شرط “ضبابي” لمرشح رئاسة الجمهورية.. من يحدد امتلاكه “الخبرة السياسية”؟

تتضمن الشروط القانونية لمرشحي رئاسة الجمهورية، أن يكونوا ذوي “خبرة سياسية”، من دون تفصيل هذا الشرط…

تتضمن الشروط القانونية لمرشحي رئاسة الجمهورية، أن يكونوا ذوي “خبرة سياسية”، من دون تفصيل هذا الشرط بشكل وافٍ، وهو شرط أطلق عليه محللون سياسيون تسمية “مصطلح موسمي”، وأكدوا أنه لا قيمة له أمام التوافقات السياسية، فيما أشاروا إلى أنه استخدم حاليا بين الحزبين الكرديين المتنافسين لتسقيط كل منهما مرشح الآخر، إلا أن خبيرا قانونيا أوضح أن هذا الشرط ورد في القانون والدستور، وأن من يحدد صاحب “خبرة” من عدمه هو البرلمان.

ويقول المحلل السياسي راجي نصير خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العملية السياسية في العراق تنطوي على كثير من المصطلحات الموسمية، أي أنه مع كل مشروع يطرح ومع كل تطور يحصل نشاهد ابتكار مصطلحات جديدة تتناسب مع الوضع الحالي، لكن بالنتيجة عندما يتم الاتفاق تنتهي كل هذه المسميات”.

ويضيف نصير أن “موضوع الخبرة السياسية أثير الآن لإفشال مشروع طرح عبد اللطيف رشيد وزير الموارد المائية الأسبق كمرشح وسطي أو توافقي بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستانيين، على اعتبار أن الاتحاد يرى عدم امتلاك رشيد الخبرة السياسية وإنما الإدارية فقط، وهو الكلام ذاته الذي يقال بحق ريبر أحمد باعتباره وزيرا للداخلية في كردستان”.

ويلفت نصير إلى أن “هذه المصطلحات وقتية تبتكر لمعارضة حالة معينة، لكن عندما يصلون إلى توافق تختفي جميعا ونعود إلى المربع الأول، كما شاهدنا كيف أن البعض، وفي مقدمتهم الحزب الديمقراطي وربما تحالف السيادة، تحدثوا عن الأغلبية السياسية ولكن في النهاية عادوا إلى شروطهم التقليدية التي هي التوافق والشراكة والتوازن”.

يشار إلى أن شروط الترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وكما أعلنها مجلس النواب تتضمن أن “يكون الشخص عراقيا بالولادة ومن أبوين عراقيين، وكامل الأهلية وأتم الأربعين سنة من عمره، وذو سمعة حسنة وخبرة سياسية ومن المشهود له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والإخلاص للوطن، وأن تقل المؤهلات العلمية للمرشح عن الشهادة الجامعية الأولية المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق، بجانب عدم الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف، وأن لا يكون من المشمولين بأحكام إجراءات قانون المساءلة والعدالة أو أية إجراءات تحل محلها”.

ومن المفترض أن تعقد اليوم الخميس، جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وسط منافسة 33 مرشحا من أصل 59 تقدموا بطلبات الترشح، وتم استبعاد 26 منهم لأسباب مختلفة منهم 14 مرشحا لعدم امتلاكهم الخبرة السياسية، بحسب إعلام البرلمان.

يشار إلى أن الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، دخلا في صراع كبير بعد إجراء الانتخابات النيابية خلال تشرين الاول أكتوبر الماضي، حول منصب رئيس الجمهورية، فقد طالب الأول بهذا المنصب، كونه صاحب أكبر عدد من المقاعد النيابية عن الأحزاب الكردية، في وقت يصر الآخر عليه، نظرا لتقاسم المناصب القائم منذ 2005، حيث يسيطر الحزب الديمقراطي على مناصب حكومة الإقليم فيما تذهب رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني.

من جهته، يوضح الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا المصطلح يدخل ضمن قانون الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم 8 لسنة 2012، حيث نص على هذا الشرط، وأيضا الدستور العراقي نص على هذا الشرط، وبالتالي فإنه ورد في الدستور والقانون”.

ويبين التميمي أن “من يحدد الخبرة السياسية وتوافرها هو البرلمان عند تصويته على المرشح، سواء كان وزيرا أم غيره، والبرلمان يقيم ما إذا مستوفيا هذا الشرط أم لا”.

وقد أصبح تقاسم الرئاسات الثلاث، عرفا في العملية السياسية العراقية، من دون أن ينص عليه الدستور، وبدأ عقب انتخابات عام 2005، حيث تشكلت حكومة إبراهيم الجعفري (شيعي)، وتسلم منصب رئيس الجمهورية القيادي الكردي الراحل جلال الطالباني، فيما ترأس الجمعية الوطنية (البرلمان حاليا) حاجم الحسني (سني).

يذكر أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية فشلت سابقا ثلاث مرات، منذ عقد الأولى في آذار مارس الماضي، بسبب عدم تحقق النصاب القانوني وهو ثلثي عدد مقاعد البرلمان 220 نائبا.

إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي جاسم الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هذا المصطلح كلاسيكي، وهو ليس شرطا معطلا إذا اتفقت القوى السياسية على مرشح”.

ويشير الموسوي إلى أن “هذا الشرط يمثل محاولة لإظهار أن الاختيار يكون ضمن معايير مهنية، ولكن في الحقيقة لا يحسم هذه الأمور سوى التوافقات، وأمامها لا قيمة لهذه المعايير”.

يذكر أن مطالبات عديدة برزت لحل البرلمان، بعد إخفاقه بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم تكليف مرشح بتشكيل الحكومة، واستندت في حينها لخرق البرلمان للتوقيات الدستورية، التي نصت على انتخاب الرئيس بعد 30 يوما من عقد أول جلسة للبرلمان.

يشار إلى أن الخبير القانوني علي التميمي، نشر يوم أمس توضيحا، ذكر فيه أن المدة الدستورية هي مدة تنظيمية ولا يعني تجاوزها سقوط تطبيق الحق خارج أمدها، أي بمعنى أن هذا الحق، أي انتخاب رئيس الجمهورية، باق رغم تجاوز مدة الـ30 يوما، ولم يسقط أصل الحق بتجاوزها، ويمكن معاودة تحديد موعد جديد لانتخاب رئيس الجمهورية من قبل رئاسة البرلمان.

إقرأ أيضا