”.
ويعلّق أحد الشباب على الصفحة ساخراً، بأن \”الذي ينظم التظاهرة لا يجيد الإملاء في بلد هو صانع البلاغة فكيف يريد ان تتبعه الناس\”، لكن سرعان ما يجيبه شخص آخر \”ليس المهم الاملاء ما دام يدعو إلى التخلص من الذي نحن فيه\”.
وينفي منظم \”العراق ينتفض\” تأثره بأي ثورة عربية، ويؤكد \”مؤسسو الفكرة على دراية كاملة بان وضع العراق مختلف عن مصر وتونس وحتى ليبيا وغيرها\”، ويوضح \”نحن بحاجة الى تماسك لا تباعد في الخطوط، قوتنا تكمن في وحدتنا مع بعض وتوطيد العلاقات بين جميع الاطراف لخلق معجم مشترك يتفق عليه الشعب بقرارات رشيدة من شبابه ومثقفيه، لتؤخذ بعين بالاعتبار وتنفذ من قبل صانعي القرار كتعديل القوانين اعلاه\”.
أغلب المعجبين بهذه الصفحة هم من الشباب الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ25 عاماً، وتبدو تعليقاتهم حماسية، إلا أنها في الوقت ذاته ملتزمة بسلمية التظاهرة.
\”لا تغضب إن غضب منك الشرطي.. ابتسم وأعطيه علما وباقة ورد.. دعونا نتنازل قليلاً\”، هذه إحدى وصايا البيان الذي يشرح مطالب المعتصمين الذين سيتوافدون إلى ساحة التحرير يوم الجمعة المقبل.
ويشكل الشباب 40 % من سكان العراق، وتعاني هذه الشريحة من المجتمع غياب الأمان، خاصة وأن الفترة الأخيرة شهدت تفجير مقاهٍ عدّة في العاصمة وبعض المحافظات، الأمر الذي لم يبق لهم أماكن تجمعهم.
سنان سعدي السبع، وهو شاب تبدو منشوراته على صفحة فيسبوك كئيبة، يتحدث مع \”العالم الجديد\” بأن هذه المرة الاولى التي سيخرج فيها بتظاهرة \”على أمل العثور على حل لشريحة الشباب، حيث وجدت ان ذلك بات ضرورياً وان لا نبقى مستسلمين قاعدين دون التذكير بكل ما يحرك واقع الشباب ويلفت الانتباه اليه، لعله يثير اهتمام ورعاية المسؤول الذي ابتعد عن مشاغلهم واحلامهم البرئية\”.
والسبع، الذي طالب مرّة عبر صفحته في فيسبوك بـ\”انتشاله من العراق\”، لم يبدُ متفائلاً كثيراً بالتظاهرة الذي سيذهب إليها رفقة أخيه عمار، إذ يؤكد \”رغم ان الامل يبدو ضعيفاً اذا ما عدنا الى نتائج التظاهرات السابقة (…) الا انه لا بد من تثبيت موقف شبابي وان لا نبقى صياماً على القول الحق وما علينا إلا ان نلقي كلمتنا ونمضي\”.
ويوضح سنان، وهو طالب في جامعة بغداد قسم الإعلام، بأنه \”بعد 10 سنوات خلت، لم ننعم بالحقوق المشروعة، لم يتغير الحال رغم تغير الوجوه والاجواء، اليوم صار حتميا ان يطلق الشاب صوته عاليا بوجه كابوس الخراب والتخلف\”، ويلفت إلى أنه \”لم يعد امام الشباب الا خيار الخروج في تظاهرات سلمية رافضة لواقع حالهم بعد ان اثقلت ايامهم بالتعب والمعاناة دون وجود اي بصيص امل ينتشلهم من حالتهم\”.
وبحسب بيان \”العراق ينتفض\” فإن لهؤلاء الشباب 16 مطلباً أهمها \”إنهاء المحاصصة الطائفية، وإلغاء رواتب متقاعدين البرلمان، والحد من البطالة وتعيين العاطلين عن العمل من خريجي جامعات ومعاهد، وتخفيض سن الترشيح في الانتخابات البرلمانية والبلدية الى 25 سنة، وتطبيق مشروع البترودولار بحيث يكون هناك حصه لكل ابناء الشعب من نفط العراق، ووضع سيطرات نوعية وتوجيه الجيش والشرطة بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان لاحترام الشعب، ومحاسبة قتلة مدرب نادي كربلاء محمد عباس، والمحافظة على ترسيخ جذور الاقليات في العراق كالمسيح والصابئة والشبك والايزيديين\”.
وبخصوص موافقة الجهات الأمنية على خروج التظاهرة، يقول المنظّم ان \”اي تظاهرة لا تحتاج الى تصريح، بل الى اشعار للجهات الحكومية المعنية، ونحن قدمنا اشعار وطلب تنظيم التظاهرة\”، ويبين \”إن حصلنا عليه سنرفقه في بيان الانتفاضة الاربعاء ليلاً او الخميس وان لم نحصل على الموافقات، فتحصيل حاصل سنكون بالموعد، لانني لا ارى غياب المنطق في مثل هكذا اشياء\”.
وتساءل \”هل نحصل على موافقة من الحكومة لنثور على قراراتها؟ (..) كما يعلم الجميع حقوق الانسان لا تعطى من احد بل هي طبيعية اعطانا اياه الله، وحق التظاهر احد هذه الحقوق بل من الحقوق الاساسية ضمن معايير الامم المتحدة للحقوق الـ 9 الاساسية الواجب توفرها للانسان اين ما كان\”.
وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي عدة حملات منها \”إنها بغداد\” و\”لا لحكم الأحزاب الإسلامية\”، إلا أنها سرعان ما نُسيت من دون أن تحقق شيئاً يذكر.