تصطحب فنار النجار (45 عاما) أبناءها الثلاثة إلى سوق بعقوبة، لتجهيز شجرة الميلاد، في طقس سنوي بدأته منذ 14 عاما، حيث اعتادت على تزيين هذه الشجيرة بأنواع مختلفة من المصابيح ومصغرات (بابا نؤيل)، بمساعدة أبنائها، منهية عملها بتعليق ظروف صغيرة تحمل بين طياتها قصاصات كتبت عليا أمنيات العام الجديد.
وتقول النجار، خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن زوجها يعمل منتسبا في الجيش العراقي، بمحافظة كركوك، ولم يسبق له المشاركة في شراء وتزيين الشجرة، إلا أن دوره الأساس هو شراء الهدايا إلى أفراد العائلة والتي تصفّ بجانب تلك الشجرة ليلة حلول العام الجديد.
وتضيف أن “الأشجار تغيرت كثيرا خلال الـ5 سنوات الأخيرة، فسابقا كانت الأنواع تقتصر على اللون الأخضر الصافي والثلجي، أما الآن فقد وجدتُ في السوق اكثر من 10 أنواع من الأشجار، إضافة إلى عدد اكبر من مواد الزينة، بمختلف الأسعار والأشكال والأنواع”.
لكن بسبب ارتفاع الأسعار، قررت المرأة الأربعينية إعادة استخدام شجرتها التي تحتفظ بها من العام الماضي، وجرى الاقتصار على تجهيزها بالزينة الجديدة التي كلفتها قرابة الـ50 ألف دينار.
وأثرت أزمة ارتفاع أسعار صرف الدولار سلبيا على السوق العراقية لاسيما البضائع أجنبية الصنع، إذ ارتفعت أسعار السلع المستوردة ومنها أشجار الزينة إلى أضعافها قبل ارتفاع سعر الدولار.
كما انعكس تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، على اغلب جوانب الحياة العامة، منها مواد البناء والذهب والخضار وغيرها من الأمور الأساسية، ما خلق حالة من السخط الشعبي تجاه القرار.
من جانبها، لم تكن نجاة البطاط (51 عاما) على معرفة بطقوس أشجار الميلاد، إلا بعد أن حلت في منطقتها أسرة مسيحية، في تسعينيات القرن الماضي، إذ كانت تلك الأسرة تولي أهمية كبيرة لإعدادها وتزيينها، ولكونها ذات ألوان براقة وتحتوي أنواعا من الزينة، تقول البطاط، لـ”العالم الجديد”، إن “الشجرة استهوت أبنائي الذين كانوا أطفالا آنذاك، ومنذ ذلك الوقت والى الآن نعمل معا على تجهيزها ونستذكر عائلة أم موريس التي هجرت الوطن بسبب الأحداث التي تعرضت لها ديالى ولا نعلم عنهم شيئا حاليا”.
وعن الأسعار لهذا العام، تضيف البطاط: أن “الأشجار شأنها شأن كل البضائع في الأسواق، تأثرت بأسعار الدولار”، لافتة إلى أن “أغلب الأسر تميل إلى شراء الأشجار متوسطة الطول وذات الزينة المعتدلة، لتخفيف النفقات التي تتطلبها، إذ أن سعر الشجرة التي اشتريتها لهذا العام كان 75 ألف دينار إضافة إلى الزينة التي كلفت 35 ألفا”.
وبشأن ذكرياتها عن أيام الميلاد، تشير المرأة الخمسينية إلى “وجود أربع كنائس في ديالى، كانت تقام فيها قداس الأعياد، وتسمع منها أصوات الأجراس في هذه المناسبات، إلا أن الأمر تلاشى تدريجيا مع هجرة المسيحين إلى خارج العراق، وبقاء عدد قليل منهم، انتهى بهم الحال إلى اختيار العاصمة بغداد للعيش”.
وهاجرت أعداد غير قليلة من المكون المسيحي منذ 2003، وبحسب إحصاءات غير رسمية تنشرها منظمات ومؤسسات مسيحية، فإن العدد الإجمالي للمسيحيين حالياً في عموم العراق بضمنه إقليم كردستان، من الكلدانيين و السريان الكاثوليك والاورثودكس والاشوريين والارمن والانجيليين، يصل إلى 260 ألف نسمة، وهم من أصل نحو 1.5 مليون كانوا متواجدين في 2003.
محمود النقاش، وهو صاحب محل لبيع الهدايا وأشجار الزينة، يؤكد لـ”العالم الجديد”، أن “موسم تجهيز الأشجار يبدأ منذ منتصف شهر تشرين الثاني، وتكون ذروة بيعها خلال الفترة من 10 – 25 كانون الأول ديسمبر، حيث يزداد الطلب عليها بشكل كبير”.
ويضيف النقاش، أن “الأنواع التي دخلت حديثا هي أشجار الدنفش والليزرية والتي تتراوح أسعارها من 150 ألفا إلى 350 ألف دينار بحسب الارتفاع، أما الأشجار الخضراء المعتادة فهي أقل سعرا، واكثر مبيعا، ويرتبط سعرها بكثافة الأوراق التي تكون في أغصانها”.
وعن ملحقات الزينة يشير إلى أن “هناك مواد أخرى مرتبطة بأشجار الميلاد ومنها بيت الثلج، وهو عبارة عن مجسم لمنزل من البلاستيك يُملأ بالهواء ويكون باللون الأحمر، ويحمل صور (بابا نؤيل)، إضافة إلى أرضيات الفرو الأبيض التي توضع تحت الأشجار، وعلب الهدايا التي تستخدم للزينة، والجوارب الحمراء والنجوم وعصا الحلوى وغيرها”.
ويتابع أن “لكل بضاعة، سوقا محددة، فالأشجار ذات الارتفاع العالي التي تصل إلى اكثر من 3 أمتار، وتكون كثيفة سواء خضراء أو ثلجية، وزينتها تكون مدمجة معها تصل أسعارها إلى مليون دينار، ويتم شراؤها من قبل أصحاب المولات التجارية والمراكز الطبية، وما يميزها هو إمكانية استخدامها لأكثر من 5 سنوات متتالية، لكونها متينة الصنع، وبجمالية كبيرة”.
ويتحدث البائع عن أن “الأحداث التي يمر بها البلد، تنعكس إيجابا أو سلبا على اندفاع المواطنين نحو الشراء، سيما الكمالية منها، وضمنها الأشجار”، مذكرا بما “تعرضت له ديالى من حادث أمني قبل فترة وجيزة في منطقة العمرانية، إضافة إلى حادثة حريق الحمدانية في الموصل والذي راح ضحيته عدد من المسيحيين في قاعة أعراس، حيث تسهم هذه الأمور والتي تتزامن مع ارتفاع الأسعار في الحد من الرغبة في الشراء”.
وشجرة عيد الميلاد، هي أحد أكثر تقاليد عيد الميلاد انتشارا وهي الرمز الرئيسي له، وعادة ما تكون هذه الشجرة صنوبرية أو مخروطية خضراء مثل شجرة التنوب أو الراتينجية أو الصنوبر أو السرو أو شجرة اصطناعية من مظهر مماثل، وترتبط مع الاحتفال بعيد الميلاد عادة بوضع الشجرة تكون عادة داخل البيت مع تزيينها.