صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

شبّان هبّوا لمقاتلة (داعش): لم نخضع للتدريب على السلاح.. و(سيد) في الكرادة يقبض مرتبات (متطوعين وهميين)

ظنّ أحمد أنه حين يصل إلى قضاء بلد سيجري تدريبه لمواجهة أعدائه الذين جاء لقتالهم، إلا أنه فوجئ بمنحه بندقية كلاشنكوف وفرزه إلى جانب عدد من زملائه في برج مراقبة بالقضاء الملتهب أمنيا.

 

لم يكن أحمد، سابقا، قد جرب رمي الرصاص من كلاشنكوف، فهو شاب عقائدي شعر بتهديد محدق بعائلته التي تقطن في حي الشعب شرقي العاصمة، وجاء للدفاع عن نفسه ومدينته.

 

استبق الشاب الذي تجاوز العشرين توّاً فتوى الجهاد الكفائي التي أصدرتها المرجعية الدينية العليا بالنجف في حزيران الماضي بأيام عدّة.

 

يقول أحمد الذي بات يعمل سائق سيارة أجرة \”دّلني صديق والدي إلى رجل يبحث عن متطوعين إلى جانب الجيش لقتال (تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام) (داعش) وكان هذا الرجل ينتمي إلى كتائب حزب الله وهو الذي أخذ بيدي مع مجموعة أخرى من الشبّان وتم نقلنا إلى بلد من شارع المطار\”.

 

وأدى سقوط مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، بشكل متسارع، بأيدي تنظيمات إرهابيّة مسلّحة بينها \”داعش\”، إلى خشية الكثير من الشبّان من وصول التنظيم المتطرّف إلى العاصمة بغداد، فتطوعوا إلى جانب الميليشيات لحماية العاصمة.

 

ويذكر أحمد لـ\”العالم الجديد\”، \”اشتبكنا مرّة مع مجموعة إرهابيّة.. لم أكن أعرف التصويب عليهم.. وكان بعض أصدقائي كذلك\”، ويستدرك \”كانوا الشبان الذين سبقونا يكبروننا سناً.. استطاعوا إبعاد المجموعة بعد اشتباكات لم تؤّدِ إلى مقتل أحد من الطرفين\”.

 

قرّر أحمد بعد هذا الاشتباك عدم البقاء \”كنت اعتقد أنهم سيدربونني.. من دون تدريب يعني أني ميت\”.

 

كان أحمد يتقاضى مبلغ 750 ألف دينار شهرياً، وظلّ لشهرين، وفي إجازته التي تشابه إجازة الجيش، وهي 7 أيام في الشهر، لم يعد إلى موقعه في بلد.

\”الشباب الآن باتوا يتدربون.. أخيراً صاروا يعرفوا التصويب\”، يقول.

 

وبدأت قطعات من الجيش تدرّب المتطوعين الجدد على القتال، بعد أن راح الكثير منهم بسبب نقص خبرتهم بالتعامل مع السلاح، فضلاً عن قتال الشوارع الذي يخوضه المتطوعون مع المجموعات المسلحة.

 

وتختلف قصة ليث عن أحمد، فهو شاب خاض قتالاً إلى جانب ميليشيا جيش المهدي عام 2008 في مدينة الصدر شرقي بغداد، إلا أنه حمل سلاحه وقتها بشكل فردي، ومن دون تنظيم في الميليشيات، لـ\”قتال المحتل\”.

 

ليث شاب ملتزم دينياً، ويكره \”داعش\” لأنهم يشوهون صورة الإسلام، بحسب قوله.

دلّه أحد أقاربه إلى سيد معمّم يمتلك مكتباً في منطقة الكرادة من أجل التطوّع في صفوف إحدى الميليشيات الشيعية لقتال \”داعش\”، فطلب منه السيد مستمسكاته الأربع ورقم هاتفه.

 

يقول ليث لـ\”العالم الجديد\”، \”أعطيته مستمسكاتي.. فاخبرني أنها لغرض التدقيق\”، ويضيف \”مرّ أكثر شهر ولم يتصل\”.

 

كان ليث في هذه الأثناء متحضّراً للذهاب إلى القتال، وهيأ حقيبته، ووضع صورة ابنته التي تبلغ عامين من عمرها في بدلته العسكرية التي فصّلها بنفسه \”لا أريدها ضيّقة\”، يقول.

 

بعد أن مرّ الشهر عَلِمَ أن السيد أخذ مستمسكات من مجموعة شبّان إلا أنه لم يلحقهم للقتال.

اكتشف الشاب الذي تجاوز 27 عاماً من عمره، والذي عمل عتالا في منطقة جميلة، أن السيد متعاون يقبض مرتبّات من الدولة على شبّان لم يلتحقوا بالقتال أصلاً.

ويشير ليث إلى أن \”الفساد وصل إلى الدفاع عن مدننا.. ويسألوننا لماذا نيأس\”.

 

وبالرغم من أن تطوّع الشبّان في قوات \”الحشد الشعبي\” والميليشيات ساعد كثيراً في حماية المدن من سيطرة التنظيمات الإرهابيّة عليها، فإن ملفات فساد بدأت تظهر في هذا الجانب.

 

ويشكي ضبّاط من مقاتلين في \”الحشد الشعبي\” لا يأتمرون إليهم، وإنما إلى قادة الميليشيات الذين جندوهم، ما يساعد على وقوعهم في المعارك.

 

وبحسب لجنة الحشد الشعبي فإن عدد المتطوعين في عموم البلاد بلغ مليونين و500 ألف.

 

وتقول وزارة الداخلية إن متطوعي الحشد الشعبي يتمتعون بالحقوق والامتيازات أسوة ببقية منتسبي القوات المسلحة.

إقرأ أيضا