يوما بعد آخر وشيئا فشيئا أخذت تتكشف الحقائق بخصوص المجازر التي حصلت في صلاح الدين، لاسيما مجزرة طلاب القاعدة الجوية، وكذلك الجنود الآخرين المكلفين بحماية هذه القاعدة. ورغم أن قليلا من المتابعين حرص على إثارة الموضوع وضرورة الاهتمام بحجم ما تعرض له الجنود من كارثة حقيقية فإن الجهات الرسمية، وحتى بعض القنوات المساندة للدولة العراقية، زهدت بتلك القضية لأسباب مختلفة، أما بعضهم فقد حاول التشكيك عبثا بتلك المجزرة، واختزل الأمر في حرب نفسية يشنها (داعش) على الجيش والدولة بشكل عام.
ما أعطى زخما اكبر للموضوع هو التسجيلات المرئية التي بثها (داعش) في أيام عيد الفطر. أعقب ذلك إعلان بعض المسؤولين في البرلمان بان أعدادا كبيرة من الجنود والطلاب ما زالوا قيد الاحتجاز عند بعض عشائر صلاح الدين، تزامن هذا مع ظهور بعض الشهود ممن نجوا من الحادثة. بعض هؤلاء في مدينة الديوانية، وبعضهم في محافظة ذي قار، وهناك تقارير تحدثت عن ناجين في محافظة النجف.
التفاصيل عند جمعها مما ترشح عن المجزرة، من الناجين أو التسجيلات التي ظهرت تكاد تكون متطابقة وكل منها يكمل الآخر.
شخصيا وفي الأسبوع الأول للمجزرة تواصلت لصالح \”العالم الجديد\” مع أحد الناجين الذين وصلوا بأعجوبة إلى أهاليهم، وسرد جزءا من القصة وخصوصا المجزرة التي ارتكبت ضد بعض هؤلاء الجنود في منطقة تقع بين بلد والإسحاقي.
يوما بعد آخر تكتمل الصورة عن المجزرة، وتتضح أكثر وأكثر، لكنها ما زالت بحاجة إلى جهد توثيقي يتناسب وحجم الكارثة. توثيق تلك المجزرة وغيرها يحتاج إلى جهد مؤسساتي علمي من اجل تنسيق الجهود، وجمع التفاصيل المتعلقة بالحادثة، ومتابعة الجناة الذين اشتركوا مع (داعش)، خصوصا وأن تنفيذ المجزرة تم في أكثر من مكان، وبأساليب مختلفة.
ما حصل جريمة وكارثة بكل ما تعني الكلمة من معنى. يجب الاهتمام بالموضوع، من اجل توثيق الحقائق، وفضح الجهات التي وقفت وراء تلك الفعلة النكراء، وتوظيف ذلك إعلاميا بشكل جيد. الحرب النفسية لا تكمن في التكتم على تلك الفعلة، بل في إثارة الموضوع على الأقل لزرع الدافع عند بقية المقاتلين.
gamalksn@hotmail.com