صحیفة متحررة من التحیز الحزبي
والطائفي ونفوذ مالکیها

صحف ومواقع عالمية تشن هجوما لاذعا على العراق لتمريره قانون «الأحوال الشخصية»

يستمر الجدل حول إقرار البرلمان العراقي لتعديل قانون الأحوال الشخصية والمخاوف من تأثيراته السلبية على حقوق النساء والأطفال. وفي يوم القضاء العراقي، شنت صحف عالمية عبر مضامينها المنشورة، اليوم الخميس، هجوما لاذعا على الحكومة والبرلمان العراقيين على خلفية تمرير التعديل، مؤكدة  أنه خالف الاتفاقيات الدولية واستبدل القضاة برجال الدين.

وذكرت وكالة “أسوشيتد برس”، أن “إقرار العراق تعديل قانون الأحوال الشخصية، سيترك آثارا كارثية على حقوق المرأة والفتاة في العراق، وسيعطل آليات الحماية في الطلاق والحضانة والميراث للمرأة”.

فيما اعتبريت “الديلي ميرور”، “الاكسبرس” و “الديلي ريكوردر”، القانون، خرقا مباشرا للاتفاقيات التي وقع عليها العراق وتضمن حقوق الأطفال”، معتبرة أن “القانون أصبح يشرعن الزواج من الأطفال حتى سن التاسعة في العراق، وقالت إنه “تراجعا” في مستوى حقوق الإنسان داخل العراق”.

إلى ذلك، رأت صحيفة “ذا سن”، أن “القانون أستبدل دور القضاة في شؤون الأحوال الشخصية، وجعل البت في أحكام الأحوال الشرعية من مهمة رجال الدين والغى بذلك دور القضاة الرسميين في البلاد فيما يتعلق بهذه القوانين المهمة التي ترتبط بحياة الأفراد بشكل مباشر”، على حد وصفها. 

فيما أشار موقعا “روسيا 24” و”bbc”، إلى طريقة تصويت البرلمان على قانون الأحوال الشخصية”، مبينين أن “القانون خرق الاتفاقيات التي وقع عليها العراق”.

فيما رجحت صحيفة “ديلي ريكورد”، “إلغاءه، نظرا لمخالفته الالتزامات الرسمية للعراق ضمن الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها”.

وانتقدت البطريركية الكلدانية في العراق، أمس الأربعاء، تمرير البرلمان تعديل قانون الأحوال الشخصية، واصفة إياه استهداف للحرية الفردية وخطوةٌ الى الوراء، فيما دعت إلى تفعيل الكوتا المسيحية.

وكان تحالف النهج الوطني، أمس، التوجه صوب المحكمة الاتحادية للطعن بجلسة البرلمان، فيما أكد رفضه لطريقة الإدارة غير المسؤولة.

وأتم مجلس النواب، أمس الأول الثلاثاء، التصويت على القوانين الجدلية الثلاثة: الأحوال الشخصية، والعفو العام، وإعادة العقارات إلى أصحابها بعد خلافات امتدت لأشهر، ودفعت إلى إلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات بشأنها.

وسبق لمجلس النواب أن صوّت على مواد القوانين الثلاث في جلسته التي عقدت في الأول من كانون الأول ديسمبر 2024،  لكنه أرجأ التصويت على مشاريع القوانين بمجملها إلى حين حسم نقاط الخلاف، ومضى بالتصويت أمس، على القوانين ككل دون أي تعديلات جديدة، وهو ما أثار حفيظة العديد من النواب الرافضين لبعض موادها.

وأكد النائب ياسر الحسيني، أمس الأول الثلاثاء، المضي بجمع أكثر من 130 توقيعا لإقالة رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، وذلك على خلفية ما وصفها بالمخالفات التشريعية التي شابت الجلسة”، مبينا أن إدارة الجلسة “لم تكن موفقة”، وأن مخرجاتها كانت “غير دستورية”، إذ تم التصويت على 3 قوانين دفعة واحدة بطريقة غير قانونية ومخالفة لضوابط مجلس النواب، ولم يتم التأكد من اكتمال النصاب القانوني لحضور الجلسة”.

وأوضح النائب معين الكاظمي، أمس الأول الثلاثاء، أن “قانون الأحوال الشخصية الجديد يخص المكون الشيعي في العراق ولا يؤثر على بقية المكونات الأخرى”، مشيرا إلى أن “القانون الجديد يمنح المواطنين العراقيين الشيعة الحق في اختيار تطبيق قانون الأحوال الشخصية وفقا لمذهب أهل البيت وهذا الأمر لا يمنع أي مواطن شيعي من الاستمرار في تطبيق القانون القديم إذا رغب في ذلك”.

وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.

ومنح التعديل البرلمان العراقي وخبراء في الفقه الإسلامي والقانون أربعة أشهر لتقديم ما يسمى “مدونة الأحكام الشرعية” التي سيكتبها بشكل منفصل كل من المرجعية الدينية في النجف ممثلة للمذهب “الشيعي” والمجمع الفقهي في بغداد ممثلا للمذهب “السني”، على أن يجري التصويت عليها فيما بعد.

وبحسب مراقبين، فإن قانون الأحوال الشخصية الجديد قد يثير العديد من المشكلات المتعلقة بحضانة الأطفال، ويعمق من الخلافات المذهبية في البلاد.

وحذرت منظمة العفو الدولية “أمنستي” في تشرين الأول أكتوبر 2024 من أن التعديلات قد تفتح الباب أمام تزويج الطفلات، ما يعتبر تراجعاً عن المكتسبات القانونية للمرأة.

وينص مشروع القانون على أنه “إذا اختلف أطراف القضية الواحدة في الأسرة بشأن تحديد مصدر الأحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها”، كما يلزم التعديل الجديد “المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال 6 أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون”.

ويشمل التعديل كذلك تصديق محكمة الأحوال الشخصية على عقود الزواج “التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني بإبرام عقود الزواج، بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين”.

ومنذ العام 2017، عجزت قوى سياسية ذات خلفيات دينية عن إقرار القانون تحت ضغط الشارع العراقي، ومنظمات المجتمع المدني، التي عدّت القانون واحدًا من القوانين المجحفة بحق المرأة والطفولة.

وأثار توجه البرلمان لإجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية، ردود فعل غاضبة من قبل ناشطين ووسائل إعلام حذروا مما وصفوه تكريس الطائفية وتعظيم سلطة المذاهب على حساب القضاء، ومنح أحزاب السلطة نفوذاً أكبر، وسط انتقاد منظمات حقوقية وخبراء قانون أيضاً.

وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق قد أُقّر عام 1959 خلال عهد رئيس الوزراء آنذاك عبد الكريم قاسم، وهو قانون يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها على أنه “يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم”.

إقرأ أيضا